بمناسبة انعقاد الدورة العاشرة للمجلس الأعلى لعلماء المغرب، ارتأت جماعة العدل والإحسان أن توجه رسالة شديدة اللهجة عبر موقعها الرسمي على الإنترنيت في كلمتها الافتتاحية" ولنا كلمة" إلى علماء المغرب الذين تسميهم "ديدان القراء" أو "علماء البلاط" في أدبياتها، تنتقد من خلالها نكوصهم عن قول الحق وغيابهم عن محاربة مظاهر الانحلال الأخلاقي والفساد المالي والإداري الذي يشهده المغرب، كما انتقدت بقوة تبعيتهم العمياء للنظام الحاكم في المغرب وعدم تحليهم بالشجاعة والجرأة في قول الحق وللقيام بواجب النصيحة الذي تمليه عليهم مبادئ الدين وثوابته.وبطأهم في التجاوب مع ما يتفاعل داخل المجتمع من قضايا ويستجد من أحداث "فكم من حدث كان يستوجب من علمائنا التدخل العاجل بقوة وبحزم -لكن للأسف- لا يتدخلون إلا بعد فوات الأوان وفق أجندات أصحاب القرار" وقدمت كمثال على ذلك الرسالة التي وجهها علماء المغرب بعد تفجر قضية المنصرين الأجانب "والأمثلة على هذا البطء والغياب عديدة لعل آخرها رسالة علماء المغرب بشأن التنصير -وهي أقل ما يجب- التي وقعها 7000 عالم، يدينون فيها خطط التنصير، لكن دون أن يتحدثوا عن سياسة التجهيل والتفقير، ودون أن يتحدثوا عن معاول الوثنية والأليكة والتنصير والفرنكة والشذوذ التي يتعرض لها المجتمع يوميا في الإعلام والتعليم، في الخطاب والرؤية، في الشكل والسلوك، في المناسبات والاحتفالات، في الحكم والسياسة، وقبل كل ذلك لا حديث عن رأس كل هذه الشرور وهو الاستبداد برقاب وخيرات الشعب". وقد اختارت العدل والإحسان أن تذكر العلماء بدورهم التاريخي والطلائعي ومسؤوليتهم الجسيمة في توجيه الأمة الإسلامية حيث تقول في كلمتها" ظل العلماء عبر كل مراحل تاريخ الأمة الإسلامية حصنا حصينا تلجأ إليه الأمة إذا عصفت بها الأنواء، وملاذا يستجار به إذا ألمت المدلهمات وعم البلاء. وكانوا رضي الله عنهم يضربون في كل مرة المثل الأعلى في البذل والتضحية والجرأة في قول الحق، لأنهم كانوا على وعي تام بجسامة المسؤولية وخطرها فهم ورثة الأنبياء، والوراثة تعني فيما تعني التضحية والقدوة والصبر على الابتلاء، فهم النجوم التي يقتدى بها خاصة في معاقد تاريخ الأمة، وكانوا كلما حل الجور، واشتد الظلم، وضيق على الناس في أرزاقهم ومعايشهم وفي حقوقهم، أو مست عقائدهم ومقدساتهم، نجد العلماء حاضرين زمانا ومكانا شاهدين بالقسط. فهم ألصق بالأمة وأقرب إليها وأكثر إحساسا بها وبمطالبها الدينية والدنيوية، لهذا كانت فتواهم حاضرة تجيب عن احتياجات الناس ومطالبهم، وكان القول إلى جانب الفعل والفتوى إلى جانب الموقف ديدنهم" . ويبدو أن الجماعة تفتح النار على مسؤولي الحقل الديني الجدد خاصة وزير الأوقاف محمد توفيق رفيق مرشدها الأستاذ عبد السلام ياسين بالأمس في الزاوية البودشيشية، بسبب الحملة التطهيرية التي شنتها وزارته وتشنها على كل خطباء وعلماء الجماعة والمرشدين والمرشدات الدينيات الذي تم استبعادهم من المنابر والمساجد بسبب انتمائهم أو تعاطفهم مع الجماعة.وما يؤكد هذا الاتجاه مقال في نفس الأسبوع بعنوان "أين علماء المغرب؟" نشره عمر إحرشان عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية على جريدة المساء بتاريخ الثلاثاء 20/04/2010 وكان فيه أكثر مباشرة ووضوحا حيث توجه مباشرة إلى المجلس الأعلى حيث طلب منه التحلي بالشجاعة للكشف عن الأسباب التي تحول بين العلماء وبين أداء رسالتهم حين يقول: (سيقدم المجلس العلمي الأعلى خدمة جليلة إلى الإسلام إن إن هوأقدم على خطوة شجاعة في دورته العاشرة هاته فقدم دراسة موضوعية ودقيقة حول أسباب تعثره وحول القيود التي تعوق أداء العلماء لوظيفتهم الحقيقية). وموقف الجماعة من العلماء عموما وعلماء المغرب على وجه الخصوص ليس جديدا ففي رسالته الشهيرة لملك المغرب الراحل الحسن الثاني "الإسلام أو الطوفان" سنة 1974 قدم الأستاذ عبد السلام ياسين نصيحة مطولة إلى العلماء غاية في الأدب والروعة والشفافية، واعتبر أنهم يتشاطرون المسؤولية مع الأمراء أو الحكام بسبب سكوتهم عن قول الحق ففي الفصل الأول من الرسالة يقول:" صنفان من هذه الأمة يصلح الإسلام بصلاحهما ويفسد بفسادهما، هما صنف الأمراء وصنف العلماء. هما رجال الدعوة ورجال الدولة. