تبذل إسبانيا جهوداً دبلوماسية مكثفة منذ مدة، من أجل ضمان حضور الملك محمد السادس، في القمة الأولى التي ستعقد بين المغرب والاتحاد الأوروبي في ظل رئاستها الدورية للاتحاد، والتي تقرر موعدها يومي السابع والثامن من الشهر المقبل بغرناطة، المدينة التي يحمل اسمها رنينا تاريخيا لم ينقطع صداه منذ أن غادرها العرب والمسلمون. وتعلق الحكومة الاشتراكية في مدريد، أهمية كبرى على القمة، كونها ستمنح إسبانيا دفعا معنويا قويا خلال رئاستها للاتحاد، خاصة وأنها البلد الأوروبي المتضرر أكثر من غيره من الأزمة المالية العالمية، كما أن القمة ستعقد ضمن إطار سياسي جديد بعد التعديلات التي أدخلت على هياكل الاتحاد الأوروبي. وهناك سبب آخر لخشية مدريد، فإذا غاب ملك المغرب، فإن حزب المعارضة اليميني "الحزب الشعبي" سيجدها فرصة ذهبية ليكيل الضربات إلى الحكومة الاشتراكية ويتهمها بالفشل في سياسة الداخل والخارج، وهو يتحين الفرصة بالفعل، ما سيؤثر حتما على صورة الحكومة في أذهان وتصور الرأي العام الإسباني الذي قد يعاقبها في الاستحقاقات التشريعية المقبلة عام 2012. وفي هذا السياق، أورد موقع الكتروني، أن إسبانيا اختارت، كوسيلة جذب وإغراء، أن تتم المراسم الرسمية للقمة المرتقبة في قصر الحمراء التاريخي، على اعتبار أن المكان وكذلك المدينة، حافلان بالرموز والدلالات التاريخية تذكر بمجد الحضارة العربية الإسلامية في الربوع الأيبيرية والتي ساهم المغرب بالنصيب الأوفر في قيامها واستمرارها عبر القرون الماضية. وتأمل إسبانيا، أن يكون المكان حافزا سياسيا وثقافيا للعاهل المغربي، لكي يسافر إلى غرناطة. ويضيف الإسبان سببا آخر يجعلهم يتشبثون بمشاركة الملك محمد السادس، يتمثل في أن حضوره يعني مشاركة العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس ورئيس الاتحاد الأوروبي الجديد هيرمان فان رومبوي، ورئيس المفوضية الأوروبية خوصي مانويل باروصو، إضافة إلى الممثلة الأسمى للسياسة الخارجية التي تقود دفتها البريطانية كاترين أشطون. فإذا اعتذر ملك المغرب عن تلبية الدعوة، فسيكون ثمة عدم توازن في درجة المشاركة وفي البروتوكول. يذكر، أن القصر الملكي المغربي، لم يعلن بعد عن مشاركة الملك محمد السادس أو عدمها، بينما أكدت الرباط للجهة الداعية، حضور الوزير الأول عباس الفاسي وأكثر من خمسة أعضاء من الحكومة المغربية الذين ترتبط قطاعاتهم بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. ومن الناحية المبدئية لا يوجد ما يمنع ملك المغرب من المشاركة في القمة التي ستجمعه بالاتحاد الأوروبي، لو انعقدت في مكان آخر، وإن فضلت الرباط بحكم المنطق أن تجري القمة في دولة جارة لها. غير أن المشاكل الكثيرة العالقة، بين المغرب وإسبانيا، قد تلقي بظلالها على أجواء القمة المنتظرة. ولا يستبعد أن يحيي القصر الملكي الإسباني اتصالاته بنظيره المغربي، وكان قد شرع بالفعل منذ شهور في إعادة الدفء للعلاقات الودية التي كانت قائمة بين الأسرتين الملكيتين. وتسود مخاوف في المغرب، من أن يستغل الإعلام الإسباني، وجود الملك محمد السادس، لينطق في حملة هستيرية ضد الجار الجنوبي، لا سيما وأن ما سمعه المغاربة وشاهدوه وقرأوه، أثناء الأزمة المبالغ فيها التي افتعلتها الناشطة المساندة لجبهة البوليساريو، أمينتو حيدر، ما زال يطن في آذانهم. وسيكون من الصعب على الحكومة الإسبانية التحكم في أعلام نادرا ما يتصرف بموضوعية حيال المغرب. *إيلاف http://elaph.com