يتساءل المواطنون بالناظور ونواحيها حول ماهية المشاريع العقارية بالمنطقة ونوعها ووسائل التعرف عليها، فأغلب ساكنة الناظور يطمحون، كسائر المغاربة، في اقتناء عقار للسكن أو بغرض مزاولة نشاط تجاري مدر للدخل. وتغيب المعلومة العقارية عن سكان الناظور بخصوص العقارات الجديدة بالمدينة، والمعنيين بتسويقها. فأين موطن الخلل في كل هذه المنظومة المتدخلة في الشأن العقاري بمدينة الناظور والنواحي؟ وأين هم المنعشون العقاريون بالناظور من كل ذلك؟ واقع العقار وبدائية التسويق ويتبين من خلال معاينة ميدانية للقطاع أن المنعشين العقاريين بالقطاع، هم من أبناء المنطقة، يمارسون من خلال شركات ذات مسؤولية محدودة S.A.R.L، أي أن رأسمالها القانوني "النظري" لا يتعدى 100 مليون سنتيم. وتعمد فئة كبيرة من هؤلاء المنعشين إلى تصفية نشاطها بعد الانتهاء من تسويق مشروع بذاته. وتعمل جل المجموعات العقارية المحلية المتواجدة بالمدينة على إنشاء شركات من هذا النوع، S.A.R.L، منضوية تحت نفس الاسم التجاري لمجموعة عقارية، لأغراض تقنية وجبائية. وتتسم جل هذه المشاريع، على قلتها وغياب إستراتيجية فعالة وسريعة لتسويقها، بعدم التنويع في المنتوج، والفئات المستهدفة، نتيجة لغياب دراسة قبلية لسوق العقار بالمنطقة، فبعرض ضعيف مقارنة بطلب داخلي متزايد، يتوزع بين مناطق العروي وسلوان الجديد وحي المطار بالناظور الجديد، وأزغنغان.. ويتم اعتماد هذه المشاريع على فرضية استهداف أبناء الريف المتوافدين أو القاطنين بأوربا على وجه الخصوص، في خضم أزمة مالية واقتصادية يعانون منها بأوروبا، بنسب متفاوتة، والاعتماد على السوق الخارجي بالأساس وتغييب التسويق الداخلي. هذا الواقع جعل "المنعشين العقاريين" بالناظور يسعون إلى استعمال طرق يراها البعض ما زالت "بدائية" لتسويق هذه المشاريع، وعدم تخصيص ميزانية للتسويق والإشهار والتواصل. وفي الوقت الذي تتوجه فيه الشركات العقارية المغربية الصغرى والمتوسطة نحو آليات جديدة ومبتكرة للتسويق لمنافسة الشركات الكبرى، وترسيخ أسمائها التجارية وسمعتها وسط زبنائها المستقبليين، يبقى "المنعشون" العقاريون في "استحياء" من ذلك، ما عدا فئة قليلة تعلن مشاريعها عن طريق مقالات إشهارية في بعض المواقع الالكترونية المحلية غير المتخصصة. وتبرز دراسات بالمنطقة أن نسبة الإنفاق على التعريف بالمنتوج العقاري لا يتعدى معدل 0.003 بالمائة من حجم معاملات 92 بالمائة من الشركات العقارية بالناظور والنواحي، الشيء الذي يفسر عدم التفكير في البحث عن بدائل تسويقية للتواصل عبر الإنترنت، والتوجه نحو مواقع إلكترونية عقارية متخصصة تستهدف فئة من الزوار في حاجة لاقتناء عقار، وتبحث عن المعلومة العقارية باستمرار، بدل الاعتماد على عامل الحظ والموسمية، وطرق متجاوزة في التعريف بالمنتوج العقاري عن طريق سماسرة العقار. مشاكل الوعاء العقاري وتتميز الهيكلة التنظيمية لهذه الشركات العقارية، بكون 97 بالمائة منها عبارة عن شركات عائلية تتخذ من اسم العائلة اسما تجاريا لها، إذ لا تتوفر على هيكلة عصرية وفق المتعارف عليه لدى عموم الشركات، تسمح بتحديد اختصاصات كالتسويق والعلاقات مع الزبناء، بل تتعلق بقرار شخص واحد يتمثل في صاحب الشركة، دون الرجوع أو الاستشارة مع متخصصين، كل في مجاله. ويعاني هؤلاء "المنعشون" العقاريون بالناظور والريف، والذي يتجاوز عددهم 360 "منعش عقاري"، مشاكل مسطرية وتقنية تواجه مشاريعهم الحالية و حتى المستقبلية بإقليم الناظور. الوعاء العقاري بالمنطقة معقد بشكل كبير، يجعل المستثمر في مجال العقار بين مطرقة المساطر الإدارية وسندان الظرفية الاقتصادية العالمية، فبدأً بالتحفيظ العقاري ومرورا بمشاكل التجهيز والتزويد بالماء الصالح للشرب والربط بشبكة الكهرباء، يجد المنعش العقاري نفسه وسط متاهة معقدة، يدفع ثمنها المستهلك غاليا أحيانا حين يقتني شقة بمواصفات عالية، ليجد أن عقاره بلا تحفيظ، ودون تزويد بالماء الصالح للشرب ولا كهرباء، وأحيانا بدون شبكة للصرف الصحي. وتدخل على الخط وكالات عقارية تجارية غير عصرية من حيث آليات التواصل والتسويق الذي لا يمكن أن يتحقق دون تعريف بالمنتوج. وكالات عقارية معظمها ذات بنية تقليدية تخطت عتبة السماسرة بقليل، عن طريق تنميق محلاتها وتزيينها دون أن تستقطب زبائن مهتمين بما تسوقه سواء في ما يتعلق بالكراء أو البيع، إذ يقتصر دورها غالبا على تحرير ومصاحبة العقود المبرمة، في غياب لنص قانوني ينظم عملها. وباستثناء مشاريع تباشرها شركات كبرى بالعروي ومنطقة سلوان الجديد، وحوض بحيرة مارتشيكا عبر إنشاء تجزئات، وتفويتها لشركات محلية أصغر منها حجما وإمكانيات، فإن باقي المشاريع تبقى غير معلومة بطريقة كافية لساكنة مدينة الناظور أو حتى للجالية المغربية المقيمة بدول أوربا، مما يفوت الفرصة على المستهلك بالأساس في الحصول على فكرة واضحة للعقارات المتوفرة حاليا أو مستقبلا بمنطقة الناظور الكبير.