ردا على رضوان السيد نشر الدكتور رضوان السيد بصحيفة الشرق الأوسط مقالة بعنوان:"الحملة على الإسلام.. والحملة على العرب" بتاريخ: الجمعة 18 جمادى الآخرة 1435 ه - 18 أبريل 2014 م رقم العدد [12925] واصفا فيها العقلانيين العرب وفي مقدمتهم المفكر الجزائري محمد أركون بكونهم متحاملين على الإسلام. وقد بدى الكاتب رضوان السيد متحيزا إلى إسلام أهل السنة والجماعة. وهذا تفكير ينبني على مقومات الانتصار للطائفة والجماعة وهذه مشكلة من مشاكل العقل المسلم الذي لازال في مجمله يفكر بمنطق الطائفة والجماعة. مع احترامي الكبير للدكتور رضوان السيد. وأتساءل إذا أعطينا بالدهر نحن الشباب للمشاريع الفكرية في الساحة الثقافية اليوم على رأسها محمد مشروع محمد أركون وغيره المشاريع المعروفة... ما سيتبقى لنا نحن الشباب هل نعود لكتب الأقدمين ونحذو حذوها حرفا بحرف ونسلك طريقها شبرا بشبر ؟! هل نعرض عن كل دعوى تنادي بصوت العقل والعقلانية ؟! ونكون حينها أناسا يغيبون صوت العقل وينتصرون للجماعة والطائفة والمذهب مهما كلف الثمن؟! وكيف سيكون مستقبل العالم الإسلامي إذا غيب صوت العقل والعقلانية؟!! أليس الإسلام في جوهره دعوة إلى العقل والعقلانية وخروج من التقليد والإتباع إلى الخلق والإبداع؟! في تقديرنا، فالاشتغال على بسط رسالة التنوير في العالم العربي من خلال العمل على فهم وقراءة النص الديني قراءة معرفية تنسجم مع المحيط الحضاري والثقافي والكوني في الوقت الحالي، وذلك باستحضار كل آليات المعرفة الحديثة، سيكون مدخلا لحل الكثير من المشاكل العالقة في واقعنا العربي مثل: مشكلة التطرف والطائفية والإقصاء وعدم قبول الرأي الآخر... التي تكون سببا في التصادم والتناحر بين مختلف الفرقاء الذي ينتمون للديانة الواحدة أو يشتركون في مسار التاريخ الواحد... أو المذهب الواحد .... ففهم قضايا الدين والنص الديني بشكل عقلاني لا شك أنه سيكون مفتاحا بالإيمان بأن الحقيقة الدينية لا يحتكرها طرف دون آخر، وليس من حق أحد أن يرى في تصوراته ومعتقداته الموروثة أو غير الموروثة بأنها هي الصواب، وبأنها يكمن فيها الخلاص وهي الحل الوحيد الذي ينبغي أن يكون عليه الناس جميعا في الأرض. فليس هناك أي مبرر وفقا للزمن المعرفي الذي يضللنا أن نبقى حبيسي الدوائر الكلاسيكية التي أكل الدهر عليها وشرب. لقد تشكل وترعرع اسلام أهل السنة في التاريخ وفقا لمتطلبات سياسية وثقافية وغيرها... وقد تشكل اسلام الشيعة كذلك وفقا لمتطلبات سياسية وثقافية وغيرها... وينبغي أن نسلم بكون الإسلام من حيث تجسده التاريخي بكونه متنوع ومتعدد. ولا زال ذلك التاريخ (تاريخ الإسلام) يوجهنا ويؤثر فينا اليوم أكثر من التوجيه والتأثير الذي ينبغي أن نؤثر فيه نحن، وهذه عين المشكلة بكوننا نعيش الحاضر ونبذل كل جهدنا لننتصر لمواقف وتصورات مذهبية وفقهية تشكلت في الماضي. فالتراث الإسلامي بأكمله إرث انساني ليس ملكا لأحد دون أحد، فنحن اليوم في أمس الحاجة أن نكشف عن وجهه الإنساني الذي يحضر معه تمجيد العقل... ونحن في حاجة أكثر من أي وقت مضى من أجل العمل على تفكيك الدوائر المغلقة التي تشكلت في إرثنا الثقافي باسم الإيمان تارة وباسم الإسلام تارة، فكلمة الإسلام هذه في تقديري تفقد معناها وجوهرها إذا فصلناها عن كلمة إنساني، فالإسلام من السلم والسلام والمسالمة وهذا جوهر الإنسانية في مستوياتها الراقية. وحتى لا يخذلنا التاريخ ووقائعه ومجرياته فالإسلام في صفائه لا هو بالإسلام السني ولا هو بالإسلام الشيعي ولا هو بالإسلام السياسي... الإسلام أوسع وأرحب من كل هذه الدوائر المغلقة... وهذا يتطلب منا أن نعمل على فهم الإسلام في علاقته بالمستقبل بشكل مفتوح ونبذل جهدنا لتفكيك النزعات المذهبية والفقهية التي حولت الإسلام من ما هو مفتوح إلى ما هو مغلق ومن ما هو مطلق إلى ما هو مقيد... وهذه مهمة كبار المفكرين العقلانيين في العالم الإسلامي. في تقديرنا ليس هناك أي مبرر معرفي لنجعل من العقلانيين العرب بكونهم يتحاملون على الإسلام. ويجب أن نضع بالحسبان بأن الإسلام فوق التاريخ من حيث الروح والجوهر والغاية والمآل. ينبغي أن نجعل الإسلام أمامنا وليس وراءنا، ينبغي أن نتحرر من الكسب المعرفي الذي حققه المتقدمون من أمتنا في فهمهم لرسالة الإسلام، وأن نعمل جاهدين اليوم ليكون لنا كسبنا وفهمنا الخاص وقد أمرنا القرآن بهذا وبه نعتدي قال تعالى " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " البقرة 134 والآية141 *باحث مغربي