نعاه فريق تشيلسي ومقتله يحمل ملامح جريمة منظمة أصبحت جرائم القتل مسألة عادية في بريطانيا وأخبارها تملأ الصحف ووسائل الإعلام الأخرى، لكن بين الفينة والأخرى تحصل جريمة قتل تثير الرأي العام أكثر من غيرها وتلقى اهتماماً واسعاً من جانب الجمهور ووسائل الاعلام في شكل خاص، تماماً مثلما حصل فجأة مع جريمة قتل راح ضحيتهافتى مغربي ظنها البعض أنها عادية عندما حصلت يوم الخميس الماضي، لكنها تبينت لاحقاً بأنها رهيبة ومثيرة للرعب. فقد أعلن الناطق باسم الشرطة أول أمس الثلاثاء أنه للمرة الأولى في تاريخ بريطانيا سيجري تقديم لائحة اتهام ضد 23 شخصاً في مقتل شخص واحد هو سفيان بلمودن (15 عاماً)، أي أن تنفيذ جريمة القتل تم على يد عصابة أو مجموعة كانت متآمرة وعملت في شكل متضافر، رغم أن جميع أعضاء المجموعة هم من المراهقين، ومن بينهم فتاة، وجميعهم طلاب في إحدى المدارس في غرب لندن. ويتضح من المعلومات التي سمحت الشرطة بنشرها أن قتلة سفيان طاردوه من المدرسة في غرب لندن وهو يرتدي الزي المدرسي إلى أن وصل إلى محطة "فيكتوريا" الرئيسية للقطارات المكتظة بالمسافرين طوال الليل والنهار، حيث جرت مهاجمته بالسكاكين أمام أعين ما لا يقل عن 600 مسافر وقفوا على الرصيف بانتظار القطار وأردوه قتيلاً. وأثار مقتل سفيان ضجة كبيرة لأسباب كثيرة، إذ إن الفتى اشتهر بكونه مهذباً جداً ورياضياً من الدرجة الأولى لفت انتباه الكثيرين، بما في ذلك إدارة فريق نادي تشيلسي لكرة القدم، الذي يحتل المرتبة الثانية في قائمة الفرق المشاركة في الدوري الممتاز لكرة القدم في بريطانيا، وكان على وشك الانضمام إلى فريق الشباب التابع للنادي، وقد أدى مقتله إلى إثارة شعور بالخسارة بين محبي لعبة كرة القدم الأكثر شعبية في المملكة المتحدة. سفيان رفقة أخته ووالده عبد السلام ولد سفيان في لندن لعائلة متوسطة الحال، حيث تملك والدته دكانين لبيع الملابس الأول في حي كنزنغتون الراقي والثاني في حي شيبردز بوش الشعبي. وقالت نعيمة غيلان (43 عاماً) والدة سفيان انه كان فتى شديد التهذيب ومتديناً وأنها لا تفهم سر مطاردته على يد عصابة من المراهقين لأنه لم ينتم الى أي عصابة، بل قالت انه في صبيحة اليوم الذي قتل فيه شعر بوعكة صحية وفكر بالبقاء في الفراش، لكنه قرر فيما بعد ألا يضيع يوماً دراسياً، فتحامل على نفسه وذهب الى المدرسة، وفي الرابعة من بعد الظهر اتصل سفيان بوالدته وطمأنها على صحته وأبلغها أنه في طريقه الى البيت، لكنه قتل بعد هذه المكالمة بوقت قصير. أما محمد (16 عاماً)، شقيق سفيان، فقال ان أخاه كان مولعاً بكرة القدم وحلم بأن يصبح في يوم من الأيام ملاح طائرة. وقال إنه تحدث الى سفيان قبل مقتله بعشرين دقيقة وكانت محادثة عادية قال له فيها انه في طريقه الى البيت. وقال إن سفيان لعب في مباراة قدم نظمها شباب فريق تشيلسي، فلفت نظر الفريق الذي أبدى اهتماماً شديداً به. وأصدر نادي فريق تشيلسي أول أمس بياناً إلى وسائل الإعلام نعى فيه سفيان وقال إنه "كان لاعب كرة شاباً وموهوباً حظي بمقعد في مشروع شبابي للنادي وكان عضواً يحظى بتقدير كبير" وكان سفيان بدأ بممارسة لعبة كرة القدم مع فريق "أكتون غاردن فيليج" الذي يلعب في دوري خاص للشباب في غرب لندن. ووفقاً للتقرير الطبي عن سبب الوفاة أصيب سفيان بعدد كبير من الطعنات في جميع أنحاء جسمه، لكنه توفي من طعنة قاتلة في القلب. وقالت الشرطة إنها تقوم حالياً باستجواب عدد كبير من الطلاب في المدرسة التي انتمى سفيان اليها، بالإضافة الى استجواب المتهمين الذين تم الاحتفاظ ببعضهم رهن التوقيف، فيما أطلق سراح البعض الآخر بكفالات مالية كبيرة. تقوم الشرطة كذلك بمراجعة أفلام الفيديو في محطة فيكتوريا، حيث حدثت جريمة القتل، وفي وسائل النقل الأخرى من حافلات ركاب وقطارات التي استخدمها القتلة وهم يطاردون سفيان. ووفقاً للناطق باسم الشرطة يملك المحققون شريط فيديو سجل بتفصيل دقيق اللحظات الأخيرة للجريمة وعملية القتل ذاتها، مما لا يدع مجالاً للشك في هوية القتلة، وتنظر الشرطة في احتمال أن تكون جريمة القتل وقعت على أساس خلاف بين الفتيان على الصداقة مع فتاة في المدرسة ذاتها. وتنظر الشرطة الى الجريمة على أنها تختلف عن جرائم الشباب الأخرى، رغم انتشار ظاهرة جرائم القتل طعناً بالسكاكين في السنوات الأخيرة، نظراً لأن جريمة قتل سفيان تحمل ملامح جريمة منظمة، تماماً مثل الجرائم التي ترتكبها عصابات الجريمة المنظمة والمافيات، لذلك تقرر أن تجري محاكمة المتهمين أمام محكمة أولد بيلي المركزية للجرائم الكبيرة.