المغرب خصص 14 مليار دولار لتنزيل برنامج وطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي    بوريطة يرحب بقرار وقف إطلاق النار في لبنان ويدعو إلى احترامه مع ضرورة حل القضية الفلسطينية    ديباجة قانون الإضراب تثير الجدل .. والسكوري يتسلح بالقضاء الدستوري    الطالبي العلمي ورئيسة البرلمان الأوربي يتفقان على خارطة طريق لإعادة إحياء العلاقات بين البرلمانين المغربي والأوروبي    تداولات الإغلاق في بورصة الدار البيضاء    رئيس كوريا الجنوبية يعلن فرض الأحكام العرفية وسط أزمة سياسية    حسن بنعبيشة مديرا تقنيا للوداد الرياضي    انعقاد الاجتماع ال 22 للجنة العسكرية المختلطة المغربية-الفرنسية بالرباط    حوادث السير تخلف 16 قتيلا في أسبوع    مديرية الجديدة توضح في بلاغ رسمي توازن الوضعية التعليمية بمدرسة الروداني    أخنوش يمثل جلالة الملك في قمة «المياه الواحدة» في الرياض        البواري: القطاع الفلاحي يواجه تحديا كبيرا ومخزون السدود الفلاحية ضعيف    الفنان المغربي المقتدر مصطفى الزعري يغادر مسرح الحياة    نحو تعزيز الدينامية الحزبية والاستعداد للاستحقاقات المقبلة    إسرائيل تهدد ب "التوغل" في العمق اللبناني في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار    حكومة أخنوش تقرر إعفاء معاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل    "الاعتداء" على مسؤول روسي يعزز دعوات تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية        طائرة خاصة تنقل نهضة بركان صوب جنوب أفريقيا الجمعة القادم تأهبا لمواجهة ستينبوش    دبي توقف إمبراطور المخدرات عثمان البلوطي المطلوب في بلجيكا    الأمم المتحدة: كلفة الجفاف تبلغ 300 مليار دولار سنويا    مطالب بفتح تحقيق في التدبير المالي لمديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية    رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الفنان المسرحي الكبير مصطفى الزعري ينتقل إلى جوار ربه    التامني: استمرار ارتفاع أسعار المواد البترولية بالمغرب يؤكد تغول وجشع لوبي المحروقات    حدث نادر في تاريخ الكرة.. آشلي يونج يواجه ابنه في كأس الاتحاد الإنجليزي    النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام تستمر في إضرابها الوطني للأسبوع الثالث على التوالي    أكادير…توقيف شخص يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في تنظيم الهجرة غير المشروعة    رحيل أسطورة التنس الأسترالي نيل فريزر عن 91 عاما    حماس وفتح تتفقان على "إدارة غزة"    المضمون ‬العميق ‬للتضامن ‬مع ‬الشعب ‬الفلسطيني    جبهة دعم فلسطين تسجل خروج أزيد من 30 مدينة مغربية تضامنا مع الفلسطينيين وتدين القمع الذي تعرض له المحتجون    تصريحات مثيرة حول اعتناق رونالدو الإسلام في السعودية        فن اللغا والسجية.. الفيلم المغربي "الوترة"/ حربا وفن الحلقة/ سيمفونية الوتار (فيديو)    مزاد بريطاني يروج لوثائق متسببة في نهاية فرقة "بيتلز"    فريق طبي: 8 أكواب من الماء يوميا تحافظ على الصحة    ترامب يهدد الشرق الأوسط ب"الجحيم" إذا لم يٌطلق سراح الأسرى الإسرائليين قبل 20 يناير    فيديو: تكريم حار للمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة .. المغرب يؤكد استعداده للانخراط في أي جهد دولي يهدف لتهيئة الظروف الملائمة