أصدرت المحكمة الابتدائية بالمحمدية مساء أول أمس الأربعاء ، حكما ببراءة يونس الشلي مسؤول فرع حركة التوحيد والإصلاح بالمدينة ذاتها والذي كان متابعا بتهمة توزيع فتوى للدكتور أحمد الريسوني في قضية التسوق من المتاجر الكبرى التي تبيع الخمور. وقال الشلي في تصريحات ل "هسبريس " إن " القضاء تكلم بما كان منتظرا منه بالفعل فكان منصفا وعادلا وأعاد الأمور لنصابها " موضحا أن حكم البراءة " ترك ارتياحا واسعا لدى ساكنة المحمدية". وأشار الشلي أيضا إلى أن حكم البراءة يعد "انتصارا لساكنة المحمدية التي عبرت عن استمرارها في الاحتجاج على المتجر المذكور "لابيل في" بحي الراشيدية حتى تستجيب السلطات والمسؤولون لإغلاق جناح بيع الخمور المستفز لمشاعر المواطنين". وأوضح مسؤول فرع حركة التوحيد والإصلاح بالمحمدية أن حركته " ستظل مستمرة في مساهمتها في إقامة الدين وإصلاح المجتمع بكل الطرق التي يكفلها لها القانون بمنهجها الوسطي والمعتدل ومناهضتها للخمور وغيرها من مظاهر الفساد " ومن جهته اعتبر المهندس محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح الحكم بأنه إنصاف ليونس الشلي ، ولعمل فرع الحركة بالمحمدية ولباقي الجمعيات التي ساهمت في ذلك الاحتجاج القانوني ولكل ساكنة حي الرشيديةبالمحمدية، فكل من تابع جلسات المحاكمة لا يمكنه أن يتوقع إلا البراءة التي جاءت بحمد الله كما يشكل هذا الحكم يؤكد الحمداوي انتصارا لخيار المشاركة الذي تبنته الحركة بالتدافع السلمي والاحتجاج في إطار القانون. وأشار الحمداوي في تصريحات لموقع حركة التوحيد والإصلاح إلى أن أصحاب المصلحة في إثارة مثل هذه القضايا هم المنتفعون أولا والمشاكسون للتيار الإسلامي ثانيا، وقال: إثارة مثل هذه القضايا المتصلة بقيم المجتمع المغربي وهويته هي إما من الجهات المستفيدة اقتصاديا من بيع الخمور، أو من الجهات التي لا تعجبها مواقف حركة التوحيد والإصلاح في الدفاع عن القيم، فهؤلاء مرة يثيرون مسألة الخمور وأخرى يثيرون مسألة الشذوذ بدعوى الحريات الفردية، ولكن عندما يتم منع التدخين في الأماكن العامة وفي المطارات فهميقبلون به لأنه من الغرب، نحن نعتقد أن الخمر علاوة على أن محرم شرعا فإنه كذلك مضر وله آثار وخيمة على المجتمع"، على حد تعبيره. يذكر أن مئات المواطنين من حي الرشيدية والأحياء السكنية ودواوير الضواحي بالمحمدية كانوا قد خرجوا شهر دجنبر الماضي في تظاهرة شعبية ضد بيع الخمور بالسوق الممتازة لابيل في التي فتحت أبوابها قبل 5 أشهر بالمنطقة. ودعت إلى هذه الوقفات الاحتجاجية عدة هيئات مدنية، بينها فرع حركة التوحيد والإصلاح بالمحمدية ومنظمة التجديد الطلابي، احتجاجا على حفل مجاني لتذوق الخمور نظمته إدارة هذه السوق. يونس الشلي القيادي بحركة التوحيد والإصلاح بالمحمدية يروي تفاصيل استنطاق أمني دام حوالي 9 ساعات تقديم : قرر الوكيل العام للملك بالمحكمة الابتدائية بالمحمدية متابعة يونس الشلي، مسؤول حركة التوحيد والإصلاح بالمحمدية، بسبب من أجل المتابعة بتهمة التحريض على وقفات غير مرخص لها وتوزيع منشور مخالف للقانون، في إشارة لتوزيع فتوى الدكتور أحمد الريسوني بتحريم التسوق من المتاجر الكبرى التي تبيع الخمور، وحددت أولى جلسات المحاكمة يوم 17 فبراير 2010 القادم. يونس الشلي القيادي بحركة التوحيد والإصلاح بمنطقة المحمدية بن سليمان، يحكي " لجريدة "المصباح" تفاصيل استنطاق أمني دام لما يزيد عن 9 ساعات، نافيا أن يكون قد تلقى أي استدعاء رسمي من طرف السلطات التي استدرجته للتحقيق دون معرفة مسبقة له بمجريات هذا الأخير الذي انتهى به لمحاكمة بسبب احتجاجه على بيع الخمر بالمحمدية. كيف بدأت حكاية استنطاقك من طرف رجال الأمن؟ لم يتم استدعائي بشكل رسمي، ولكن الأمر تم على شاكلة اعتقال، ففي صباح يوم الأربعاء 20 يناير 2010 صباحا، حوالي الساعة الثامنة، اتصل بي "مقدم الحي" الذي يتواجد به محل سكناي على هاتفي الشخصي، يخبرني بأن قائد المقاطعة الحضرية يريد مقابلتي من أجل تبليغي برسالة معينة، في حينها كنت متوجها إلى مقر عملي وقلت لابأس بلقائه لكي أتعرف على مضمون الرسالة، وبالفعل تواعدت مع عون السلطة بالقرب من بيتي بشارع المقاومة، ولما التقيت به وبدأت أتجاذب معه أطراف الحديث عن السبب الحقيقي لاستدعائي تفاجأت بأن المقدم لاعلم له بموضوع اللقاء بالمرة، وهذا ما بدا لي حينها ، وبقينا دقائق معدودة، لتلتحق بنا سيارة من نوع رونو سوداء اللون، ليخرج منها ثلاثة رجال للأمن بزي مدني، كانوا يمتطونها. هل كنت على معرفة مسبقة بهم ؟ لا، يبدو أن الأمر عن سبق إصرار وترصد، والغالب أن هناك تنسيق، لأن المقدم ليس لديه أي خبر أو معلومة عن مضمون الرسالة التي يريد القائد توجيهها إلي. كيف تعامل معك رجال الأمن؟ خرجوا من السيارة التي كانوا يمتطونها، وقالوا لي من الضروري أن تذهب معنا، نحن من الأمن، وبالفعل امتطيت معهم السيارة، فاقتادوني إلى الدائرة الإقليمية للأمن بالمحمدية، فقد تعاملوا معي بشكل عادي وحين صعدت معهم إلى السيارة بدأ أحدهم يستفسرعن من كان واقفا إلى جانبي، وقال "اشكون لي كان واقف معاه"، في إشارة إلى مقدم الحي، الذي كان يجهل على مايبدو صفته. اقتادوني إلى الدائرة الإقليمية للأمن بالمحمدية الموجودة بالقرب من الميناء، حيث يوجد قسم الاستعلامات العامة والشرطة القضائية، ودخلت إلى الدائرة رفقة رجال الأمن الثلاثة، وصعدنا إلى الطابق الأول، وهو الطابق المخصص لمصالح الشرطة القضائية، بعدها أدخلوني عند رئيس الشرطة القضائية، فإذا به يخرج ملفا خصا بي يحتوي على صورة شمسية خاصة بي، لم يحاول التحدث إلي باستثناء سؤاله عن رقم المنزل الذي أقطن به، في الوقت الذي لم يتناول معي فيه سبب مجيئي للدائرة الأمنية. بعدها تم اقتيادي لمكتب مجاور لتحرير محاضرالشرطة القضائية، حيث كان يتواجد به موظف واحد، وسلموني حينها إلى هذا الموظف الوحيد، الذي لايعرف بدوره سبب استدعائي. ألم تحاول أن تستوضح الأمر؟ قلت له أنني أجهل موضوع اقتيادي إلى دائرة الأمن، بالإضافة إلى أنني لم أستلم استدعاء في الموضوع، ورئيس الشرطة القضائية لم يخبرني هو الآخر بأي شيء، ولم يستطع أن يجيبني حينها إلا بقوله :" أنا بحالي بحالك معارف والو"، وحينها طلب مني هذا الأخير الجلوس، بعدها التحق موظفان آخران بنفس المكتب، ليلتحق ثلاثة عناصر من الأمن بزي مدني، أظنهم من الاستعلامات العامة أو المخابرات، لاأعلم تحديدا، ليصبح العدد الإجمالي للمستجوبين ستة عناصر أمنية. ماهو الحوار الذي دار بينهم وبينك؟ بدؤوا معي حوارهم أو استنطاقهم لي، بتحرير محضر استقوا منه معلومات عن اسمي الشخصي والعائلي، واسم الأب والأم وعدد الإخوة وتاريخ الازدياد كل واحد منهم، وعن مهنته، ومكان تواجده، ثم مساري الدراسي ومكان الازدياد، ومنه المرحلة الابتدائية بمدينة القصر الكبير والمرحلة الثانوية والجامعية بمدينة تطوان، ثم انتقلوا معي إلى مساري الحركي والحزبي، وبدؤوا يسألونني عن انتمائي في مدينة القصر الكبيروتطوان، وسألوني عن الجهة التي كنت أنتمي إليها، وأجبتهم أنني كنت مع توجه واحد، وهو حركة التوحيد والإصلاح وفصيله الطلابي سابقا طلبة الوحدة والتواصل، كما سألونني عن المسؤوليات التي كنت أتحملها سابقا في مساري الدعوي والحركي بالفصيل والتنظيم، خصوصا المسيرات والأنشطة التي شاركت فيها، وقلت لهم لقد شاركت بجميع الأنشطة التي تنظمها الحركة. بعد ذلك بدؤوا يسألونني كذلك عن مكتب الحركة بالمحمدية، ومتى تحملت المسؤولية؟ وفي أي سنة؟، ثم سألوني عن أعضاء المكتب المسير لمكتب المنطقة لحركة التوحيد والإصلاح، وعن وظيفة ومهمة كل عنصر بالضبط، كما سألوني عن مقر الحركة وعن الأنشطة التي تقام به. ثم انتقلوا بي إلى موضوع الوقفات الشعبية ضد الخمر، ثم سألوني كيف نشأت الفكرة في بداياتها ومن تحرك معنا، لأخبرهم أنها انطلقت باستنكار مجموعة من جمعيات الأحياء لافتتاح جناح بيع الخمر في أكبر تجمع بشري بحي الرشيدية 3، وبأنهم راسلوا عامل الإقليم والسلطات الأمنية، وقلت لهم بأننا التحقنا بالمبادرة وبدأنا التنسيق مع تلك الجمعيات، وبدأنا نعبر عن رأينا بشكل واضح وسلمي وقانوني ومسؤول، مع العلم أن هذه الجمعيات تعرضت لضغوط من طرف السلطات لثنيها عن المشاركة في برنامج الوقفات الاحتجاجية ضد بيع الخمور، وللانضمام في الاحتجاج والتي تجاوزت 13 جمعية، ليسألني أحدهم " ماشي كلهم كانوا معاكم". من كان يستنطقك تحديدا؟ كانوا يتناوبون في استنطاقي جميعهم، إلا أن ثلاثة منهم ممن التحقوا بالمكتب متأخرين، هم من تهيؤوا في تلك اللحظة لأخذ المحضر، ليستمر الاستنطاق حول الجمعيات مكان اجتماعنا، والذي كنا ننوي فعله بعد كل هذا الاحتجاج، وأجبتهم أن التنسيقيات والجمعيات المشاركة هي التي ستتخذ الإجراءات الضرورية والخطوات التالية في حينه، ليبدأ مسار جديد من الاستنطاق التفصيلي الذي تعلق تحديدا عن وقفتي 13 دجنبر و20 دجنبرالمركزيتين اللتين نظمتا بخصوص استنكار بيع الخمور بالسوق الممتاز la belle vie، وسألوني عن الإطار القانوني للوقفات وحول ما إذا تم التصريح للسلطات بتنظيمها، وسألوني حول ما إذا كنا نتوفر على ترخيص، وأجبتهم أن الوقفات التي كنا نعتزم تنظيمها، كانت تتم خطوة بخطوة عن طريق استشارة قانونية دائمة مع بعض المتخصصين في المجال القانوني، ومنهم الأستاذ والمحامي مصطفى الرميد، فأي تحرك كنا نقوم به كان يستند إلى مسوغ قانوني واضح. كما أوضحت لهم أن الوقفات الاحتجاجية لاتحتاج إلى تصريح أو إلى إشعار من الناحية القانونية، ولكن نحن من باب تحملنا للمسؤولية كنا نود إشراك السلطات، ونقوم بإشعار السلطة ولكنها كانت تمتنع عن تسلم التصريحات. وأمام هذا الامتناع، ولكي نوثق خطواتنا كنا نرسل الإشعار بالبريد السريع المضمون، حتى تبقى لدينا الحجج على أن تقدمنا بتصاريح لباشا المدينة، وعدم توصلنا بأي رد كنا نعتبره قبول ضمني للوقفة ما لم يكن هناك منع واضح. كما