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو نعيم: "صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس: العلماء والأمراء"[21]. ولعلماء الأمة مواقف في وجه الأمراء في كل عصور الفتنة أستعرض بعضها تعليما لي ولعلمائنا الساكتين عن الحق. لكني أبدأ قبل ذلك بوصف العلماء والأمراء في مغرب اليوم، خاصة ملك المغرب وعلاقاته بطائفة من المهرِّجين المتكلمين باسم الدين جماعة ديدان القراء." ويضيف بكل جلاء . "سادتي العلماء، إنكم والله أحب الناس إلي، وأعظمهم في عيني مع إخواني الصوفية أهل الله وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنكم لمظنة الخير. وإنكم إن قرأتم اليوم عصارة قلب يتلهف على الإسلام والمسلمين، قلب طويلب علم جلس أمامكم على حصير المعهد الديني ثم ترونه يتقدم إليكم اليوم، فلسكوتكم عن الحق وغفلتكم وقلة جدواكم وأنتم كثر. وإيمانكم لا أشك فيه ولا في قدرتكم على تغيير وجه المغرب لو أخلصتم لله ووجهتم إليه وجوهكم. إنكم سادتي العلماء ملح هذه الأمة وذخرها إن طرحتم عنكم كبرياءكم وشحكم وتكالبكم على الدنيا. إن داءكم وداء الأمة سماه لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبركم عن تحول الأمة غثاء كغثاء السيل، وحين أخبركم أن مغلوبيتكم وهوانكم وتشتتكم الغثائي وتنافركم سببه حب الحياة وكراهية الموت ؛ وهو الوهن كما تعلمون. "ولو قدرتم سادتي العلماء أن تطرحوا كبرياءكم وشحكم لذهبت عنكم الغثائية وداؤها، ولاجتمعتم فاجتمعت الأمة عليكم. إنكم الحلقة الضرورية في غد الإسلام الزاهر بين القيادة المجاهدة والأمة، وإن الأمة لن تسمع إلا لندائكم إن اتحدتم وتطهرتم وتزكيتم" "كان علماؤنا الأجلاء أحلاس مساجد، يجالسون المسلمين ويشاركونهم معاشهم وقلة ذات يدهم، ويعظون ويعلمون. أما اليوم فأصبح العلم مقننا مضبوطا بالشواهد والأوراق، وأصبح حامل الأسفار موظفاً تغذوه الدولة وترعاه وتزيده العلاوات والرتب. لا جرم أن ينقطع العالم بعد أن سكن الفلات وعمر العمارات وأنشأ الشركات عن الأمة المستضعفة المسكينة. ولا جرم أن تتكون لديه عقلية جديدة لها الهيمنة على حياته كلها؛ فإن تكلم فدفاعاً عن أمواله وتبريراً لموقف، وإن ألف جمعية فلا تكون إلا نقابة تدافع عن الحقوق، ولا تتحدث عن الواجبات. وفي فلات العلماء ينشأ الانحلال على نسق كل الفلات، فما يدري عالمنا المسكين كيف يجد مخرجاً من الحال التي تضطرب به. .... إن البلاء كله في بطنك الذي تفكر به. ولو كنت تفكر بعقيدتك وإيمانك لكان لك شأن غير شأنك". لكن هذه النصيحة دائما الواضحة والصريحة كانت تجابه بشراسة من طرف النظام والعلماء الدائرين في فلكه، غير أن الملاحظ أو السؤال المطروح بالمقابل، وبلغة د عمر إحرشان نفسها "أين علماء الجماعة" أين هم من حملات التنصير؟أين هم من تيارات الانحلال والإفساد؟أين هم من مجابهة التشيع وتصحيح عقائد الناس وسلوكاتهم؟أين هم من الفساد المستشري في كل الأوساط؟ أين هم من الإجابة على أسئلة الناس وإفتائهم في قضاياهم المعيشية والنوازل الحادثة؟أين هم من قضايا الشباب والشابات وهمومهم ؟.فباستثناء العالم الخنيفري "سالم باهشام" الذي يظهر على صفحات إسلام أون لاين الموؤدة مرة مرة لا نكاد نسمع لهم همسا.فيا ترى ما السبب ليزول العجب؟ [email protected]