ينتمي للمغرب العميق وكسر قاعدة استحواذ العائلات الكبرى على "دار الملك" ووري المستشار الملكي "مزيان بلفقيه" الثرى يوم الثلاثاء 12 ماي الجاري بحضور عدد كبير من الوزراء والمستشارين وشخصيات رسمية،بمسقط رأسه "تاوريرت" ،المدينة التي أوصى بدفنه بها. ووصف المحلل السياسي محمد أتركين مزيان بلفقيه "بالشخصية العصامية" ،وأن الراحل "بلفقيه" كسر قاعدة ومفهوم العائلات الكبرى في محيط الملك أو ما يسمى ب"دار الملك". وينحدر "مزيان بلفقيه" من أسرة عادية،من منطقة تاوريرت بالمغرب العميق،(وهي عبارة تطلق على مناطق مهمشة بجنوب المغرب). وأكد "أتركين" أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات جنوبالرباط، أن قوة الراحل "مزيان بلفقيه" تتمثل أولا "في كونه يمثل نخبة التكنوقراط المنحدرين من مدارس المدرسة الوطنية للقناطر والطرق بباريس،ويقدم دائما باعتباره -صيادا- لمجموعة كبيرة من النخبة التكنقراطيبة المغربية ، مما جعل الكثير من الكتابات تصفه بالعراب وبالأب الروحي للعديد من الوزراء ومدراء المؤسسات العمومية. و تكمن قوته ثانيا في طبيعة الملفات التي كان يشرف على تدبيرها،من قبيل ملف التعليم الذي اعتبر أولوية منذ سنة 1996،وأيضا ملف الأمازيغية، إذ ترأس"مزيان بلفقيه" ما سمي حينئذ باللجنة الخماسية التي كانت تتفاوض مع مجموعة "محمد شفيق" العميد السابق للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،من أجل إيجاد حل "لسؤال الهوية المغربية". ليتم في آخر المطاف تعيين محمد شفيق عميدا للمعهد. بزغ نجم مزيان بلفقيه بعد استرجاع المغرب للصحراء من إسبانيا، فغداة المسيرة الخضراء عينه الحسن الثاني منسقا لمجموع مصالح وزارة الأشغال العمومية والمواصلات بمدينة العيون،وقام بالإشراف على بناء مئات الكيلومترات من الطرق في منطقة الصحراء التي كانت تعاني من خصاص كبير في البنية التحتية،وميز ذلك انجازها في وقت وجيز. كان بلفقيه من الأشخاص المكلفين بالقائمة الوزيرية وهي عبارة عن لائحة تضم أسماء ثلاث أطر،تقدمها الأحزاب المغربية له،ثم يقوم بتنقيحها واختيار من سيشغل المنصب الوزاري الشاغر أو بعد إجراء الانتخابات،وقام في العديد من المرات "بفرض" وزراء غير حزبيين على أحزاب معينة،كما حصل مع وزيرة الثقافة السابقة ثريا جبران، وزير الشباب والرياضة منصف بلخياط، و وزير السياحة ياسر الزناكي. عرف عن "مزيان بلفقيه"تواضعه وصمته،وكان يرفض الظهور الإعلامي،يقول المحلل السياسي "أتركين" في هذا الصدد،"إسم مزيان بلفقيه لم يكن متداولا بشكل كبير، فهو شخص عرف عنه تفضيله الدائم للتواري عن الأنظار والعمل دائما في الظل، واقتصاره على لعب دور المستشار عوض الفاعل". واستدرك أتركين "الخرجة الإعلامية الوحيدة "لمزيان بلفقيه" كانت بمعية المستشار الملكي محمد المعتصم، سنة 2007 على صفحات"الأحداث المغربية"، بعد ورود اسميهما في وسائل الإعلام ومجالس النخبة بصفتهما المهندسين الحقيقين لجزء من حكومة عباس الفاسي، وكانت هذه الخرجة الاستثنائية بمثابة توضيح لحدود وظيفة "المستشار الملكي". واعتبر الكثير من المراقبين أن إعفاء الملك وزير الداخلية السابق "شكيب بنموسى" وقبله وزير السياحة عادل الدويري وهما المحسوبين عليه بمثابة ضربة من خصومه،لكن أتركين يرى أن إعفاء شكيب بنموسى لم يكن موجها ضد المستشار "بلفقيه" ولم يكن يقصد منه ضرب نخبة التكنقراط،وأضاف قائلا "أميل إلى اعتبار أن محددات مؤسساتية استشرافية (انتخابات 2012) هي التي تقف وراء هذا التغيير، لأن الدولة تسعى من خلال تعيين وزير الداخلية الجديد، ذو خلفية قانونية، له رمزية كبيرة. وهي عودة وزارة الداخلية إلى منطق الاشتغال داخل سقف "دولة القانون"، سواء في تعاملها مع الفرقاء السياسيين أو في تدخلاتها العادية" يضيف أتركين. *صحافي مغربي