استوضحوا مني عن برامج الوقفات واللافتات، التي كنا ننظمها وقلت لهم أنها كانت تمر بشكل عفوي. لينتقلوا معي بعدها لموضوع فتوى الدكتور أحمد الريسوني، وسألوني حول ما إذا قمنا بتوزيعها، وإذا ما كنا نعتبرها فتوى أو مجرد رأي، وأجبتهم إن المخول للإجابة عن هذا السؤال هو الريسوني نفسه، وفي نظرنا نحن، فإن رأي العلماء فتوى. كما توجهوا لي بسؤال آخر حول ما إذا كنا في الوقفة الثانية التي نظمت يوم 20 دجنبر ومسألة الإصرارعلى البقاء في الوقفة، وأجبتهم أننا لم نكن نصر على البقاء بعد تدخل السيد الباشا الذي أخبرنا في حينها أن الوقفة ممنوعة، وأن السلطة ستتدخل، رغم أن تدخلها تزامن مع الإنذار الأول الذي وجه إلينا، فقلت لهم أننا لم نكن نحتج ضد السلطة أو نقوم بالفوضى، واحتجاجنا منظم وقانوني وسلمي، بعد هذا الاستنطاق انصرف ثلاثة من العناصر الأمنية التي كانت تستجوبني، وذهبوا بمحاضرهم، وقالوا لي مازحين، " الله يعاونك أسي خالد مشعل". ألم تتعرف على هويتهم؟ لا، لم يفصحوا لي عن هويتهم، وربما في نظري ينتمون إلى جهاز المخابرات. ما الذي وقع بعد ذلك ؟ قبل أن يشرع عناصر الأمن الآخرون في استنطاقي من جديد، تفاجأت بعنصر أمني أجهل هويته وهو يخاطبني، " واش أنت لي باغي تسد la belle vie، أنت والحركة ديالك والناس لي معاك، راكم مغاديش تسدوها وغادي تبقى تبيع الشراب، بزز منك ومن حركتك، وايالاّه"، تحدث إلي باستفزاز وبسلطوية، ثم خرج. ألم تسأل رجال الأمن الحاضرين معك عن هويته؟ لا، ولكن أجابوني بالحرف " لاصافي غير نسا، هادي غير سحابة عابرة، وقالوا لي " راه بغا غير يستفزك، والحقيقة هي هادي". تم فتحوا محضراً، فأعادوا علي نفس الأسئلة السابقة، وبدؤوا بتحرير محاضر جديدة، بنفس المحاور، ولم يكن هناك أي فرق بين محاور الاستنطاق الأول والثاني. كم دامت مدة الاستنطاق الأول؟ حوالي الساعتين، بعد أن كنت أنتظر في المكتب حوالي الساعة قبل أي حوار أو استنطاق، ورغم هذه المدة الزمنية كنت أجهل تماما سبب استنطاقي، إلا أنه في الحقيقة تعاملوا معي بطريقة لبقة، قدموا لي خلالها الشاي ووجبة الغذاء، وقالوا لي " احنا ما بينا وبينك والوا كنعرفوك ونحترموك". فباستثناء سؤالهم الوحيد بخصوص ما إذا كنت أحث الناس على حضور الوقفات وحول ما إذا كنا نصر على البقاء فيها، فجميع المحاور، تمت مناقشتها معي من جديد. مالذي حصل بعدها ؟ قبل أن يسلموني المحاضر ذهبوا ليستشيروا رئيسهم المباشر، وأخذت منهم حينها الإذن لكي أصلي الظهر واصطحبني أحدهم، لقد أخذوا المحاضر في صفحتين، ليطلب منهم رئيسهم المباشر تغيير بعض الأمور في المحضر لم أكن أعرفها، ولكن اتضح لي فيما بعد أن من بين الأمور التي أمرهم بتغييرها هي بعض العبارات التي تنسب لي أمور بعينها وبشكل شخصي، فقاموا بتعديلات خفيفة وطبعوا المحضر الذي ضم صفحتين، حوالي سبع نسخ ( في حوالي 14 صفحة)، وهذا الأمر خلق عندي مشكلة حقيقية في التأكد من تطابق التصريحات في كل النسخ واستعنت بأشعة الضوء للتأكد، ليتم، بطلب من رئيسهم للمرة الثانية، تغيير عبارات أخرى، لأقوم بالتأكد من أقوالي المثبتة لديهم في محاضرهم ثلاث مرات وأوقع عليها. ما هي في نظرك أهم الأسئلة التي كانوا يطرحونها عليك؟ أسئلة تتعلق بالوقفات وحيثيات تنظيمها، وتوزيع الفتوى والمعلومات العامة التي كانوا يأخذونها عني وعن الحركة ومكتبها بالمحمدية. ما الذي حصل بعد الانتهاء من تحرير المحضر وتوقيعك عليه؟ بقيت أنتظر بالمكتب إلى حدود الساعة السادسة مساء، حينها وقعت على التزام بأنني سأحضر في الغد من أجل لقاء وكيل الملك، وضربوا لي موعدا في الساعة الثامنة والنصف صباحا بالأمن الإقليمي، وبطبيعة الحال كان المحامي مصطفى الرميد على اطلاع بما وقع لي، وخصوصا أن الطريقة التي تم بها اقتيادي إلى الأمن لم تكن بشكل قانوني، ولم يوجه لي أي استدعاء رسمي، بعد ذلك أخلي سبيلي، وفي تلك الليلة قرر الأستاذ مصطفى الرميد مساندتي ومرافقتي حين عرضي على أنظار وكيل الملك. وفي صباح يوم الخميس 21 يناير، التحقت بالأمن الإقليمي لمدينة المحمدية، وبقيت أنتظر حوالي النصف ساعة، ثم هيؤوا الملف، لأذهب بعدها مع أحد عناصر الأمن الذي استنطقني في سيارته الخاصة، وبالفعل التحقنا بالمحكمة الابتدائية، وبالقاعة التي تضم عددا من الذين سيعرضون على وكيل الملك. من رافقك إلى المحكمة تحديدا ؟ اثنان من عناصر الأمن، ليلتحق الأستاذ مصطفى الرميد وعبد المالك زعزاع ومحامون آخرون حوالي ستة محامين، حيث قرر حينها وكيل الملك متابعتي القضائية بتهمتين : بتهمة التحريض على تنظيم وقفتين غير مرخصتين، ثم توزيع منشور مخالف للقانون والذي يضم فتوى الدكتور أحمد الريسوني. يونس الشلي القيادي بحركة التوحيد والإصلاح بالمحمدية يروي تفاصيل استنطاق أمني دام حوالي 9 ساعات تقديم : قرر الوكيل العام للملك بالمحكمة الابتدائية بالمحمدية متابعة يونس الشلي، مسؤول حركة التوحيد والإصلاح بالمحمدية، بسبب من أجل المتابعة بتهمة التحريض على وقفات غير مرخص لها وتوزيع منشور مخالف للقانون، في إشارة لتوزيع فتوى الدكتور أحمد الريسوني بتحريم التسوق من المتاجر الكبرى التي تبيع الخمور، وحددت أولى جلسات المحاكمة يوم 17 فبراير 2010 القادم. يونس الشلي القيادي بحركة التوحيد والإصلاح بمنطقة المحمدية بن سليمان، يحكي " لجريدة "المصباح" تفاصيل استنطاق أمني دام لما يزيد عن 9 ساعات، نافيا أن يكون قد تلقى أي استدعاء رسمي من طرف السلطات التي استدرجته للتحقيق دون معرفة مسبقة له بمجريات هذا الأخير الذي انتهى به لمحاكمة بسبب احتجاجه على بيع الخمر بالمحمدية. كيف بدأت حكاية استنطاقك من طرف رجال الأمن؟ لم يتم استدعائي بشكل رسمي، ولكن الأمر تم على شاكلة اعتقال، ففي صباح يوم الأربعاء 20 يناير 2010 صباحا، حوالي الساعة الثامنة، اتصل بي "مقدم الحي" الذي يتواجد به محل سكناي على هاتفي الشخصي، يخبرني بأن قائد المقاطعة الحضرية يريد مقابلتي من أجل تبليغي برسالة معينة، في حينها كنت متوجها إلى مقر عملي وقلت لابأس بلقائه لكي أتعرف على مضمون الرسالة، وبالفعل تواعدت مع عون السلطة بالقرب من بيتي بشارع المقاومة، ولما التقيت به وبدأت أتجاذب معه أطراف الحديث عن السبب الحقيقي لاستدعائي تفاجأت بأن المقدم لاعلم له بموضوع اللقاء بالمرة، وهذا ما بدا لي حينها ، وبقينا دقائق معدودة، لتلتحق بنا سيارة من نوع رونو سوداء اللون، ليخرج منها ثلاثة رجال للأمن بزي مدني، كانوا يمتطونها. هل كنت على معرفة مسبقة بهم ؟ لا، يبدو أن الأمر عن سبق إصرار وترصد، والغالب أن هناك تنسيق، لأن المقدم ليس لديه أي خبر أو معلومة عن مضمون الرسالة التي يريد القائد توجيهها إلي. كيف تعامل معك رجال الأمن؟ خرجوا من السيارة التي كانوا يمتطونها، وقالوا لي من الضروري أن تذهب معنا، نحن من الأمن، وبالفعل امتطيت معهم السيارة، فاقتادوني إلى الدائرة الإقليمية للأمن بالمحمدية، فقد تعاملوا معي بشكل عادي وحين صعدت معهم إلى السيارة بدأ أحدهم يستفسرعن من كان واقفا إلى جانبي، وقال "اشكون لي كان واقف معاه"، في إشارة إلى مقدم الحي، الذي كان يجهل على مايبدو صفته. اقتادوني إلى الدائرة الإقليمية للأمن بالمحمدية الموجودة بالقرب من الميناء، حيث يوجد قسم الاستعلامات العامة والشرطة القضائية، ودخلت إلى الدائرة رفقة رجال الأمن الثلاثة، وصعدنا إلى الطابق الأول، وهو الطابق المخصص لمصالح الشرطة القضائية، بعدها أدخلوني عند رئيس الشرطة القضائية، فإذا به يخرج ملفا خصا بي يحتوي على صورة شمسية خاصة بي، لم يحاول التحدث إلي باستثناء سؤاله عن رقم المنزل الذي أقطن به، في الوقت الذي لم يتناول معي فيه سبب مجيئي للدائرة الأمنية. بعدها تم اقتيادي لمكتب مجاور لتحرير محاضرالشرطة القضائية، حيث كان يتواجد به موظف واحد، وسلموني حينها إلى هذا الموظف الوحيد، الذي لايعرف بدوره سبب استدعائي. ألم تحاول أن تستوضح الأمر؟ قلت له أنني أجهل موضوع اقتيادي إلى دائرة الأمن، بالإضافة إلى أنني لم أستلم استدعاء في الموضوع، ورئيس الشرطة القضائية لم يخبرني هو الآخر بأي شيء، ولم يستطع أن يجيبني حينها إلا بقوله :" أنا بحالي بحالك معارف والو"، وحينها طلب مني هذا الأخير الجلوس، بعدها التحق موظفان آخران بنفس المكتب، ليلتحق ثلاثة عناصر من الأمن بزي مدني، أظنهم من الاستعلامات العامة أو المخابرات، لاأعلم تحديدا، ليصبح العدد الإجمالي للمستجوبين ستة عناصر أمنية. ماهو الحوار الذي دار بينهم وبينك؟ بدؤوا معي حوارهم أو استنطاقهم لي، بتحرير محضر استقوا منه معلومات عن اسمي الشخصي والعائلي، واسم الأب والأم وعدد الإخوة وتاريخ الازدياد كل واحد منهم، وعن مهنته، ومكان تواجده، ثم مساري الدراسي ومكان الازدياد، ومنه المرحلة الابتدائية بمدينة القصر الكبير والمرحلة الثانوية والجامعية بمدينة تطوان، ثم انتقلوا معي إلى مساري الحركي والحزبي، وبدؤوا يسألونني عن انتمائي في مدينة القصر الكبيروتطوان، وسألوني عن الجهة التي كنت أنتمي إليها، وأجبتهم أنني كنت مع توجه واحد، وهو حركة التوحيد والإصلاح وفصيله الطلابي سابقا طلبة الوحدة والتواصل، كما سألونني عن المسؤوليات التي كنت أتحملها سابقا في مساري الدعوي والحركي بالفصيل والتنظيم، خصوصا المسيرات والأنشطة التي شاركت فيها، وقلت لهم لقد شاركت بجميع الأنشطة التي تنظمها الحركة. بعد ذلك بدؤوا يسألونني كذلك عن مكتب الحركة بالمحمدية، ومتى تحملت المسؤولية؟ وفي أي سنة؟، ثم سألوني عن أعضاء المكتب المسير لمكتب المنطقة لحركة التوحيد والإصلاح، وعن وظيفة ومهمة كل عنصر بالضبط، كما سألوني عن مقر الحركة وعن الأنشطة التي تقام به. ثم انتقلوا بي إلى موضوع الوقفات الشعبية ضد الخمر، ثم سألوني كيف نشأت الفكرة في بداياتها ومن تحرك معنا، لأخبرهم أنها انطلقت باستنكار مجموعة من جمعيات الأحياء لافتتاح جناح بيع الخمر في أكبر تجمع بشري بحي الرشيدية 3، وبأنهم راسلوا عامل الإقليم والسلطات الأمنية، وقلت لهم بأننا التحقنا بالمبادرة وبدأنا التنسيق مع تلك الجمعيات، وبدأنا نعبر عن رأينا بشكل واضح وسلمي وقانوني ومسؤول، مع العلم أن هذه الجمعيات تعرضت لضغوط من طرف السلطات لثنيها عن المشاركة في برنامج الوقفات الاحتجاجية ضد بيع الخمور، وللانضمام في الاحتجاج والتي تجاوزت 13 جمعية، ليسألني أحدهم " ماشي كلهم كانوا معاكم". من كان يستنطقك تحديدا؟ كانوا يتناوبون في استنطاقي جميعهم، إلا أن ثلاثة منهم ممن التحقوا بالمكتب متأخرين، هم من تهيؤوا في تلك اللحظة لأخذ المحضر، ليستمر الاستنطاق حول الجمعيات مكان اجتماعنا، والذي كنا ننوي فعله بعد كل هذا الاحتجاج، وأجبتهم أن التنسيقيات والجمعيات المشاركة هي التي ستتخذ الإجراءات الضرورية والخطوات التالية في حينه، ليبدأ مسار جديد من الاستنطاق التفصيلي الذي تعلق تحديدا عن وقفتي 13 دجنبر و20 دجنبرالمركزيتين اللتين نظمتا بخصوص استنكار بيع الخمور بالسوق الممتاز la belle vie، وسألوني عن الإطار القانوني للوقفات وحول ما إذا تم التصريح للسلطات بتنظيمها، وسألوني حول ما إذا كنا نتوفر على ترخيص، وأجبتهم أن الوقفات التي كنا نعتزم تنظيمها، كانت تتم خطوة بخطوة عن طريق استشارة قانونية دائمة مع بعض المتخصصين في المجال القانوني، ومنهم الأستاذ والمحامي مصطفى الرميد، فأي تحرك كنا نقوم به كان يستند إلى مسوغ قانوني واضح. كما أوضحت لهم أن الوقفات الاحتجاجية لاتحتاج إلى تصريح أو إلى إشعار من الناحية القانونية، ولكن نحن من باب تحملنا للمسؤولية كنا نود إشراك السلطات، ونقوم بإشعار السلطة ولكنها كانت تمتنع عن تسلم التصريحات. وأمام هذا الامتناع، ولكي نوثق خطواتنا كنا نرسل الإشعار بالبريد السريع المضمون، حتى تبقى لدينا الحجج على أن تقدمنا بتصاريح لباشا المدينة، وعدم توصلنا بأي رد كنا نعتبره قبول ضمني للوقفة ما لم يكن هناك منع واضح. كما استوضحوا مني عن برامج الوقفات واللافتات، التي كنا ننظمها وقلت لهم أنها كانت تمر بشكل عفوي. لينتقلوا معي بعدها لموضوع فتوى الدكتور أحمد الريسوني، وسألوني حول ما إذا قمنا بتوزيعها، وإذا ما كنا نعتبرها فتوى أو مجرد رأي، وأجبتهم إن المخول للإجابة عن هذا السؤال هو الريسوني نفسه، وفي نظرنا نحن، فإن رأي العلماء فتوى. كما توجهوا لي بسؤال آخر حول ما إذا كنا في الوقفة الثانية التي نظمت يوم 20 دجنبر ومسألة الإصرارعلى البقاء في الوقفة، وأجبتهم أننا لم نكن نصر على البقاء بعد تدخل السيد الباشا الذي أخبرنا في حينها أن الوقفة ممنوعة، وأن السلطة ستتدخل، رغم أن تدخلها تزامن مع الإنذار الأول الذي وجه إلينا، فقلت لهم أننا لم نكن نحتج ضد السلطة أو نقوم بالفوضى، واحتجاجنا منظم وقانوني وسلمي، بعد هذا الاستنطاق انصرف ثلاثة من العناصر الأمنية التي كانت تستجوبني، وذهبوا بمحاضرهم، وقالوا لي مازحين، " الله يعاونك أسي خالد مشعل". ألم تتعرف على هويتهم؟ لا، لم يفصحوا لي عن هويتهم، وربما في نظري ينتمون إلى جهاز المخابرات. ما الذي وقع بعد ذلك ؟ قبل أن يشرع عناصر الأمن الآخرون في استنطاقي من جديد، تفاجأت بعنصر أمني أجهل هويته وهو يخاطبني، " واش أنت لي باغي تسد la belle vie، أنت والحركة ديالك والناس لي معاك، راكم مغاديش تسدوها وغادي تبقى تبيع الشراب، بزز منك ومن حركتك، وايالاّه"، تحدث إلي باستفزاز وبسلطوية، ثم خرج. ألم تسأل رجال الأمن الحاضرين معك عن هويته؟ لا، ولكن أجابوني بالحرف " لاصافي غير نسا، هادي غير سحابة عابرة، وقالوا لي " راه بغا غير يستفزك، والحقيقة هي هادي". تم فتحوا محضراً، فأعادوا علي نفس الأسئلة السابقة، وبدؤوا بتحرير محاضر جديدة، بنفس المحاور، ولم يكن هناك أي فرق بين محاور الاستنطاق الأول والثاني. كم دامت مدة الاستنطاق الأول؟ حوالي الساعتين، بعد أن كنت أنتظر في المكتب حوالي الساعة قبل أي حوار أو استنطاق، ورغم هذه المدة الزمنية كنت أجهل تماما سبب استنطاقي، إلا أنه في الحقيقة تعاملوا معي بطريقة لبقة، قدموا لي خلالها الشاي ووجبة الغذاء، وقالوا لي " احنا ما بينا وبينك والوا كنعرفوك ونحترموك". فباستثناء سؤالهم الوحيد بخصوص ما إذا كنت أحث الناس على حضور الوقفات وحول ما إذا كنا نصر على البقاء فيها، فجميع المحاور، تمت مناقشتها معي من جديد. مالذي حصل بعدها ؟ قبل أن يسلموني المحاضر ذهبوا ليستشيروا رئيسهم المباشر، وأخذت منهم حينها الإذن لكي أصلي الظهر واصطحبني أحدهم، لقد أخذوا المحاضر في صفحتين، ليطلب منهم رئيسهم المباشر تغيير بعض الأمور في المحضر لم أكن أعرفها، ولكن اتضح لي فيما بعد أن من بين الأمور التي أمرهم بتغييرها هي بعض العبارات التي تنسب لي أمور بعينها وبشكل شخصي، فقاموا بتعديلات خفيفة وطبعوا المحضر الذي ضم صفحتين، حوالي سبع نسخ ( في حوالي 14 صفحة)، وهذا الأمر خلق عندي مشكلة حقيقية في التأكد من تطابق التصريحات في كل النسخ واستعنت بأشعة الضوء للتأكد، ليتم، بطلب من رئيسهم للمرة الثانية، تغيير عبارات أخرى، لأقوم بالتأكد من أقوالي المثبتة لديهم في محاضرهم ثلاث مرات وأوقع عليها. ما هي في نظرك أهم الأسئلة التي كانوا يطرحونها عليك؟ أسئلة تتعلق بالوقفات وحيثيات تنظيمها، وتوزيع الفتوى والمعلومات العامة التي كانوا يأخذونها عني وعن الحركة ومكتبها بالمحمدية. ما الذي حصل بعد الانتهاء من تحرير المحضر وتوقيعك عليه؟ بقيت أنتظر بالمكتب إلى حدود الساعة السادسة مساء، حينها وقعت على التزام بأنني سأحضر في الغد من أجل لقاء وكيل الملك، وضربوا لي موعدا في الساعة الثامنة والنصف صباحا بالأمن الإقليمي، وبطبيعة الحال كان المحامي مصطفى الرميد على اطلاع بما وقع لي، وخصوصا أن الطريقة التي تم بها اقتيادي إلى الأمن لم تكن بشكل قانوني، ولم يوجه لي أي استدعاء رسمي، بعد ذلك أخلي سبيلي، وفي تلك الليلة قرر الأستاذ مصطفى الرميد مساندتي ومرافقتي حين عرضي على أنظار وكيل الملك. وفي صباح يوم الخميس 21 يناير، التحقت بالأمن الإقليمي لمدينة المحمدية، وبقيت أنتظر حوالي النصف ساعة، ثم هيؤوا الملف، لأذهب بعدها مع أحد عناصر الأمن الذي استنطقني في سيارته الخاصة، وبالفعل التحقنا بالمحكمة الابتدائية، وبالقاعة التي تضم عددا من الذين سيعرضون على وكيل الملك. من رافقك إلى المحكمة تحديدا ؟ اثنان من عناصر الأمن، ليلتحق الأستاذ مصطفى الرميد وعبد المالك زعزاع ومحامون آخرون حوالي ستة محامين، حيث قرر حينها وكيل الملك متابعتي القضائية بتهمتين : بتهمة التحريض على تنظيم وقفتين غير مرخصتين، ثم توزيع منشور مخالف للقانون والذي يضم فتوى الدكتور أحمد الريسوني.