لم يبحثا عن الحب في البداية بقدر ما بحثا عن تقديم عرض مسرحي يعجب الجمهور، فكما تقول أحلام مستغانمي:" أجمل حب هو الذي نعثر عليه أثناء بحثنا عن شيء آخر"، أتت قصة لقائهما فوق خشبة مسرحية، كأن المسرح امتد من عوالم الخيال إلى مساحات الواقع، وعوضَ أن تأتي الأحداث في سيناريو المؤلف وتعليمات المخرج وحركات الممثلين، تشكلت في علاقتها الواقعية التي بدأت بالزمالة ثم الصداقة فالزواج. نالت "مونية لمكيمل" جائزة أفضل تشخيص إناث في مهرجان هوارة الوطني للمسرح، التتويج كان منتظراً بعد أدائها المتميز في مسرحية "سوالف الكٌمرة"، وقبلها نالت العديد من الجوائز في مهرجانات وطنية متعددة، لكن أهم جائزة بالنسبة لها كما قالت لنا، هي زواجها من رفيق دربها في المسرح "نعمان عادل" الذي ضحى بكل شيء من أجل أن تكون ل"بن سليمان" فرقتها المسرحية، ومن أجل أن تحقق زوجته أقوى الإنجازات. لا أحد من الجمهور كان يدري أن "مونية "و"عادل" يكونان أسرة زوجية واحدة، فقد كان أداؤهما المسرحي في "سوالف الكٌمرة" يقطع تماماً مع طبيعة علاقتهما، إنها خبرة مسرحية للاثنين بدأت منذ سنوات ولم يؤثر فيها لا الزواج ولا إنجاب طفلين. ف"عادل" البالغ من العمر 34 سنة، بدأ المسرح منذ سنة 1999، وفاز وهو لا يزال تلميذاً بجوائز متعددة، ثم أسس نادي "أضواء"في دار الشباب بالمدينة، قبل أن يساهم في تأسيس فرقة البساط التي قدمت المسرحية المذكورة. بينما بدأت "مونية" (26 سنة) مسيرتها في المسرح المدرسي، البداية كانت مع احتفالات عيد العرش، ثم تداريب وزارة الشباب والرياضة، فمشاركتها في عمل "شمعة ودمعة" حازت من خلاله على جائزة التشخيص إناث في المهرجان الجهوي لمسرح الشباب بالجديدة مع فرقة جمعت بين "بن سليمان" و"بوزنيقة"، قبل أن تلتحق بنادي "أضواء" سنة 2007 وهي لا تزال في المرحلة الثانوية. عمل الاثنان معاً في نادي "أضواء"، وشخّصا مسرحية "عقم و هم" للأديب الاسباني لوركا، وفي ذلك العمل، بدأت خيوط الحب تنسج بينهما: "أعجبت بها أولا كإنسانة، وبأخلاقها وصدقها ومسؤوليتها" يقول عادل، بينما تردّ مونية:" أكثر ما أعجبني في عادل هي غيرته على الفرقة وتضحياته من أجل الآخرين". استمرت المسيرة جنباً إلى جنب، وتعددت أعمالهما المسرحية، حتى سنة 2009 التي تزوجا فيها، حفل الخطبة تكون من أعضاء الفرقة المسرحية. والد "مونية" لم يرفض أن تتزوج ابنته من فنان يجني قوت يومه من هذا الميدان الصعب، فأتى الزواج بإنجازات جديدة، من بينها تأسيس فرقة البساط بتعاون مع المخرج محمد حتيجي من سطات، وفوز الفرقة بخمس جوائز في إحدى دورات المسرح الوطني للشباب، من بينها الجائزة الكبرى. ممّا علق في ذاكرة هذه الأسرة المسرحية، أن "أشرف" طفلهما الأكبر، شارك في مسرحية وسنه لم يتجاوز 40 يوماً، جعلته يتوفر على شهادة أصغر مشارك في تاريخ المهرجانات المسرحية المغربية، كما أن "مونية" كانت تقوم بتنشيط عدد من المهرجانات وهي حامل في أشهرها الأخيرة، زيادة على تغييرها لتخصصها الدراسي من المعلوميات إلى خياطة الأزياء، بعدما استهوتها الملابس المسرحية. ورغم تواجد ابنيهما "أشرف" و"أيمن" معهما في غالبية المهرجانات التي يعرضون فيها أعمالهما الفنية، إلا أن "مونية" و"عادل" يفضلان أن يكون لابنيهما مساراً آخراً في الحياة غير دروب المسرح:" ينتباني الفرح عندما أرى "أشرف" يحاول تقليدي فوق الخشبة، إلا أنه فرح ممزوج بالخوف، فأنا لا أريد لابني أن يكابد المعاناة نفسها التي وقفت في طريق والديه، وأن يعتمد على ميدان كمسرح الهواة من أجل لقمة عيشه، ولكن حتى إذا ما أراد ممارسة المسرح كمهنة، فسأحرص على أن يصل فيه لأكبر الشواهد الأكاديمية كي يضمن لنفسه حياة كريمة" يقول عادل. علاقة "مونية" و"عادل" لا تتلخص فقط في زواج ممتهنيْن للميدان نفسه، ولكنها مثال على مقدار تضحيتهما من أجل "المسرح"، فحتى مع قلة الموارد المالية التي يقدمها هذا الميدان، جابه الاثنان موج القدر، وأصرّا على تأسيس أسرة لا تكون على شاكلة آلاف الأسر الكلاسيكية، بل على شاكلة عرض مسرحي يعطي الأمل في الحياة.