الحلقة 20 عندما ذابت مثل قطعة زبدة فوق النار البوجادية تسر لصديقتها شوية لربي و شوية لقلبي لا يزال صديق البوجادية لم يصل لمالها بعد، فهو لا يزال يخطط كيف سيستولي عليه ويصبح في ملكه. فصحيح أن إعلانها غير مرة أنها "ولات تتموت عليه" وأنه أصبح أهم إنسان في حياتها بحيث أصبحت تتقبل منه كل شيء و أي شيء وكانت تبرر كل تصرفاته اتجاهها و تجد لها الأعذار بل كان يتهئ لها أن تلك التصرفات كانت إيجابية، الشيء الذي سهل عليه عملية استغلالها و السيطرة عليها، إلا أن إقناعها بسحب المال دفعة واحدة و إعطائه إياه لم يكن بالأمر الهين. لذا غير خطته فأكثر في النزهات معها استعدادا للنهار الكبير الذي سيصبح كل شيء في ملكه فهذا ما كان يشغله رغم أن البوجادية المسكينة كانت مشغولة بشيء أخر، فقد طردت من العمل منذ يومين لكنها لم ترد إخباره فقد كانت تخاف عليه و على قلبه من عدم احتمال الأحزان لأنها كانت تظن أنه يخاف عليها و أنه لن يحتمل طردها و الحقيقة أنه كان فقط خايف "تعيق بيه". لم يعد يطلب منها أن تحضر له معها ورقات زرقاء أو قرفيات، أخذ يدعوها على حسابه مرة للمطعم و مرة للسينما... أعجبت بهذه المرحلة كثيرا وطوالو رجليها وولات تتمشي معاه أينما أمرها هي التي كانت تتمشي في طريقها من البيت إلى العمل في خط مستقيم متدور لا هك و لا هك هاهي ذي أصبحت تتمشي للسينمات و الريسطورات و حتى (les boites de nuits)و على ذكر السينما فقد ألتقيتها مرة و حكت لي عن أول مرة دخلت فيها اليها مع صديقها حيث كانت هذه أول مرة تشاهد فيلما هناكن و قد حكت لي أنها تخلعات مما رأته يومها، أما اليوم فقد ألفت الدخول إليها بعد ما شممت روائح الجنة تحت إبط حبيبها مضيفة في خجل لما شديت فيها: - إيوةْ شوية لربي و شوية لقلبي، غير أنها اضافت انها كانت معترضة على ما يقوم به بعض أبطال الأفلام الحية حولها في القاعة إذ أنهم تقول كانوا "وعر" من أبطال الشاشة، فبعضهم كان يتخبل فوق الكرسي و البعض الأخر كان يكتفي بالممارسة الذاتية في غياب شريك، فهي لم تكن تعرف من قبل أن قاعات السينما يتخذها البعض بيوت نعاس جماعية لممارسة ما تيسر وما يسمح به الطرف الأخر و ما أن تنطفئ الأضواء حتى ينشغل كل جوج جوج بما دخلوا من أجله غير مشاهدة الفيلم. كان فضاء إحدى هاته القاعات التي ألفوا الذهاب إليها "هو فين غيخدمها مزيان صاحبها" لتعطيه ما يريد فقد قال لها بحب و همس أن وجوده بالبلد دون فعل شيء لم يعد يروق له لذا فقد قرر أن يهاجر و بعد مدة قليلة حصرها في ثلاثة أشهر سيعود ليتزوجها، غلف كلامه هذا بالحب و الخوف على حبهم و على مستقبلهم مما جعل البوجادية تستمع لخطته و كلامه باهتمام و ملامح الفرحة بادية على وجهها طالبة منه و بصوت خافت و حالم و هي تسبح في الفضاء أن يكمل كلامه و كأنها طفلة صغيرة تستمتع بحكايا الأميرة و فارسها الشجاع. أمام ذوبانها كقطعة زبدة فوق النار تابع صديقها روايته التي نسجها بحرفية و صنعة متناهية الدقة و طلب منها المال الذي تذخره، وقد تفاجأ من ردة فعلها إذ لم يتوقع موافقتها السريعة هكذا بل كان يتوقع أن تبدي رفضا و تمنعا و تضع شروطا لكنها استجابت بصورة عجيبة و بدت مستعدة لذلك و كأنها منومة أو مسحورة. رسم لها التفاصيل بانتظار ساعة التنفيذ موصيا إياها بعدم إخبار أي كان لأنه لن يتأخر عليها كثيرا حيث طمأنها ووعدها قائلا: - من اليوم متخمميش، أنا غادي نسافر على قبلك، و يا إما نصافط ليك باش توصلي علي أو اللا نجي باش نتزوجك و عاد نمشيوا مضيفا، اختاري اللي بغيتي ولأن البوجادية كانت ضد فكرة أنها تمشي هكذا بلا عرس اختارت أن يعود ليتزوجا و عاد يسافروا بجوج. فأجابها، اللي بغيتي، صدقته و أحست لحظاتها و كأنها عصفورة عابرة للقارات بأحلامها الجميلة التي تفننت يومها في نسجها تحت إبطه، فلم يعد يفصلها عنها سوى شهرين. عندما أيقن أنها اقتنعت استمر في لعب دور العاشق المحب ملبدا إيها بقبلاته حيث كان يمر بشفتيه على شفتيها في ظلمة القاعة و رغم أنها أبدت اعتراضها بداية لكنها في النهاية تركته يفعل ما يريد بعد ما لاحظت أنها هي الظريفية في القاعة كلها. واندمجت في دور لطالما دار في خيالها، وجهزت نفسها له طويلا و تمنت له النجاح فقد جربت كثيرا هذه اللحظات في الخيال وحدها ها هي الآن تعيشها تحت إبط حبيبها الذي يتقن تمثيل دور العاشق الولهان ببراعة. للتواصل مع الكاتبة : [email protected] [email protected]