أدانت ابتدائية الدارالبيضاء، ظهر أول أمس الجمعة، "زوبيدة- خ"، زعيمة شبكة الاتجار في الأطفال حديثي الولادة، بالسجن النافذ لست سنوات مع أداء غرامة مالية قدرها 100 ألف درهم (10 ملايين سنتيم)، وذلك بعد مؤاخذتها بتهمة المتاجرة في أطفال رضع وطمس هويتهم، وتبرئتها من تهمة تزوير وثائق. وقضت نفس المحكمة في حق المتابعين السبعة في نفس الملف بأحكام تراوحت بين 3 أشهر موقوفة التنفيذ و4 سنوات نافذة. حيث صدرت في حق كل من "المصدق- إ" و"محمد –ا" و"عبد الرحيم- د" أحكام تقضي بسجنهم 4 سنوات مع أداء كل منهم غرامة مالية قدرها 50 ألف درهم (5 ملايين سنتيم). وأدينت كل من الخادمة "فاطمة –د" والممرضة "عزيزة –ع" بسنة واحدة حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم لكل واحدة منهما، فيما صدرت ضد الأم العازبة "نزهة –ش عقوبة حددتها المحكمة في سنة واحدة موقوفة التنفيذ وغرامة قدرها 5 آلاف درهم، فيما صدر في حق "بهيجة –ا" حكم بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ. وخلفت هذه الأحكام استياء وسط عائلات المتهمين التي حجت إلى جلسة النطق بالحكم بكثافة، وشوهدت العشرات من النساء يندبن ويصرخن بهستيريا في باحة المحكمة وخارجها مباشرة بعد تلاوة الأحكام. مرافعات هيئة الدفاع خلال جلسة الأربعاء الماضي، التي خصصت لمرافعات هيئات دفاع المتهمين الثمانية، لم تستطع بعض النسوة اللواتي حضرن لمؤازرة ذويهن المتابعين في ملف شبكة الاتجار في الأطفال الرضع، مغالبة دموعهن وهن يشاهدن ويسمعن كيف يصرخ ممثل النيابة العامة في وجوه المتهمين الماثلين أمامه، واصفا إياهم جميعا ب"ذوي النيات السيئة". وبعد أن تتطرق بالتفصيل إلى حالة كل ظنين من المتابعين الثمانية، طالب المحكمة ب"معاقبتهم جميعا بعشر سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهم لما كانوا يقترفونه من جرم دنيس"... وركز ممثل النيابة العامة في مرافعته على الأثر المستقبلي للاتجار في الأطفال وطمس هوياتهم، حيث قال "إن الطفل الذي يتم طمس هويته يمكن أن يكبر ويتزوج بأخته أو بعمته أو بخالته.."، وشدد على معاقبة المتهمين بعقوبة توازي خطورة الجرم المنسوب إليهم. الحاجة: أنا ماكنزوّر ماكاناخد فلوس حينما سألها القاضي حول استعمالها لوثائق مزورة تضم وقائع مزورة، لم تتردد (ز-خ)، المتهمة الرئيسية في هذا الملف، في إنكار المنسوب إليها، حيث قالت إن المتهم (م-إ) الملقب ب"المكناسي" هو من كان يتكلف بإستصدار تلك الوثائق، مضيفة أنها كانت تمنحه مبالغ تتراوح ما بين ألف وألفي درهم مقابل ذلك، زيادة على مصاريف التنقل. لكن "المكناسي" نفى أمام المحكمة أن تكون بينه وبين الملقبة ب"الحاجة" أية معرفة، وعندما واجهه القاضي بأن جميع المغاربة شاهدوه على التلفاز وهو في دار المتهمة الرئيسية.. أجاب قائلا: "أنا غير ضحية ديال هاد المرا.. ما بيني وبينها والو وماكتعطيني والو..". دفاع "الحاجة" ركز في مرافعته على كون موكلته لا تبيع ولا تشتري الأطفال وإنما فقط تنقذهم من الضياع والموت، حيث تتسلم، حسبه، المواليد من أمهاتهم اللواتي يرغبن في التخلص منهم لتعطيهم إلى عائلات ترغب في التكفل بهؤاء الأطفال، وكل ذلك "لوجه الله" بحسب تعبير دفاع المتهمة. وقال "إن موكلتي لا تقوم إلا بدور فاعل خير، وإن كان من الناحية القانونية يعتبر جرما، لكنها لا تتقاضى أي مقابل عن ذلك، ولو كانت تجني الأموال من وراء ما تقوم به لكانت حالتها المادية أحسن مما عليها الآن"، مشيرا إلى أنها لا تملك لا سيارة ولا بيتا في ملكيتها، وإنما هي مجرد ربة بيت بسيطة تعيل بعملها كمولدة أسرة تتكون من زوج مقعد و9 أبناء. وبخصوص تهمة التزوير اعتبر الدفاع أن ما تقوم به "الحاجة" ليس تزويرا بل "صنعا لوثائق" تثبت