صدر عدد جديد (عدد مزدوج رقم 43-44) من مجلة "نوافذ" التي يديرها ويرأس تحريرها الأستاذ أحمد الحارثي. يحتوي هذا العدد على مواد دسمة للقراءة، شارك في إنتاجها ثلة من الأساتذة والباحثين والفاعلين السياسيين...، وتطرقوا إلى مواضيع متنوعة وغنية؛ الجزء المهم يخص المغرب السياسي (الصحراء والمعضلة الديمقراطية، مغرب 2007، السياسة الخارجية، مسألة المواطنة، ...)، والوضع العربي وفلسطين، والإسلام السياسي، في حين عالجت مقالات أخرى الفكر الليبرالي الجديد، الآداب والشعر والرواية والسيميائيات، والنظام العالمي الجديد، ومكانة تركيا الإقليمية. تم في هذا العدد الجديد تدشين نهج مغاير في تحديد وصياغة محتوى الافتتاحية، التي اختير لها عنوان مفتوح ودال هو: "اللاءات"، بدءا بقول كلمة "لا" لكل فعل يعدم الديمقراطية في مغرب اليوم والغد، لكل ما يديم حالة اللاديمقراطية. جاء نص الافتتاحية هكذا: افتتاحية اللاءات اللاديمقراطية نترك للقارئ حرية تأويل مضامين هكذا عنوان، كيفما يشاء، دون قيود، دون محددات. وقع اختيارنا عليه وفق ما تمليه علينا المسؤولية الاجتماعية إزاء الواقع الذي تجتازه البلاد على مختلف الأصعدة. لم نكن نتحاشى أبدا الخوض في صلب الإشكاليات والتحديات الكبرى التي يواجهها المجتمع المغربي، والدولة المغربية، بفكر نقدي وجدلي منفتح، عقلاني ومساير لروح العصر؛ لم يصبنا الوهن في حمل المعاول لسبر أغوار تربة الواقع الملموس، وأسلحة النقد الكفيلة بإخضاعه للتحليل العلمي وتفكيكه وتعرية تشوهاته. قصد المساهمة في الدفع نحو تجاوز انحرافاته، ومعالجة إخفاقاته، والعمل على إرساء بدائل له؛ بدائل سامية قوامها التقدم والرقي، العدل والمساواة، الحرية... ولم نكن نتردد في قول كلمة "لا". لا شك في أن بلادنا ما زالت تعاني من تأخر تاريخي يلقي بظلاله على مختلف مناحي الحياة الاجتماعية –بما في ذلك الأبعاد الروحانية؛ ويتجسد في مجموع بنيات الدولة والمجتمع: في الاقتصادي، في السياسي، في الثقافي، في الديني، الخ. ليس هناك سبيل آخر لتجاوز حالة التخلف هذه سوى النهوض بالذات؛ من أجل تحقيق التحديث الشامل، وفي قلبه التنمية السياسية. على امتداد أكثر من نصف قرن من الزمن، ظلت اللاديمقراطية تشكل المعضلة والإعاقة المركزية التي تحول دون تمكن المغرب من الخروج من حالة التخلف الهيكلي العام الذي يشكو منه. خلال الحقبة التاريخية التي تلت "الاستقلال"، احتد الصراع من أجل السلطة ونتج عنه تكريس واقع غياب وتغييب الديمقراطية، وإنعاش التقليدانية السياسية؛ رغم ما تم تشييده من مؤسسات سياسية ودستورية، ظلت هشة، هجينة وسجينة، شخصانية. مر على تدشين "المسلسل الديمقراطي" ثلاثة عقود ونصف، وعمرت مرحلة "الانتقال الديمقراطي"، طويلا، قرابة عقدين من الزمن، ولم تنته بعد؛ دون أن يتم تدشين فعلي لذلك الانتقال المنشود. يتسم المغرب السياسي اليوم بانبعاث طغيان التقليدانية السياسية وعدم الاحتكام إلى المؤسسات، بل لفظ المأسسة السياسية والدستورية. يظهر ذلك من خلال معاينة الحقل السياسي الذي يرزح تحت نار التضخم في العروض السياسة، وانهيار قيمة العمل الحزبي، واتساع دائرة الفساد السياسي، وتفاقم مظاهر تسخير القضاء، واشتداد تدفق المال في الانتخابات، الخ. لذا، بات من الواجب التنديد بكل فعل يعدم الديمقراطية. تتستر اللاديمقرطية وراء رموز وإيديولوجيات فارغة، هجينة، توظفها طلائع النظام السائد وبعض الأدوات الحزبية المتهالكة. وبفضل الأزمة المؤسساتية الكامنة، أضحت الصبيانية السياسية نسقا يقتدى به في مختلف المحافل والممارسات والخطابات التي يعج بها الحقل الحزبي والسياسي، المجتمع المدني والمجتمع السياسي. طالت الصبيانية أيضا معقل التقنقراط، تتمظهر سمتها البارزة في سلوكهم الإداري والسياسي. وأضحى تأسيس الأحزاب -أو حلها-، ودخول معترك اللعبة السياسية، بل صنع الزعماء –"زعماء من ورق"-، في منتهى السهولة؛ باستعمال قنوات ووسائل متنوعة: سلطة الدولة، النفوذ، المال، الجاه، القرابة العائلية، وكل ما يحيل إلى الرمزي... جاءت المساهمات كالتالي: - الصحراء: الديمقراطية والوطن (أحمد الحارثي)؛ - الأزمة الفلسطينية أزمة عربية (نايف حواتمة)؛ - السياسة الخارجية المغربية وقضية الصحراء )إدريس لكريني)؛ - ملاحظات أولية حول مقالة الأمير مولاي هشام (لحسن صبير)؛ - مساءلة مفهوم المواطنة )عبد الإله أمين وهدى منير)؛ - المواطنة في الخطاب الليبرالي الاجتماعي المعاصر )عبد الجليل أبو المجد)؛ - قراءة في كتاب "القانون، التشريع والحرية" لفريديريك هايك (محمد المساوي)؛ - سحر الشرق في "مخطوطة الأحلام" للشاعر الشيلي سيرخيو ماثياس (عيسى الدودي)؛ - سيميائيات الخطاب الروائي (عبد المجيد العابد)؛ - الفجوة الداخلية في الاندفاعة الخرجية التركية (مصطفى اللباد)؛ - البنية السياسية الراهنة للنظام العالمي (رشيد قويدر)؛ "-حماس" تقوم "ثقافة العري" (محمد علي الأتاسي)؛ - الصراع داخل جماعة "الإخوان المسلمين" (خليل العناني)؛ وجاء في الشطر الفرنسي: َAbdallah Saaf: 2007 ou le palais des rêves.