لإحياء مسار السلام    مزور: التاجر الصغير يهيمن على 80 في المائة من السوق الوطنية لتجارة القرب    أسعار الذهب ترتفع مع تزايد التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية    مهرجان مراكش للسينما يواصل استقبال مشاهير الفن السابع (فيديو)    وزيرة: ليالي المبيت للسياحة الداخلية تمثل 30 مليون ليلة    برلين.. صندوق الإيداع والتدبير والبنك الألماني للتنمية يعززان شراكتهما الاستراتيجية    القضاء يحرم ماسك من "مكافأة سخية"    شعراء وإعلاميون يكرمون سعيد كوبريت    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    دراسة: تناول كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة قد يزيد من خطر الإصابة بمرض الصدفية    وجدة والناظور تستحوذان على نصف سكان جهة الشرق وفق إحصائيات 2024    فقدان البصر يقلص حضور المغني البريطاني إلتون جون    التغيرات الطارئة على "الشامة" تنذر بوجود سرطان الجلد    استخلاص مصاريف الحج بالنسبة للمسجلين في لوائح الانتظار من 09 إلى 13 دجنبر المقبل    هذا تاريخ المرحلة الثانية من استخلاص مصاريف الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعداد سكان مخيمات تندوف ليست نصرا دبلوماسيا

تؤكد الدبلوماسية المغربية أنها حققت انتصارا دبلوماسيا قويا، حينما تعرض تقرير كيمون حول الصحراء لسنة 2011 إلى قضية تعداد سكان مخيمات تندوف. وقد أطلع وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي أعضاء لجنة الخارجية والحدود والمناطق المحتلة والدفاع الوطني بمجلس المستشارين المغربي على ما اعتبره انتصارا للدبلوماسية المغربية، "بتجدد دعوات الأمين العام للأمم المتحدة المتكررة للجزائر لتحمل مسؤوليتها الكاملة في عدم السماح بإجراء إحصاء للمحتجزين فوق ترابها بتندوف، وقال إن "إحصاءهم يعتبر شرطا أساسيا لتمكين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من أداء مهامها في حماية اللاجئين، وتقديم المساعدات الضرورية لهم، وفق ما تنص عليه اتفاقية 1951".
والحق أن الفقرة رقم 88 التي تحدثت عن هذه النقطة من التقرير جاءت على الشكل التالي: "وإلحاقا بالتوصية المتعلقة بإجراء تعداد الواردة في تقريري السابق المؤرخ الفقرة 75، وتمشيا مع ولاية المفوضية والممارسات، أبريل 2010 المعمول ﺑﻬا، ستواصل المفوضية التباحث مع البلد المضيف بشأن الحاجة للتسجيل في مخيمات اللاجئين في تندوف".
إن التحليل الدلالي لهذه الفقرة اليتيمة حول تعداد مخيمات تندوف، التي لم يوردها التقرير في فقرة التوصيات، وهو ما يفقدها طابع الإلزام. إضافة إلى أنها تتحدث عن "التباحث مع البلد المضيف"، دون أن تصل إلى معنى "دعوة الجزائر". ومن جهة أخرى فإن دلالة التعداد ليست بمعنى الإحصاء، فإذا كانت الأولى تعني التحديد الكمي والرقمي، فإن الثانية ترصد مجموعة من التفاصيل حول المحصيين.
كما أن سياق هذا الفقرة، يشير إلى اشتراط المنظمة الأممية لغوث اللاجئين بالتأكد من حجم العدد لسكان مخيمات تندوف، في وقت تزايدت دعوات الجزائر والبوليساريو للرفع من كمية المساعدات الغذائية المخصصة لسكان المخيمات.
وأمام استمرار الرفض الجزائري بعدم السماح بإجراء إحصاء سكان مخيمات تندوف، دفع المفوضية السامية إلى تجديد تقديراتها لتعداد سكان المخيمات مستعينة بصور جوية للمخيم، فقدرت عدد اللاجئين في حدود 80 ألف شخص.
