الفصل الخامس "" قصور الرمال الجزء الأول حرك سيارته العتيقة ثم توقف عند أول محطة بنزين وطلب من المستخدم أن يتأكد من توازن العجلات وزيت المحرك، اشترى بعض ما قد يحتاجانه في الطريق ثم تهيأ للسفر إلى طنجة ..كانت سمية تجلس قربه بالمقعد الأمامي وقد مددت رجليها واستراحت ببطنها الصغير المنتفخ..أما هو فكان يسترق النظر من حين لآخر إليها وكأن شيئا ما أقوى منه يمنعه من التخلي عنها.. - سأتوقف أولا بحي عين الذئاب لزيارة الأستاذ سفيان. - وما الداعي لذلك ..؟ فأنا لا أريده أن يراني وأنا بهذا الشكل( مبهدلة حالتي حالة ) - أوتعتقدين أنه سيتعرف عليك ؟ - ماذا تقصد ؟ - أقصد أنك تغيرت. - تغيرت ..كيف ..؟ هل تقصد أنني أصبحت بشعة ؟ - لا.. أنا لم أقل ذلك ..إنك دائما جميلة ..يا حبيبتي - وما هو قصدك .. حاول نعمان إخفاء إبتسامة ماكرة.. وهو يستدرك معها معنى كلامه - أنا قصدت فقط أنك ببطنك الجميل هذا وأعراض الحمل البادية على جسمك قد تجعل من الصعب على سفيان التعرف عليك - إنك تضحك علي ..تفو عليك ..ما أبشعك إني أكرهك - تكرهينني ؟؟! لو كان ما بك هو الوحم لوجدت لك عذرا ولكن - ولكن ماذا ؟!! إن كل ما أعانيه هو بسببك .. كم هو سهل الأمر عندكم معشر الرجال .. تصبون في المرأة زبدة لذاتكم وتسرحون في الأرض وكان شيئا لم يحصل بينما نتحمل نحن كل عواقب الوحم والحمل والوضع والرضاعة والرعاية وووو - طبعا ولذلك وضع الله الجنة تحت أقدامكن وجعلكن في المرتبة العليا - دعني من كلامك المعسول .. هل أصلحت عجلة الإحتياط ؟ - نعم وغيرت الزيت وكل شيئ تمام التمام - كان يقود السيارة بحذر شديد فجماهير المارة لا يهابون السيارات في هذه المدينة الكبيرة .. وللسير طقوس خاصة بالدار البيضاء..وفي بعض الشوارع تنتصب أعمدة الإشارات الضوئية للزينة فقط..إذ لا أحد يحترمها .. - أراك متردد ..هل أنت متأكد من العنوان؟ - نعم نعم لقد زرته مرارا .. - أهذا هو قصره ؟ - نعم ..نعم .. - الواضح أنه إزداد ثراء..!! - تقولين ثراء..بل قولي مليونير..فبين ما تركه له والده وما تدره عليه مصانع النسيج والقضايا التي يرافع فيها لا يقل دخله عن مليوني درهم كل شهر - يا ه ه ه إلى هذا الحد مهنة المحاماة مربحة ؟!! - ليست المهنة ..بل ظروف المهنة ..وأكسيسوارات المهنة..لغة المغرب الجديد، عندك المال يزداد مالك يتوالد ويتكاثروإذا كان عندك بؤس فستكسب الشقاء حتى لو اشتغلت ليل نهار..هذا هو المغرب يا حبيبتي. - أنا لا أفهمك .. إنك تائه يا نعمان ..وكل يوم تغير رأيك في المغرب ..فمرة تقول إنه العهد الجديد ومرة هو بلد البؤس..لا أفهمك. - أنا لم أعد أفهم نفسي..وتلك هي آخر مصائبي.وصدقيني عندما أقول لك أن المال يجلب المال فأنا أعني ما أقوله. - هذا ليس بأمر خاص ببلدنا ..إنه واقع الحال في كل بلاد العالم ..و هناك أناس بدأوا من الصفر..وكوموا الملايين..وبلغوا قمة المجد. - نعم ولكن..ضرائبهم أعلى وهم مجبرون على دفعها أحبوا أم كرهوا ..بينما أمثال سفيان لايعرفون الطريق إلى الخزانة العامة للدولة..فهم يجمعون بين المال والنفوذ..إسمحي لي دقيقة وسأعود .. - أرجوك لا تتأخر - حاضر..فقط دقائق معدودة وأعود إليك ضغط على جرس هاتف الفيلا فأجابه صوت الحارس من الداخل .. - من معي يا سيدي ؟ - أنا نعمان بن الحسين..هل السيد سفيان موجود .. - أرجوك أنظر إلى الكاميرا التي أمامك فوق الباب مباشرة - أين ؟ - هناك - هل تراني ؟ - نعم ..نعم .. دقيقة من فضلك ..يا سيدي