هوية أولئك الأطفال المتخلى عنهم. والتمس الدفاع من المحكمة مراعاة ظروف التخفيف لفائدة موكلته، مع الأخذ بعين الاعتبار كونها مريضة بالربو "إذ لن تحتمل حالتها الصحية البقاء في السجن". الممرضة: أنا غير فاعلة خير "تصريحات موكلتي (عزيزة-ع) لا يُستشف منها أي شيء يمكن إدانتها من أجلها، إذ أنكرت مشاركتها في ما نُسب للمتهمة الرئيسية، ولم تتسلم أي مبلغ نظير وساطتها بين المعنية وأم تريد التخلص من مولودها"، هكذا استهل دفاع الممرضة المتابعة بتهمة "الوساطة في بيع طفل وتسهيل ذلك والمشاركة في طمس هوية"، مرافعته، حيث قال إن العمل الذي قامت به موكلته "لم يتجاوز حدود المعقول"، موضحا أن موكلته التي تعمل ممرضة في إحدى المصحات الخاصة بالبيضاء، أجرت اتصالا هاتفيا مع "الحاجة" لتبلغها بوجود فتاة حامل تنوي التخلص من مولودها، مؤكدا أنها فعلت ذلك عن حسن نية وخوفا على مصير ذلك الطفل. ونفى دفاع المتهمة أن تكون موكلته قد قامت ب"السمسرة" بين المتهمة الرئيسية وتلك الأم العازبة، لكونها لم تتلق أي مبلغ مالي نظير ملاقاة الأولى بالثانية. كما نفى أن تكون موكلته على علم بما كانت تقوم به الحاجة، مؤكدا أن هذه الأخيرة سبق وأن أوهمت الممرضة عزيزة بأنها تقوم بالتكفل بالأطفال المتخلى عنهم وطلبت منها أن تبلغها إذا صادفت أي امرأة تريد التخلي عن مولودها. وختم دفاع الممرضة مرافعته بالتماس البراءة لموكلته من جميع التهم المنسوبة إليها، وذلك ل"عدم علمها بما كانت تقوم به المتهمة الرئيسية ولانعدام أي مقابل مادي نظير توسطها، وكذا انعدام سوء النية في ما قامت به". الخادمة: أنا مقابلة غير الكوزينة والجفّاف فاجأت الخادمة (ف-د) هيئة الحكم بنفيها لكافة التصريحات المدونة في محاضر الشرطة، حيث نفت ما سبق أن صرحت به من توافد مجموعة من النساء الحوامل على بيت مشغلتها التي تتكلف بهن في المراحل الأخيرة من حملهن مقابل مغادرتهن بعض الوضع تاركات مواليدهن بيد "الحاجة". كما نفت معرفتها ببقية المتهمين والمتهمات، بالرغم من أن القاضي واجهها بما سبق أن صرحت به أمام الضابطة القضائية، من أن المتهم "المكناسي" كان يتردد على بيت مشغلتها.. لكنها تشبثت بالنفي معلنة أنها مهمتها لا تزيد عن الطبخ والكنس وتنظيف البيت. دفاع الخادمة، من جهته، اعتبر أن موكلته ضحية وليست فاعلة، ذلك أنها تشتغل لدى المتهمة الرئيسية وتقوم بما تمليه عليها هذه الأخيرة من أوامر مقابل أجر زهيد تعيل به أسرتها في إقليم أسفي. والتمس الدفاع من المحكمة تبرئة موكلته من تهمة "المشاركة" لكونها مجرد خادمة لا علاقة لها بالشبكة. أما دفاع (محمد-أ)، متصرف بوزارة الداخلية، فإنه طالب بإزاحة تهمة "تزوير الوثائق" عن موكله لكونه لا يقوم بأي تزوير بل يتوصل بالوثائق المطلوبة كاملة ليدون المواليد في سجلات الحالة المدنية. والتمس الدفاع تبرئة موكله من التهمة المنسوبة إليه "لكون المتابعة غير ثابثة في حقه". وبدوره طالب دفاع (ع-د)، شيخ حضري بمقاطعة ابن مسيك، ببطلان المتابعة في حق المتهم، وذلك لانقطاع العلاقة بينه وبين المتهة الرئيسية منذ سنة 2005. كما طالب دفاع الملقب بالمكناسي بتبرئة موكله الذي لم يبق له عن التقاعد من عمله ك"مخزني" سوى 4 أشهر. واعتبر دفاع (بهيجة) المتهمة بالفساد والمشاركة في طمس هوية طفل، أن موكلته كانت ضحية لظروف قاهرة، حيث حسبه طردها معيلها الوحيد (جدها) من بيته إلى الشارع وتعرضت لاغتصاب نتج عنه حمل، ولما لم تجد مكانا تأوي إليه تم إرشادها إلى بيت الحاجة حيث قضت فترة حملها مقابل التخلي عن مولودها بعد وضعه. والتمس دفاع المتهة البالغة من العمر 24 سنة مراعاة صغر سنها وعدم سوابقها، وذلك بتمتيعها بأقصى ما يمكن من ظروف التخفيف. *أخبار اليوم المغربية