ائتلاف دولي لمساعدة الجزائرين على تقرير المصير القضاء الجزائري يقرر مؤخرا طرد كل الأساتذة المضربين من عملهم في نفس الوقت الذي خاضت فيه ثلاث نقابات مغربية إضرابا وطنيا واسعا يوم 03 مارسالجاريمصحوبا بوقفة احتجاجية أمام مبنى حكومي. في المغرب لم تتدخل السلطات لردع وقمع المتظاهرين ولا المضربين بينما يتدخل القضاء الجزائري بقوة ليحرم النقابات والأساتذة ومن ثمة كل شرائح المجتمع الجزائري من الإضراب المكفول قانونيا في كل المجتمعات. في نفس الفترة نزلت الأجهزة الحكومية المغربية المختصة بثقلها في زاكورة ليس لقمع الأساتذة المضربين وإنما لتجلس مع ممثليهم إلى طاولة الحوار وهو ما تمخض عنه فض الإضراب بعد توقيع محاضر رسمية بتلبية مطالب الشغيلة التعليمية بالمنطقة. تزامنا مع هذه الأحداث النقابية بالمغرب والجزائر، دخلت الجزائر كعادتها على الخط لدعم صنيعتها الكركوزية أي جبهة البوليساريو أملا في التشويش على القمة المغربية-الأوربية الأولى من نوعها في عالمنا العربي والتي انعقدت بغرناطة المجد والتاريخ والأخوة والتسامح. وكما جرت العادة بذلك فقد حاولت الجزائر اصطناع ملف حقوق الإنسان بأقاليمنا الجنوبية بهدف التأثير على هذه القمة التاريخية التي خرج فيها المغرب بمكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية يسيل لها لعاب جيراننا وإخواننا الأشقاء. ورغم أنف أشقائنا في الدم واللغة والدين والثقافة والتاريخ والجغرافيا فقد ربحنا وهم خسروا معركتهم المغشوشة بحضور كل حيدراتهم وكل من اشتروه بوسائلهم المخابراتية المكشوفة. ربحنا وخسروا رغم أن الجزائر الحبيبة هذه برمجت عودة مجموعة من انفصاليي الداخل من مخيمات العار بتندوف إلى المغرب تزامنا مع قمة غرناطة لعل السلطات المغربية تفعل بهم ما فعلته مع تلك المرفوضة شعبيا التي رفضت الجنسية المغربية فينفض الاتحاد الأوربي بدوله السبع والعشرين من حول قمته مع المغرب. وخسرت الجزائر كل رهاناتها وربح المغرب بامتياز وضعه المتقدم مع الاتحاد الأوربي مع تأكيد البيان الختامي للقمة على تطوير هذا الوضع إلى سقف أعلى في أفق اندماج اقتصادي أكبر. الجزائر تقمع أساتذتها ومنارات علمها ومربي أبناء مستقبلها وتستدرج معطلين بلا تكوين لتشغيلهم بدلا عنهم وتجند القضاء والأمن لهذا القمع بينما يتظاهر بحرية مواطنون مغاربة بالشمال غير بعيد عن المدينة التي يوجد بها ملك البلاد حيث يشرف على مشاريع تنموية ويتفقد أحوال المواطنين. في الجانب الآخر يستمر تفقير الشعب الجزائري وموظفيه بينما تنفق مخابرات الجزائر الملايير لشراء الذمم ثم تجمع مرتزقة يدعون العمل الجمعوي في ما حاولت تسميته بقمة موازية لقمة غرناطة. وفشل هذا اللقاء المزعوم وانتهى إلى الاعتداء على أخينا الموريطاني محمد الأمين الخطاري الذي يعمل لفائدة قناة أمريكية والذي لا يسعنا إلا نعلن تضامننا المطلق واللامشروط معه. وإذا كان المغرب اليوم قد حول هزيمة المسلمين في غرناطة إلى نصر سياسي واقتصادي وبرلماني وثقافي، فإن الجزائر انهزمت في غرناطة 2010 وهي تتذكر فقدان الأندلس وحي