تشهد العلاقات بين المغرب والولاياتالمتحدة مناوشات بشأن مسألة الحرية الدينية في المغرب الذي رحل ما يقرب من 100 أجنبي مسيحي خلال شهر مارس الماضي. وتعرض كريستيان ساينس مونيتور جلسة الاستماع التي أجرتها يوم الخميس الماضي إحدى لجان الكونغرس المعنية بحقوق الإنسان حول وضعية الحرية الدينية في المغرب، الذي يتلقى مساعدات أميركية تُقدَّر قيمتها ب 700 مليون دولار من خلال مؤسسة تحدي الألفية التابعة للحكومة الأميركية. وقالت إنه وفي أعقاب الخطوة التي قامت بموجبها السلطات المغربية بترحيل نحو 100 أجنبي مسيحي، بدأت السلطات في المغرب والولاياتالمتحدة تتناطح بشأن الحرية الدينية، مع فتح كلا الجانبين تحقيقات في قضايا متعلقة بهذا الشأن، من الممكن أن تؤدي إلى إحداث توتر في العلاقات بين البلدين الحليفين. وتلفت الصحيفة الأميركية في هذا الجانب إلى أن السيناتور فرانك وولف، العضو الجمهوري عن ولاية فرجينيا والرئيس المشارك لهيئة توم لانتوس لحقوق الإنسان، قد طالب بتعليق المعونة التي تقدمها مؤسسة تحدي الألفية إلى تلك الدولة التي تتجاهل بشكل صارخ حقوق المواطنين الأميركيين المقيمين في المغرب وتطرد المواطنين الأميركيين بقوة دون إتباع الإجراءات القانونية الواجبة في رسالة إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. بيد أن الصحيفة تستبعد حدوث ذلك، نظرا ً لتعاون الولاياتالمتحدة بشكل وثيق في البرامج العسكرية وبرامج مكافحة الإرهاب مع المغرب، بالإضافة إلى اتفاقية التجارة الحرة التي تتعامل من خلالها مع المغرب منذ مدة طويلة. ومع هذا، يشعر بعض المغاربة أيضا ً بالاستياء من الولاياتالمتحدة. وتشير ساينس مونيتور في هذا الجانب إلى أن المغاربة يتساءلون الآن عما إن كان المبشرون الأميركيون يقومون – سرا ً وبشكل غير قانوني – بنشر المسيحية بين الفقراء أم لا. ويوجه بعضهم الاتهامات إلى مدرسة أميركية، يقولون إنها تغرس المعتقدات المسيحية في الطلاب. وهو الأمر الذي تقول الصحيفة إنه أثار غضب أعدادا ً كبيرة من المسلمين وأثار نقاشا ً حول الكيفية التي ينبغي أن يُدَرَّس من خلالها الدين في عالم يتجه نحو العولمة. وهي القضية التي تحقق فيها الآن الشرطة المغربية. هذا ويوجه آباء وأمهات ومعلمين سابقين اتهاماتهم إلى أكاديمية جورج واشنطن التي تقع خارج الدارالبيضاء، وتجتذب الطلاب من خلال واجهة التفوق الأكاديمي متعدد الثقافات، فقط لتقوم بنشر المسيحية. ومع تحول الأكاديمية إلى موضع للشبهة، بالتزامن مع نفيها كل ما يُوَجَّه إليها من اتهامات، طالب مصطفى الرميد، السياسي الإسلامي البارز الذي تسببت شكواه في إقدام الشرطة على فتح باب التحقيقات، بأن تقوم السلطات القضائية بالتحقيق في المسألة أيضا ً. ونقلت عنه الصحيفة في مقابلة أجريت معه من مكتبه في الدارالبيضاء، قوله :" من غير الوارد أن يُساء استخدام إحدى المدارس ليستعان بها في تنصير الأطفال – وهذا الأمر ينطبق على أي مدرسة في هذا البلد. وأنا أقول إن الأجانب مطالبون بأن يحترموا قوانينا". وهو نفس الرأي تقريبا ً الذي أبداه أحد الآباء على الموقع الإلكتروني الخاص بالشكاوى المتعلقة بهذا الأمر، حيث قال :" في الوقت الذي يعتز فيه المغاربة بكونهم مسلمين، فإن هذا لا يمنعهم من أن يكونوا متسامحين ومحترمين تجاه الآخرين. لكن لا يجب أن ينظر الآخرون إلى هذا الانفتاح على أنه نقطة ضعف". وفي المقابل، انتقدت ديبورا ماك آرثر، رئيسة أكاديمية جورج واشنطن، الدعاية الهستيرية التي تسببت في حدوث كل ما أثير حولها من موجات جدل. وتابعت حديثها في السياق ذاته بالقول إن المدرسة، التي يُكَوِّن قوامها الطلابي 60 % من الطلبة المغاربة، و20 % من الأميركيين، و20 % من جنسيات أخرى، تعمل بمثابة "جوهرة التاج" بالنسبة للصداقة المغربية الأميركية منذ أن تم تأسيسها قبل ثلاثة عشر عاما ً. وفي حديث له مع الصحيفة، يقول قادر إيغيري، مواطن مغربي، إن التنصير المنهجي الذي انتهجته أكاديمية جورج واشنطن مع ابنه الذي يبلغ من العمر 12 عاما ً تركه مضطربا ً بالرؤى العنيفة ونافرا ً من عائلته وثقافته. وبعد أن أعرب عن عدم رضاه عن القرارات التي اتخذت بطرد مسؤولي الأكاديمية، أبدى إيغيري أمله في أن يُلقي تحقيق السلطات المغربية الضوء على ما كان يحدث في المدرسة. وطالب بضرورة تحديد الأشخاص المسؤولين. بينما قالت مُدَرِّسة سابقة، رفضت الكشف عن هويتها، إن معلمين متشددين في المسيحية كانوا يبعثون برسائل مختلطة إلى الطلاب المسلمين خارج غرفة الدراسة، وأن بعض الطلاب كانوا يسألونها عما إن كانوا سيدخلون الجنة إذا لم يؤمنوا بإله المسيحية. ورغم هذا، تلفت الصحيفة إلى أن الكثير من الآباء مازالوا يتعهدون بولائهم إلى المدرسة، من منطلق اعتقادهم بضرورة أن يتم تعليم أبنائهم الأسس التي تجعلهم يحترمون جميع الأديان.