هزيمة سيدي افني ومولاي يعقوب وبفوارق الأصوات المعلن عنها لها أكثر من معنى ومؤشر على احتمالات كانت بالأمس القريب غير قابلة للدخول في أذهان أعضاء العدالة والتنمية؛ ويتعلق الأمر بأن "الشعبية" التي يحاول بن كيران تسويقها في خطاباته للمغاربة مجرد وهم وكذبة. وأن شباط الذي أصبح يهذي بتكرار اسمه ليل نهار وصباح مساء أعضاء العدالة والتنمية ليس ذلك الشخص السهل المنال، وإنما يحظى بشعبيته أيضا والدليل استمرار اكتساحه لقيادة فاس مدينة المثقفين بامتياز، وانه استطاع إقناع ساكنة مولاي يعقوب بالتصويت من جديد لمرشح حزبه، بل وتوعد متيقنا "حزب المصباح" بالهزيمة و"العقاب الانتخابي". وأن مرشح العدالة والتنمية بسيدي افني لا يحظى بذات الشعبية التي يملكها مرشح الأصالة والمعاصرة، بحيث حصل على اقل من نصف أصواته، وهذا أيضا يدحض ادعاءات "الشعبية" للحزب دون غيره. وفي انتظار الطعون والاتهامات و الاتهامات المتبادلة بالتزوير يبقى على العدالة والتنمية أن يقف وقفة مع نفسه ليعرف أين يسير بنفسه وبأعضائه، وليستيقظ من حلم الشعبية الوهمية؛ لأن أصوات المغاربة كلها تُحْسَم بقدرة قادر، وأن هذا القادر هو من يختار في كل مرة ورقة رابحة يلعب بها ثم بعد ذلك يرميها. أذكر الإخوة بسياط الأصالة والمعاصرة التي كانت مسلطة عليهم قبل عشرين فبراير، وكيف أن احتجاجات "الفبرايريين" الذين تنكر بن كيران لفضلهم أرغمت المخزن على إلغاء ورقة الهمة الذي كان "كابوس العدالة والتنمية" آنذاك. وآه لولاكم أيها "الفبرايريون" بعد الله عز وجل ماذا كان سيفعل بهم الهمة لو ترأس الحكومة. وأذكرهم بعدها بتخريجة G8 (التحالف من أجل الديمقراطية) التي تراجعت عنها ثعالب المخزن بعدما قررت اللعب بورقة "الإسلاميين" ليعتقد العالم أن المغرب استثناء وان النظام الحاكم استجاب للمطالب، والدليل هو صعود فصيل إسلامي للحكم. صعود الإسلاميين في مصر وليبيا وتونس ثم المغرب، لكن مع الاستثناء الكبير في بلدنا: حيث تحقق التغيير في ظل "الحل الثالث" دون دماء ولا حروب. هذه هي الصورة التي أُرِيدَ وَيُرَادُ تسويقها بمساهمة من العدالة والتنمية. لكن الفرق الواضح بين هذا وذاك: أن الشعوب تحركت وتتحرك بإرادتها في البلدان الأخرى محاولة ممانعة الظلم والاستبداد المدعومين من الصهاينة وأمريكا. أما هنا فالاستكانة والخضوع والركوع هي سيد الموقف. ويستمر تسويق وهم التغيير بالبلاد. المخزن الآن ماض في تمييع الحزب، وكما تأسس حزب الاستقلال إسلاميا وأضحى كغيره اليوم، كذلك سيكون - والله أعلم - مصير ال PJD الذي تَعْلَمُ قواعده وقياداته أكثر من غيرها حقيقةَ امتصاص الحزب لطاقات جناحه الدعوي "التوحيد والإصلاح" حتى غَلَبَ السياسي لديهم على الدعوي وانتشر الميول للحزب أكثر من الحركة. قلت: كذلك سيكون مصيرهم وربما أسوا؛ إن لم يستيقظوا من وهمهم. المخزن "كَيْحْرَث عليهم" فما كان جيدا حُسِبَ له، وما كان سيئا حُسِبَ عليهم. استيقظوا رحمكم الله. [email protected]