أثار ترشح رئيس مجلس النواب، كريم غلاب، لرئاسة المجلس لما تبقى من الولاية التشريعية التاسعة، سجالا بين بعض مكونات الأغلبية والمعارضة، حيث اعتبر قيادي من حزب العدالة والتنمية أن غلاب ليس سوى "كركوز" الدولة العميقة، فيما أكد قيادي من حزب الاستقلال أن رفض هذا الترشح ما هو إلا "رفض لمنطق الديمقراطية". وكان كريم غلاب قد قدم أخيرا ترشحه لمنصب رئيس مجلس النواب لما تبقى من الولاية التشريعية الحالية، معتبرا أن "قرار ترشحه جاء تطبيقا للفصل 62 من الدستور الجديد، واستجابة للمبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة". أفتاتي: "حكم العائلات" وانتقد البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، عبد العزيز أفتاتي، إقدام كريم غلاب رئيس مجلس النواب بعد إعلانه ترشحه لرئاسة المجلس لما تبقى من الولاية التشريعية التاسعة، واصفا إياه ب"كركوز الدولة العميقة". وقال أفتاتي، في اتصال هاتفي مع هسبريس، إن ما قام به غلاب عبث يجب أن ينتهي، معتبرا أن ترشحه للرئاسة من جديد خطوة بئيسة لما سماه "حكم العائلات" التي ابتلي المغاربة بها، داعيا إلى القطع مع هذا المنطق الذي يريد أن يهيمن على جميع المؤسسات بتواطؤ مع "الدولة العميقة". وتساءل أفتاتي "ألا يكفي هذه العائلات أنها تسطير على مؤسسات ومقاولات عمومية ومواقع تدبير الثروة والسلطة، لتضيف إليها مجلس النواب"، متهما جهات لم يسمها بمحاولة تكرار تجربة رئاسة مجلس المستشارين، ومؤكدا أنه على غلاب أن يرتاح "لأنه لن يكون رئيسا لمجلس النواب وحلمه بذلك لن يتحقق". ووصف أفتاتي غلاب "بمنتوج العائلات المتواطئة مع الدولة العميقة، الذي يقدم نموذجا سيئا للعمل السياسي، ويسوق لنموذج غريب في التداول على المسؤوليات، ولا يمكن له ولأمثاله أن يتحدثوا عن الديمقراطية وشروطها". وأردف برلماني "المصباح" أن "غلاب لا علاقة له بالديمقراطية ولا يحق له الحديث عنها، لأنه من "نوع المظليين" الذين تم إسقاطهم على المشهد السياسي وتسخيرهم لما قال عنه المتحدث "إنهاء تجربة اليوسفي والانقلاب على المنهجية الديمقراطية سنة 2002". وناشد أفتاتي ما سماها "القوى الحزبية الحية" للمساهمة في إنهاء "حكرة" العائلات ووضعيات "السخرة" لفائدتها، ووقف ما وضفه "البسالة" التي يريد البعض إلصاقها بالمشهد السياسي الوطني، والعمل على إعطاء المسؤوليات السياسية عمقها الديمقراطي، وإبعاد "العائلات وأبنائهم وبناتهم" عن المسؤوليات التمثيلية. احجيرة: مزايدات سياسية تصريحات أفتاتي هذه رد عليها القيادي في حزب الاستقلال، عمر احجيرة، بكونها "تعبر عن رفض منطق الديمقراطية"، مستغربا من الحديث عن الدولة العميقة بالنظر إلى أن الحكومة التي يقودها العدالة والتنمية تمثل هذه الدولة العميقة، لامتلاكها صلاحيات الحكم وفق الدستور". وانتقد احجيرة، في تصريحات لهسبريس، ما سماها "ازدواجية الخطاب بين وضع رجل في الحكومة، ورجل أخرى في المعارضة وإبداء التشكي"، مشيرا إلى أن "أفتاتي كُلف بتسويق مثل هذا الخطاب من أجل تمويه الرأي العام وإلهائه عن المشاكل الحقيقة التي يعاني منها المغاربة". وتابع البرلماني الاستقلالي بأن "خطاب الدولة العميقة وما سواه من أوصاف واتهامات صار مألوفا من لدن حزب العدالة والتنمية، فكلما أراد أن يتهرب من مسؤولياته أو يبرر فشله في ممارسة سلطاته إلا أخرج لنا تلك الفزاعات التي توجد في الحقول ليتهم الدولة العميقة". واسترسل "يوم الجمعة ليس سوى موعد لممارسة الديمقراطية، فإذا نجح مرشح الأغلبية الحكومية في الفوز برئاسة مجلس النواب سنصفق له برحابة صدر، وإذا فاز مرشح المعارضة فعلى الأغلبية حينها أن تراجع برلمانييها لتعرف من لم يصوت لفائدة مرشحها في الأغلبية" وفق تعبيره. وعاد احجيرة إلى حديث أفتاتي عن وصف غلاب ب"كركوز الدولة العميقة"، حيث قال إن مثل هذا الموقف إنما هو تعبير عن الخوف من الديمقراطية"، مطالبا أفتاتي بأن يكون "أكثر جرأة ليحدد من يقصد تحديدا بالدولة العميقة، وأن يكشف عن أسماء بعينها للرأي العام". "انتخابات رئاسة مجلس النواب لن تجري في صندوق مغلق، أو بعيدا عن أعين المواطنين فهي تتم أمام أنظار نواب الأمة الذين يمثلون الشعب المغربي، وبالتالي لا يتعين التشكيك في عملية لا يمكن التشكيك فيها لأنها تتصف بالشفافية أصلا، وكل تصريح يفيد غير ذلك إنما هو من قبيل المزايدات السياسية" يؤكد احجيرة.