مليار درهم ميزانية مدينة سلا لهذه السنة، عدد سكان هذه المدينة ما يقارب المليونين، أي 500 درهم للفرد في السنة، أي درهم ونصف في اليوم تصرف على كل قاطن في هذه المدينة لتطوير وتنمية عيشه في مجال البنية التحتية والفضاءات الثقافية والترفيهية وووو... هذا مع العلم أن نصف الميزانية على الأقل مآله جيوب الفاسدين...وتراهم يتساءلون عن مصدر تزايد نسبة العنف، وتناول المخدرات والسرقة و الأنشطة الاقتصادية الغير مهيكلة وعدد الحفر في الطرقات وعدد الذباب والناموس... سنة 2008، كنا ننظم مع مجموعة من شباب المدينة مجموعة من النقاشات في إطار حركة الأفق الجديد، أغلب هذه النقاشات كانت تصب في تشخيص الوضع الراهن للمدينة، ومن بين معالم الخلل التي تم الإشارة إليها كانت مرتبطة بالأساس بالبنية التحتية والفضاءات الثقافية والترفيهية، فكيف لمدينة مليونة (الثانية في المغرب من حيث عدد السكان) لا تتوفر ولا على مسرح، ولا متحف، ولا ملعب للقرب، سينما وحيدة تنشط أسبوعين في السنة أثناء مهرجان السينما المرأة، مكتبة عائلية وحيدة متخصصة في التاريخ والدين وكتبها جد عريقة، دور الشباب لا يتجاوز عددهم ثلاث، ملعب رياضي وحيد وقاعتين مغطاتين غير مفتوحين للعموم... أحياء تنبت كالفطريات، فوضى عارمة، فساد في الترخيصات وغياب تام لأي من معالم الجودة. دور صفيح تؤثت الفضاء بقصديرها ورائحة مجاري الصرف الصحي بين الأزقة، أما الجرذان فأصبحت تهب القطط والكلاب من فرط ضخامتها. طرق تتنامى حفرها يوم بعد يوم في غياب للصيانة وفساد المسؤولين... مظاهر التخلف تتجسد في كل جزئيات "المدينة"، وإن استمررت في جردها فستمحى بصمات أناملي من كثرة الرقن. 2014، يمكنني أن أؤكد وبالملموس أن نفس الوضع لازال قائما، إلا الطرام الذي تم وضعه على السكك، يتسابق كل يوم بجانب الحمير والبغال والدراجات النارية الثلاثية، وينقل إلى العاصمة الرباط آلاف الطلبة والموظفين في ظروف لا يمكنني أن أصفها إلا بالمهينة، اكتضاض، عرق، صعوبة التنفس... بالإضافة إلى بروز بعض الجمعيات المتخصصة في بناء المساجد عبر تبرعات "المحسنين"، ليس بسبب إيمانها القوي بل بغرض الاستفادة من الدكاكين التجارية التي ترافق كل مسجد التي تستغلها أو تبيعها بملايين السنتيمات، فتجد الجوامع تحتل كل منطقة فارغة كان من المحتمل أن تصبح يوما ما دار شباب أو مكتبة أو مسرح أو سينما أو أي من فضاءات التثقيف أو الترفيه أو الرياضة، كأن السلاوي من كثرة همه وبؤسه لا يسعه إلى الصلاة والتعبد لضمان حياة ما بعد الموت، فلا حياة في الحياة. هذا بالإضافة إلى الزحف العمراني الخاضع لسماسرة العقار وأصحاب القرار، تحت مبرر محاربة دور الصفيح، لكن دور الصفيح لازالت كما هي. مدينة سلا تتشرمل، مدينة سلا ستنفجر... وسيكون انفجارها مدوياً...