بعد أزيد من عشر سنوات على دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ ظهرت بعض معالم النقاش الساخن الذي دار بين أعضاء اللجنة التي أشرفت على الإصلاح، هذا على الأقل ما كشفت عنه زهور الحر عضو لجنة تعديل مدونة الأسرة، التي وصفت المدونة "بأعمق إصلاح اجتماعي عرفه المغرب منذ الاستقلال". وكشفت القاضية والحقوقية الحر التي كانت تتحدث في الندوة الدولية التي نظمها اليوم السبت بالرباط، منتدى مغرب الكفاءات أن من اعتبرتهم "فقهاء محافظين شددوا خلال كتابة المدونة على طاعة الزوجة للزوج"، مسجلة أن التيار الحداثي داخل اللجنة طالب بأن تكون "الطاعة متبادلة بين الزوجة والزوج لمصلحة الأسرة". وقالت الناشطة النسائية في هذا السياق، "رفضوا مشاركة المرأة في النفقة طمعا في إبقاء مفهوم الطاعة لكن مع تطور الأمور مْشَاتْ الطاعة وبْقٓاتْ النفقة"، مبرزة "أن مدونة الأسرة مسار مغربي متميز أنجز بطريقة جريئة بفضل المجتمع المدني المتحرك والإرادة السياسية". من جهة ثانية أكدت نفس المتحدثة خلال تفصيلها للمشاكل التي اعترضت تطبيق مدونة الأسرة لدى الجالية المغربية بالخارج، أن "السؤال الذي واجهناه خلال النقاش هل نطبق قانون الإقامة أو قانون الجنسية في الطلاق والزواج وهذه واحدة من الإشكالات التي طرحت أمام اللجنة"، مضيفة "أن الرهان عند تقديم الإجابات كان هو ضرورة تبسيط المساطر لأن كل بلد يتمسك بسيادته، وبالتالي كان لابد من الحفاظ على الهوية المغربية حتى لا تذوب في الهويات الأخرى مع الانفتاح على التجارب الأخرى المتقدمة". وأوضحت في هذا الاتجاه أن "الاشكالية كانت بين نظامين الأول علماني لائكي والذي تعتمده دول الإقامة الأوربية ونظام ديني وهذا الأشكال حاولت المدونة التغلب عليه"، مشددة على أن "تنازع القوانين واختلاف المرجعيات يضعنا أمام مفهوم النظام العام الذي يعتبر مفهوما مطاطيا". وفي ذات السياق أوضحت الحر أن "المدونة قررت حل جزء من الإشكالات بالتأكيد على المساواة وفي مقدمتها إبرام العقد الذي كانت فيه الزوجة تحتاح إلى ولي"، مشيرة إلى أنه "تم مراعاة خصوصية المجتمع المغربي في القوانين المرتبطة بالأسرة"، قبل أن تستدرك أن "المدونة وإن لم تحقق المساواة لكنها حققت التوازن". من جانبها أشارت نزهة الوفي رئيسة منتدى مغرب الكفاءات، إلى أن تنزيل مدونة الأسرة في أوساط مغاربة الخارج تعترضها عدة مشاكل، وفي مقدمتها حسب المتحدثة "تحدي تحقيق مصلحة المغرب في ضمان استمرار الروابط الوطنية بأبنائه في المهجر"، مشددة على ضرورة "إيجاد سبل تمكن من ضمان الهوية الوطنية مع استيعاب الوضعيات القانونية الجديدة للمغاربة بالخارج خاصة في ما يتعلق بإبرام عقود الزواج وانحلالها". من جهة ثانية دعت رئيسة منتدى مغرب الكفاءات، إلى حماية أبناء الجالية خصوصا وأن القوانين الوطنية المتعلقة بالأسرة في المغرب كدولة إسلامية تقوم على مفاهيم اجتماعية وأخلاقية ودينية تنعكس آثارها على تكوين عقود الزواج وانحلالها، منبهة إلى بروز مشاكل تواجه الأجيال الصاعدة المغربية بالخارج الأمر الذي برز تنافس محتدم بين قوانين دول المهجر والقانون الوطني حول تحديد الأنسب لحكم الروابط الأسرية، حيث تتمسك كل دولة بتطبيق قانونها الداخلي رغبة منها في الحفاظ على سيادتها وهيمنتها على تنظيم الروابط القانونية لرعاياها أينما وجدوا. واختار منتدى مغرب الكفاءات السياق تنظيم هذه الندوة بعد مرور عشر سنوات على تطبيق مدونة الأسرة، مسجلا في أرضية الندوة أن "لازالت بعض الإشكاليات المسطرية والقانونية المتعلقة بتطبيق مقتضيات هذا القانون تطرح بحدة بالمهجر بالنسبة للمغاربة المقيمين في الخارج"، مشيرا إلى أهمية المساهمة في التعريف السليم بمضامين مدونة الأسرة في أوساط مغاربة المهجر، ومعالجة الإشكالات المسطرية والقانونية المرتبطة بتطبيق مدونة الأسرة بالنسبة للمغاربة المقيمين في الخارج.