البيازين بغرناطة ذات 1492م. المغرب لا يتدخل في الشؤون الداخلية الجزائرية عكس ما تفعله الجزائر. المغرب دشن منذ عشرين سنة ومن غير رجعة مسلسل الديمقراطية والتشاركية وفتح ملف تصالحه مع ماضيه بينما الجزائر تقمع شعبها بكل مكوناته وتقوم مخابراتها بقتل الناس وتفجير الأماكن والممتلكات وتنسبها لجماعات إسلامية، فحذت حذوها أمريكا في العراق الشقيق. الانتماء النقابي في المغرب مكفول دستوريا منذ الاستقلال وعرف طفرة كبيرة حتى قبل حلول الألفية الثالثة ونطالب بالمزيد بكل حرية. الجزائر تحاصر الأمازيغية بينما المغرب أحدث معهدا للثقافة الأمازيغية وأطلق قناة تلفزية أمازيغية وأقر الأمازيغية لغة بالمدارس. الجزائر تشدد الخناق على منطقة القبايل والمغرب سيمنح صحراءه حكما ذاتيا وينخرط في جهوية موسعة بكل البلاد بتشاور مع مكونات المجتمع. حرية التعبير والصحافة في المغرب قطعت أشواطا تحتدى في العالم العربي وإفريقيا ونطالب بالمزيد بكل حرية، بينما في الجزائر لا صوت يعلو على صوت قصر المرادية الذي يتحكم فيه العسكر ولا أحد سوى العسكر. ذاك العسكر الذي خان نضالات شعبه التاريخية والبطولية مثلما خان ثقة المغرب الذي سقط أبناؤه دفاعا عن استقلال الجزائر فكافأ عسكر الجزائر مغرب محمد الخامس برفض ترسيم الحدود الشرقية واحتفظوا بمناطق مغربية قحة تضم بشار وتميمون وتندوف وغيرها كانت قد أهدتها فرنسا لنفسها بالجزائر على طبق من نار وخداع وتدليس. ونحن هنا لا نقول بمغربية الجزائر وتونس وموريطانيا والسينغال وإسبانيا والبرتغال ومالي لأن المرابطين والموحدين والمرينيين والسعديين وبعضا من العلويين حكموا الجميع من عواصمهم مراكشوفاس ومكناس في مد وجزر من القرن الحادي عشر إلى حدود النصف الأول من القرن الثامن عشر. حاشى أن نقول بذلك في وقت كانت دول المغرب الكبير (المغرب وموريطانيا والجزائر وتونس والجماهيرية العظمى ) دولة واحدة وعاصمتها مراكش ثم فاس. لم يكن آنذاك فرق في الجنسية ولم تكن حدود تفرق بين ساكنة سجلماسة وغدامس وأوليل وبجاية وسوسة وسبتة وأوداغشت وقسنطينة وبرقة وتزنيت وشنقيط ووهران وفاس وأزمور وتلمسان وتازا والقيروان. وأنا أستثني هنا لأسباب تاريخية وعلمية أقاليم الأندلس ومالي وكل ما كان يعرف ببلاد السودان. كانت تلك وحدة المغارب التي أعاد إحياءها الحسن الثاني والأخ معمر ورفاقهما الشادلي وزين العابدين ومعاوية وقتلها عسكر الجزائر في المهد مثلما سبق وذبح يوم عيد الأضحى الأخوة المغربية-الجزائرية بالطرد التعسفي اللاإنساني وغير المبرر لثلاثمائة وخمسين ألف من مغاربة الجزائر في رد انتقامي همجي على المسيرة الخضراء التي ضمت نفس العدد من المتطوعين إضافة إلى وفود أجنبية وخاصة منها العربية من بين الأمم التي انحازت إلى الحق والعقل والتاريخ عكس الجزائر التي اختارت طريق التهور والحسد ونكران الجميل كما فضلت نزوة جنون العظمة والرغبة في مياه الأطلسي. ورغم أننا لم ننس إهانة الجزائر لمغاربة 1975 ورغم أننا نتقطع أسى على إخواننا المحتجزين قسرا في تندوف المغربية المستلبة وعلى نسائنا وبناتنا