النديَّةُ التِي وازَى بها تقريرُ الأمينِ العام للأمم المتحدة حول الصحراء، بينَ المغرب وجبهَة البوليساريُو، يعوزُهَا السندُ في القانون الدولِي، حسب الأستاذ والباحث، ميلود بلقاضي، وينتفي معهُ تنصيب "الجبهة" نفسها متحدثًا شرعيًّا وحيدًا باسم الصحراويِّين، على اعتبار أنَّ التاريخ يقول أمورًا مغايرة ويكشف كونها مجرد أداة ناصبت بها الجزائر عداءً للمغرب. الخبير المغربي يفندُ وجود شرعيَّة للبوليساريُو، من زاويَة التاريخ، كمَا القانون الدولِي والسياسَة، موضحًا إخفاق المغرب، بالرغم من بروز فرص مواتية، في الدفع نحو تصنيف "البوليساريُو" منظمَة إرهابيَّة، بعدمَا صدر أكثرُ من تقريرٍ دولِي، عن معاهد ومؤسسات معروفة، يدرجها ضمنَ مفرخِي الإرهاب بالمنطقة، ليحثَّ المتحدث عقب ذلك، المغرب على الدعوة إلى مفاوضَات مباشرة مع الجزائر عوض صنيعتها، والمطالبة بفكِّ الحصار على المحتجزِين في تندُوف. فيما يلي نصُّ مقال الأستاذ بلقاضي كما ورد إلى هسبريس؛ من القضايا المثيرة التي جاءت في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن الأخيرين هو وضع المغرب وجبهة البوليساريو في كفة واحدة، وكأن جبهة البوليساريو ‘دولة قائمة' بمفهوم القانون الدولي في حين أنها لا تتوفر على أي شرعية أو مشروعية أو أي صفة قانونية لتمثل أو تتحدث باسم سكان الصحراء، بل انها تفتقد للصفة القانونية للتفاوض مع المغرب. فالبوليساريو كلمة اسبانية تعني الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، جبهة شكلت في سياق ومجال جغرافي محددين؛ وبالتالي فهي اليوم فاقدة لكل الشرعيات، فهي لا تمثل سكان الصحراء ولا ساكنتها، وغير مؤهلة قانونا للحديث أو تمثيل الصحراويين وهذا ما تؤكده العديد من التقارير التي لا يستغلها المغرب – بذكاء – لتعرية حقيقة هذا الكائن الوهمي. وهذه الحقائق يعرفها وأعضاء مجلس الأمن وأعضاء الأممالمتحدة والدول العظمى واسبانيا والجزائر وموريتانيا، بل إن هذه القوى لها الاقتناع التام بأن جبهة البوليساريو هي مجرد حركة انفصالية و'مشروع دويلة وهمية' يسيرها قادة الجزائر، وهو ما تؤكده العديد من الوقائع التاريخية والجغرافية والقانونية. ومن المؤسف إن الجزائر استغلت وما زالت تستغل أخطاء المغرب في تدبير ملف الصحراء،وتستغل- أيضا- ضعف دبلوماسيته لإقناع المجتمع الدولي بحقيقة جبهة البوليساريو بكونها مجرد ‘تجمع بشري' أصله من المغرب صنعته الجزائر لتصفية حساباتها التاريخية مع المغرب الذي يمتلك كل الأدلة التاريخية والقانونية والجغرافية لارتباط الإقليم بالمملكة منذ قرون نوجز بعضها على الشكل التالي: * تاريخيا: لا شرعية تاريخية للبوليساريو لتمثيل الصحراويين أو الحديث باسمهم، لأن التاريخ يشهد أنها مجرد صناعة جزائرية تسترزق بصحراويي تندوف المحتجزين من طرف الجزائر. وهي حقائق تاريخية معروفة عند زعماء وشيوخ القبائل بالصحراء، بل ان كل القادة السابقين بالجبهة الانفصالية يعترفون أن اتفاقية الوحدة الوطنية التي أعلن بمقتضاها عام 1975 أن جبهة البوليساريو هي الجهة الشرعية والممثلة الوحيدة للشعب الصحراوي كانت خدعة جزائرية ليبية قامت على أساس اغتصاب إرادة الصحراويين باستعبادها المنظمات والقبائل الأخرى التي كانت تعمل تحت المستعمرة الاسبانية السابقة، وهذا اكبر تزوير وتلاعب بحقوق وتاريخ أغلبية الصحراويين. بالإضافة إلى أن تاريخ المنطقة القديم والحديث والمعاصر ينفي وجود دولة في الصحراء قبل الاحتلال الاسباني، كل ما يؤكده التاريخ وتبرهن عليه جغرافية المنطقة هو أن سكان الصحراء- رغم خضوعهم للمستعمر الاسباني- ظلوا مرتبطين بالمغرب وأوفياء لعقد البيعة الشرعية التي تربطهم بسلاطين