ومعلوم أن المفوض الأممي السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس، قد زار الجزائر وطالب السلطات الجزائرية إلى السماح للمفوضية السامية بإجراء إحصاء في المخيمات إلا أن الجزائر والبوليساريو رفضتا الطلب، ورغم ذلك لم يبرز مطلب إحصاء اللاجئين قويا في توصيات تقرير مجلس الأمن، وهو ما يعني أن الدبلوماسية الجزائرية قد توفقت في ممارسة الضغط على بان كيمون لصياغة فقرة التعداد وليس الإحصاء، ودون جدولة المطلب في خطة زمنية معقولة.
وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر تعمدت النفخ في عدد اللاجئين، معلنة عن أزيد من 160 ألف شخص بهدف الرفع من حجم المساعدات قصد المتاجرة بها في السوق السوداء، وكانت عدة تقارير صحفية واستخباراتية قد أشارت إلى أن تزايد حالات اغتناء أعضاء جبهة البوليساريو.
وبناء عليه، فإن المادة 88 التي شكلت توصية في تقرير 2010، لا تفيد معنى "دعوة الجزائر إلى السماح للمفوضية السامية لغوث اللاجئين بإحصاء مخيمات تندوف"، كما تناقلت ذلك وسائل الإعلام، وهو ما يؤكد أن الدبلوماسية المغربية لم تحقق انتصارا كما تناقلت وسائل إعلام مغربية.
وعلى الرغم من إصرار المفوضية السامية بضرورة إجراء الإحصاء لمنع استغلال التعتيم على الأرقام الحقيقية للمحتجزين، فإن الجزائر واصلت رفضها لإجراء الإحصاء. ويتوقع أن لا تستجيب لطلب إجراء تعداد سكان المخيمات في المستقبل، مادام ذلك يكشف عن أسرار خطيرة من داخل المخيمات، منها جرائم حقوقية ترتكبها البوليساريو ضد معارضيها، وجرائم الاتجار في المساعدات الغذائية، وتحويل المخيمات إلى ملاذ آمن للهاربين من العدالة ولا سيما من دول الصحراء الإفريقية، وقد تكشف أيضا عن جرائم المتاجرة بالسلاح والبشر وعلاقة البوليساريو بالجماعات الإرهابية في الساحل الإفريقي..
إن تقرير مجلس الأمن تعرض بصورة محتشمة للوضع الحقوقي في مخيمات تندوف ومعاناة الصحراويين من معدلات البطالة المرتفعة نتيجة لممارسات تمييزية ضدهم، دون أن يوجه توصية ملزمة للبوليساريو بضرورة وضع حقوق الإنسان في المخيمات، والسماح للمنظمات الحقوقية والإعلامية من دخول هذه المخيمات.
واللافت للنظر أن تقرير مجلس الأمن حول الصحراء لسنة 2011 لم يتضمن التقرير أي إشارة إلى إلحاح المغرب على دعوة المفوضية السامية للاجئين بإجراء إحصاء لسكان مخيمات تندوف، ولا توجد أي إشارة إلى ما سبق وما طالب به المغرب من مراجعة الوضعية القانونية لمخيمات تندوف في إطار القانون الدولي واتفاقية جنيف 1951 لحق اللجوء.
وبذلك يمكن القول أن الدبلوماسية المغربية لم تحقق أي ضغط حقوقي لصالح موقفها التفاوضي، وخاصة فيما يتعلق بإحصاء سكان مخيمات تندوف والتأكد من هويتهم، في وقت أشارت فيه عدة تقارير إعلامية إلى ارتباطات عناصر من جبهة البوليساريو بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، إضافة إلى تزايد الاحتقان الاجتماعي في المخيمات، وفق ما يشير إليه تقرير الأمين العام عن ثورة في المخيمات، تطالب بالحق في العمل، والسكن اللائق ووضع حد للتهميش والتوزيع العادل لثروات الصحراء الغربية.