اللواتي تتعرضن للاغتصاب هناك وعلى أطفالهم المحرومين في ذلك السجن المخابراتي الواسع أمام صمت مريب للمجتمع الدولي، فإننا مازلنا نحب الجزائر وقد هتف لها كل المغاربة في كأس إفريقيا الأخيرة وفي إقصائيات كأس العالم 2010 مثلما شجعناها بقلوبنا الصادقة في مونديال 1982 وفي غيرها من المحطات فقط لأن المغاربة لم ينجروا مع مصالح فئات ضيقة ولا مع مخططات إمبريالية ترغب في تعكير الجو بين الإخوة وتأبيد الصراع. ورغم هذه الجروح الغائرة، فإن جلالة الملك محمد السادس يجدد في كل مناسبة طلبه لأخيه بوتفليقة بفتح الحدود وإخراج اتحاد المغرب العربي من غرفة الإنعاش. غير أن عساكر بلاد مولود معمري وعبد الحميد باديس لهم رأي آخر غير حكامة ملك المغرب وأسلافه من ملوك المغرب. وأولئك العساكر وأبواقهم السياسية الببغائية يعرفون كلهم جيدا كيف منحتهم فرنسا ترابا مغربيا أزليا بشرق المملكة ويعرفون كيف اتفقت قبل ذلك فرنساوإسبانيا وإيطاليا وألمانيا على منح إسبانيا حرية احتلال الصحراء المغربية الجنوبية ومع ذلك يحلو لهم نعتها بالصحراء الغربية وقد نصبوا على رأس جمهورية مزعومة رجلا لا ينتمي لهذه الصحراء بتاتا ولا يتحدث الحسانية ألا وهو أخونا محمد عبد العزيز المراكشي، سدي عبد العزيز البهجاوي ديالتنا اللي عندو واقيلا شي جذور حتى فتادلا أو فالرحامنة. هل تنتقم الجزائر من المغرب لأن أبناءه حكموا كل ولايات المغرب الكبير والأندلس وأفريقيا ما وراء الصحراء على مدى قرون طويلة أم لأنه ساعد الأمير عبد القادر وآوى الفدائيين والمجاهدين الجزائريين من عهد مولاي عبد الرحمان إلى محمد الخامس أم لأنه دفع أرواح أبنائه في سبيل حرية الجزائر أم لأنه سبقها إلى البلاء الحسن في مونديال 70 أم لأن له واجهتين بحريتين أم لأن جيوش يعقوب المنصور شاركت صلاح الدين هزم الصليبيين وقد أوضحنا أن الخليفة المراكشي كان خليفة على كل الشمال الإفريقي والأندلس ولم يكن للمغاربة ولا للتونسيين وحدهم، أم لأن المغرب سبق العالم إلى الاعتراف باستقلال الولاياتالمتحدةالأمريكية أم لأنه أنجب العربي بنمبارك جوهرة الكرة العالمية لكل الأزمنة أم لأنه الوحيد الذي لم يخضع للسيطرة العثمانية أم لأنه آخر من خضع وأول من استقل سواء مع الرومان كما مع البرتغاليين والإسبان أو مع فرنسا القرن العشرين أم لأن المغرب اختار التعددية السياسية منذ زمن موضة الحزب الوحيد أم لأن بالقدس الشريف باب المغاربة. بالله عليكم، بعد هذا الموجز الحقوقي حول الجزائر التي تعيش عقوق الإنسان، من منكم سيصدق بأن الجزائر دولة تتحدث عن حقوق الناس وعن حق الشعوب في تقرير مصيرها وعن احترام حرية التعبير وحرية رفض الجنسية والحرية الاقتصادية وحرية التجمع والانتماء النقابي والحق في الحياة. أظن أنه على جمعيات المجتمع المدني بكل دول العالم أن تشكل ائتلافا أو مرصدا دوليا للتضامن مع الشعب الجزائري في محنته ولمساعدته على تقرير مصيره في من يحكمه وكيف يحكمه وبأي دستور يحكمه. عاشت شعوب إفريقيا الشمالية موحدة ديمقراطية تقدمية وأصيلة وفية لمقدساتها. *خبير في التراث