الخروج من فم الثعبان ربع قرن في سجون الجزائر البوليساريو ملحمة إدريس الزايدي ربع قرن في سجون الجزائر البوليساريو ملحمة إدريس الزايدي في يوم لن أنساه، وفي لحظات موشومة في الذاكرة، كنت أهيئ خبزا لرفاقي الأسرى، فجاءني أحدهم وأسر لي بأمر وطلب مني الكتمان..الحسن الثاني في وضع صحي حرج جدا..وربما قضي الأجل.سمع الخبر في هيئة الإذاعة البريطانية. ودون أن أشعر، أخلطت العجين بالرمال.قلوبنا تحترق ونحن نستمتع للقرآن الكريم في التلفزيون، إلى أن خطب محمد ابن الحسن أول خطاب له بعد رحيل الحسن الثاني.في اليوم الموالي،بدأت بعض العناصر تنكل بنا وتتشفى لكن بعض الصحراويين صدموا لأنهم كانوا يعولون على الحسن الثاني لفض النزاع كي يستريحوا من تلك المنافي في الفيافي.وبينما نحن نتهيأ للأعمال الشاقة بقلوب تتقطر حزنا، أمر ابراهيم محمود الملقب بكريكاو بعدم تشغيلنا ونهر الحراس بأن يذهبوا ليشاهدوا قنوات العالم وحزن الناس على الحسن الثاني.بكينا وتألمنا كثيرا نحن الأوفياء للحسن بين يدي أعداء يتشفون فينا.شعرنا بخسارة لا يعلمها إلا الله، كنا نتمنى أن نموت نحن أو يحل المشكل في حياته، لكن لا راد لقضاء الله.بدأنا نتابع أخبار ملكنا الجديد عن كتب ونكتشف فيه القائد الشاب، وكم كنا نسعد بتحركاته حول العالم.مع الوقت أيقنا أن لنا ملكا قويا يخطو بثبات رغم شبابه.وتابعنا بكثير من الفخر زيارته للأقاليم الصحراوية المغربية.انبعثت فينا روح تحد جديد وصرنا نقول للبوليساريو: مات الحسن الثاني وترك ملكا شابا قويا والمغرب في أمان.وبايعنا بقلوبنا. ومع مرور الوقت صارت جنازة الحسن الثاني العظيمة مبعث فخر لنا بالرجل حيا وميتا..وجاء الوقت لكي نرد لهم الصفعة حينما كانوا يقولون لنا إن المغاربة يكرهون الملك..كنا نستفزهم بسؤال واحد: هل رأيتم الملايين التي خرجت باكية؟ هل رأيتم النساء يغمى عليهن؟كانوا يطرقون بلا تعليق.وكانوا قد جربونا في بداية اعتقالنا عندما كانوا يرغموننا على سب الملك الراحل فنمتنع وعندما يسألون عن السبب ننغص عليهم أوقاتهم بجملة وحيدة: الملك شريف من آل الرسول ونحن لا نسب أحفاد النبي.وللأسير المحرر حميد اللبان قصة مع الجلاد ولد البرناوي حين خيره بين شتم الملك أو الجلد فاختار التعذيب.كان شهما شامخا بين يدي المجرمين، وعلى طريقه سار الضابط، احمد مريش، ابن القنيطرة ، الذي جيء به للناحية الخامسة، للمركز الخلفي بداية الثمانينات. منعونا في البداية من الاتصال بالأسرى الجدد، ثم أخذوهم للرابوني حيث التقينا لاحقا.عاشرت امريش.كنا نلتقي ليلا بعد يوم من العمل المضني.مرت الأيام تباعا إلى أن جاءت ايام الحملات الإذاعية، أي أخذ المغاربة الأسرى وإجبارهم على الحديث في إذاعة المرتزقة بهدف التبرؤ من المغرب وشتم رموزه.أمريش رفض وقال إنه عسكري وليس سياسيا وبالتالي ليس لديه ما يقوله.عذبه أربعة حراس هم برنوخ والمرتيو ومحمد يحيى الأعور وولد ميلد ومقابيلو، حتى يئسوا منه ولم يستسلم أبدا.في الأخير وضعوه في زنزانة هي عبارة عن صندوق قضا بداخلها سنتين إلى أن أنقذه الصليب الأحمر من موت محقق.أما ضابط كنا نسميه المحرر فقد كسروا فكه، فيما فقد الضابط الرحموني حاسة السمع من شدة الضرب في الرأس.هل ثمة وفاء وبيعة أصدق من هذه؟ لا أظن. أخذونا لبناء سجن بالناحية الثامنة التي تعتبر محطة لصواريخ أرض جو و "لورك.ستالين" وأخرى روسية الصنع.وتوجد في هذه المنطقة ثلاثة مراكز كبرى غير بعيدة عن ساحة المواجهات.وهناك أيضا مركز الذهبية المخصص لناقلات الجنود الحديثة،ومركز 14 المسمى "مركز الشهيد هداد"الذي قتلوه رفقة الوالي مصطفى السيد.وفي هذه الناحية سجل مولاي العباس، العائد لأرض الوطن، اسمه في سجل البطولات بمشاركته الفعالة في انتفاضة أكتوبر 1988 وكان من بين الذين حاولوا تفجير الجبهة من الداخل.والحقيقة أنني أتأسف كثيرا لإخواننا المغاربة الذين يواجهون أزلام البوليساريو أحيانا على شاشات القنوات العالمية من دون معرفة أساليب محاورتهم.الانفصاليون قتلة ومقامرون،ونحن السجناء فقط من نعرف ألاعيبهم لأننا عاشرناهم وحفظنا بهتانهم عن ظهر قلب.اسألوا القبطان الزكاي والقبطان علي نجاب والدكتور اخماموش وأوصفصاف محمد وعزالدين وعبد الرحيم العجيني والقبطان العروسي عن حقيقة أولئك القتلة وخبثهم، تجدون الجواب اليقين. [email protected] mailto:[email protected]