إن الترافع بشأن ضرورة إحصاء لاجئي مخيمات تندوف له شرعية جد قوية، وفقا لمنطوق كل الأعراف الدولية التي تنص على ضرورة إجراء إحصاء للاجئين وإجراء حوار مع كل لاجئ على حدة ليعبر عن رغبته بحرية، سواء في البقاء لاجئا بالمخيمات أو في الالتحاق ببلده في إطار العودة الطوعية أو الاستقرار بمكان آخر.
وعلى الرغم من شرعية هذا المطلب دوليا، إلا أن الدبلوماسية المغربية فشلت في تحقيق اختراق في قرارات مجلس الأمن لتكثيف الضغط على الجزائر للسماح للمفوضية السامية بإجراء إحصاء سكان مخيمات تندوف، أو حل المخيمات وفق معايير القانون الدولي.
وعموما لم يستطع المغرب ممارسة ضغط قوي على الجزائر البلد المضيف، أو على الأقل تسويقها بلدا لا يحترم التزاماته والتقيد بمقتضيات القانون الدولي للاجئين، وبالتالي وضع المفوضية السامية أمام مسؤولياتها القانونية في حل قضية مخيمات تندوف.
ففي الوقت التي استطاعت فيه الآلة الإعلامية للجزائر والبوليساريو إنهاك صورة المغرب الحقوقية، وفرضت عليه الترحيب بأعضاء مجلس حقوق الإنسان الدولي في الصحراء دون عرقلة أو قيد أو شرط، فشل في تشويه الصورة الحقوقية لجبهة البوليساريو والجزائر فيما يتعلق بوضعية محتجزي مخيمات تندوف.
وبالرغم من استمرار الوضع الحقوقي منتهكا، حيث أشار تقرير مجلس الأمن إلى اعتقال مصطفى سيدي مولود ولد سلمى وإبعاده خارج المخيمات، فإن المغرب لم يستطع استثمار ذلك لممارسة مزيد من الضغط على المفوضية السامية للاجئين لانتزاع الحق في ولوج المخيمات بشكل حر ونزيه، وإجراء إحصاء لسكان المخيمات وحمايتهم.
إنه لا يسعنا إلا أن نسجل انتصارا يتيمما للموقف التفاوضي المغربي في تقرير مجلس الأمن لسنة 2011، وذلك من خلال تجديد التأكيد على وجاهة وفعالية ومصداقية المقترح المغربي المقدم في 11 أبريل 2007 إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وبذلك يكون هذا التقرير قد أعلن عن تغييب مفهوم تقرير المصير كما تفهمه البوليساريو من حسابات المنتظم الدولي، إذ لم تتم الإشارة إلى تقرير المصير إلا من حيث هو اتفاق يقبل به الصحراويين عبر استفتاء شعبي.
كما أعلن التقرير عن سقوط دعاية البوليساريو في أنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي، بالتقليل من تمثيليتها، ودعا إلى ضرورة تمثيلية أعضاء من المخيمات والصحراء بصورة رسمية وغير رسمية في أي اتفاق لحل النزاع في الصحراء، واعتبر كيمون أنه بدون ذلك قد لا تنهي مظاهر النزاع في المنطقة.
هذا التشكيك الدولي في تمثيلية جبهة البوليساريو تأكد بشهادة ممثل جبهة البوليساريو في بولونيا السيد ولد محمد ولد باهيا حين أعلن أن الجبهة تحتضر، داعيا عبد العزيز المراكشي بألا يضع نفسه في دائرة من العزلة والترقب.
وجسدت الرسالة التي بعث بها "ولد باهيا"، مظاهر انهيار مؤسسات جبهة البوليساريو، حيث جاء فيها "لا تنخدع بمن يرسمون له صورة وردية، عن الأوضاع التي آلت إلى حالة من التدهور، لاسيما في مجال الخدمات، حيث تحولت عدد من المرافق في ظل إدارة الجبهة، من مؤسسات متهالكة إلى ردهات لشرب الشاي إلى مدارس خاوية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.