المغرب ، وهذا ما توصلت اليه محكمة العدل الدولية – 1975- التي اعترفت بوجود علاقات تبعية ( روحية ، دينية) بين بعض قبائل المنطقة السلاطين العلويين، مضيفة انه قبل مجيء الاستعمار الأسباني كانت الصحراء مأهولة بسكان على الرغم من بداوتهم كانوا منظمين سياسيا واجتماعيا في قبائل وتحت سلطة شيوخ أكفاء بتمثيلهم وليس تحت سلطة أو دولة اسمها البوليساريو او شعبا اسمه'الشعب الصحراوي' بمفهوم القانون الدولي. * قانونيا": لا وجود لأي وثيقة أو قرار دولي يقر بوجود شعب تعرض للاحتلال اسمه ‘الشعب الصحراوي' ، أو بوجود منظمة أو جبهة اسمها البوليساريو، شاركت يوما ما في في أشغال الجمعية العمومية لل،مم المتحدة منذ إنشائها. بل حتى الصيغة التي جاءت في كل التقارير الأممية المتعلقة بحق الشعوب في تقرير مصيرها والتي ترددها الجزائر منذ 1975 مبنية على مغالطات وتأويلات خطيرة من طرف الجزائر، صحيح، يشير ميثاق الأممالمتحدة - بوضوح - إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها، كما نصت على ذلك الفقرة الثانية من المادة 1 والمادة 55. لكن تحقيق حق تقرير المصير حسب ما اتفق عليه المختصون في القانون الدولي لا يؤدي حتميا إلى إقامة كيان مصطنع على حساب دولة ذات سيادة ، وعلى هذا الأساس يجب أن لا نقارن بين حق الشعوب في تقرير مصيرها وحقها في الانفصال، فحق تقرير المصير لا يعني إنشاء كيانات وهمية على سيادة دولة قائمة وهذا ما جعل القانون الدولي يمنح لهذه للدول حق الحفاظ على وحدتها الترابية والدفاع عنها بكل الوسائل المشروعة. وهذا ما ينطبق على حالة المغرب الذي يجب أن يتفاوض مع الجزائر وليس مع جبهة البوليساريو لأنها فاقدة الصفة، بالإضافة إلى ضرورة رفض المغرب وصف سكان مخيمات تندوف المحتجزين بالتراب الجزائري ‘باللاجئين' لان وضعية الصحراويين بمخيمات تندوف غير خاضعين لمبادئ اتفاقية جنيف 1951 لحق اللجوء، لأنهم غير' لاجئين' بمفهوم القانون الدولي بل محتجزون على أراضي وتحت مراقبة جزائرية ، لهم خيار حق العودة الحرة إلى وطنهم الأم أي المغرب، أو إعادة توطينهم في مكان إقامتهم بالجزائر، أو اختيار للعيش في بلد ثالث. * سياسيا: جبهة البوليساريو هي وليدة الحرب الباردة وصناعة جزائرية محضة تحولت في السنوات الأخيرة لحركة إرهابية؛ كما تؤكد ذلك عدة تقارير ودراسات بحثية دولية اعتبرت جبهة البوليساريو تمارس الإرهاب المنظم ويكفي أن نأخذ نماذج بعض التقارير الدولية: - تقرير الخبراء الأمريكيين والأوربيين – 2014- الذي حذر من تنامي الإرهاب المنظم بشمال إفريقيا نتيجة استمرار تواجد مخيمات تندوف على الأراضي الجزائرية التي أصبحت ملجئا للإرهاب المنظم. - تقرير المركز الدولي للدراسات حول الإرهاب التابع لمعهد "بوتوماك" -2012- الذي وصف "مخيمات تندوف التي توجد تحت نفوذ ميليشيات البوليساريو بالأرض الخصبة لتجنيد شبكات إرهابية ومهربين من كل الأصناف وعصابات إجرامية، لذلك دعا بإغلاق مخيمات تندوف لكونها أصبحت خطرا على السلم الإقليمي والدولي . - تقرير وزارة العدل اليابانية الذي اعتبر الجبهة منظمة إرهابية وكشف التقرير تورط الجزائر في دعم الإرهاب وهذا ما جعل الجزائر تتحرك بشكل رهيب لدى الاتحاد الأروبي ولدى الإدارة الأمريكية لمنع أي قرار يصنف جبهة البوليساريو على لائحة المنظمات الإرهابية لكي لا يكتشف تورط مؤسساتها الأمنية والعسكرية في دعم الإرهاب بمخيمات تندوف. - التقرير الاخير للمعهد الأوربي للدراسات الإستراتيجية (بروكسيل) الذي نبه من خطورة حالة التفكك التي تعيشها جبهة البوليساريو، وعلاقاتها بتنظيم القاعدة في المغرب العربي الإسلامي. - تقرير وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين البرايت والقائد السابق لعمليات التحالف الامريكي الاوروبي الذي اكد ان الجماعات الارهابية في الجزائر والمنطقة في اغلبها من صنيعة الاستخبارات الجزائرية في ظل نظام يمكن أن يحول الجزائر إلى سوريا جديدة او أفغانستان جديدة. - تقرير مايكل روبين، الخبير الأمريكي بمجموعة التفكير "أمريكن أنتربرايز إنستيتيوت"، الذي وصف مخيمات تندوف بالمجال الاستراتيجي لتجنيد مقاتلي تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، بتواطؤ مع قيادة البوليساريو. وعلى هذا الأساس، يتعين على المغرب أن ينهج إستراتيجية هجومية جديدة بعد تقرير مجلس الأمن الأخير مبنية على عدة أسس؛ أولها: إقناع المجتمع الدولي بأن الحل النهائي لنزاع الصحراء يجب ان يتم بين بتفاوض مباشر بين المغرب والجزائر وليس بين المغرب والبوليساريو؛ متسلحا في ذلك بكل الأدلة التاريخية والقانونية والجغرافية والسياسية والأمنية للبرهنة بأن قضية الصحراء المغربية من مخلفات الاستعمار الاسباني . ثانيها : إقناع أعضاء مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة باستحالة تطبيق استفتاء تقرير المصير كحل لنزاع الصحراء. ثالثها: تعرية وفضح حقيقة جبهة البوليساريو بكونها صناعة جزائرية أصبحت اليوم قوة داعمة للقاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بدعم وبرعاية المؤسسات الأمنية والعسكرية وعلى اراضي الجزائر. رابعها: المطالبة بفك الحصار على الصحراويين المحتجزين من طرف النظام الجزائري وعلى أرضه بل المطالبة بإغلاق مخيمات تندوف لللاجئين، التي تحولت في ظل الرئيس الجزائري المريض لملجأ لتفريخ الإرهابيين ولمحترفي الجريمة العابرة للحدود، من قبيل تجارة البشر والسلاح والمخدرات كما تؤكد ذلك الكثير من التقارير والأبحاث والدراسات الاقليمية الدولية. خامسها : التعبئة الشاملة للشعب المغربي بأحزابه ونقاباته ومؤسساته ونخبه وإعلامه وشيوخ قبائل الصحراء ومغاربة المهجر ورجال الأعمال وهيئات المجتمع المدني للدفاع عن ملف الصحراء بعيدا عن لغة العاطفة والاستعداد لكل الاحتمالات. سادسها : ضرورة تحمل المسئولين عن تدبير ملف الصحراء مسؤولياتهم ونهج المقاربات الاستباقية وعدم ضياع الفرص كما وقع بداية هذه السنة، حيث كاد الاتحاد الأروبي أن يصنف البوليساريو في لائحة المنظمات الارهابية لولا تدخل اللوبي الاسباني لإلغاء هذا القرار، ومد المواطن المغربي بالمعلومة الصحيحة والمحينة لملف الصحراء . سابعها: إقناع المجتمع الدولي بمصداقية الحكم الذاتي والتسريع بتطبيق الجهوية الموسعة بالأقاليم الصحراوية على أسس الديمقراطية التشاركية والحكامة الجيدة والاستثمار في الإنسان الصحرواي قبل الأرض الصحرواية. ثامنها: اخذ ما جاء في التقرير الأممي وقرار مجلس الأمن الأخيرين بكثير من الجد لأنهما يحتويان على عدة قنابل موقوتة في ملف الصحراء على المغرب التعامل معها بكثير من الحذر والحيطة والواقعية. تاسعها : على الحكومة والبرلمان بمجلسيه والأحزاب السياسية أن يأخذوا العبرة من منهجية المؤسسة الملكية في تدبير ملف الصحراء لأنه لولا الرد الصارم والتحرك السريع للملك ضد مضامين تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لأدى المغرب تكلفة باهضة في ملف صحرائه. عاشرها : على الدولة المغربية التعامل – بحذر- مع زيارات المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء المغربية وان لا تنخدع بلغته الدبلوماسية الماكرة والمخاتلة. وأن تقتنع بان الجزائر تتخذ من ملف الصحراء شأنا من شؤونها الداخلية وتتربص بالمغرب ومستعدة لأي شيء بهدف معاكسة المغرب وهو كما يفسر تزايد التآمر الجزائري ضد المغرب. [email protected]