كثير من الناس يعتقدون أنهم بالانسلاخ عن الهوية والتنكر للذات قد يتقربون من الآخر النصراني أو اليهودي وينالون رضاه ، ولكن في الحقيقة ومهما أبدى هذا الآخر إعجابه بنا وبتحررنا وانفتاحنا عليه وتسامحنا ومدنيتنا وحضاريتنا فإنه في العمق يكرهنا ويمقتنا. إن هذا الآخر يحترمنا ويقدرنا بقدر ما يلمسه فينا من احترامنا لشخصيتنا العربية الأمازيغية الإسلامية واعتزازنا بهويتنا الدينية ، أما إذا تنكرنا لكل هذا واحتقرنا أنفسنا وذواتنا وتشبهنا به وقلدناه في كل شيء إلى حد التماهي معه ، فإنه يحتقرنا ويعتبرنا زبالة وكائنات تافهة مجرورة ومكسورة الجناح ، لا تستحق الاهتمام والاحترام مهما عبر لنا ظاهريا عن مشاعر الود والصداقة. كم من إخواننا المغاربة المقيمين في المهجر وخاصة الشباب منهم الذين يحاولون الظهور بشكل أكثر تحررا من النصارى أنفسهم وأكثر انفتاحا وأكثر جرأة على الله وعلى الدين الإسلامي وقيمه وتعاليمه ، ويعتقدون أنهم بإعلانهم علمانيتهم وإلحادهم وتحررهم من كل القيود سيجدون طريقهم إلى قلب هذا الآخر نصرانيا كان أو يهوديا أو لادينيا بشكل سريع وسلس . وكم من هؤلاء العمال المهاجرين من يحاولون الظهور أمام أرباب المعامل والمصانع والشركات والمقاولات والضيعات الفلاحية وأوراش البناء أكثر جدية وأكثر حرصا على الوقت وعلى الإنتاج فتراهم يكدون ويجتهدون ويفوتون عليهم فترات راحتهم وحتى أوقات الصلوات المفروضة . كل ذلك من أجل عيون هذا الباطرون النصراني أو اليهودي ومن أجل نيل رضاه ، يحرصون على أن لا يظهر عليهم أي أثر أو مؤشر على تدينهم حفاظا على مكانتهم ومركزهم ومنصب شغلهم . ولكن ما وقع في إحدى السنوات الغابرة لمجموعة من المغاربة يمكن اعتباره درسا أخلاقيا لا ينسى في الثبات على الدين وعلى العقيدة ، فقد حكى لي أحد أقاربي وهو رجل توفاه الله إلى رحمته قبل عشر سنوات عمل لمدة طويلة في معمل لأحد الفرنسيين واقعة مؤثرة جدا تظهر حقيقة النصارى وعمق نظرتهم إلى الإسلام والمسلمين. حكى لي قصة فرنسي اسمه مسيو ريمي وكان يشتغل عنده في معمله لسنين طويلة ، وقد تفتقت عبقريته في يوم من الأيام فجمع كل العمال الذين يشتغلون عنده ، وخطب فيهم خطبة تاريخية شرح لهم فيها أهمية الصدق والجدية والإخلاص في العمل ، وأهمية الحفاظ على الوقت واستغلاله بشكل إيجابي ، وتحدث عن الغش وعن كل ما من شأنه أن يؤدي بالمشاريع الإنتاجية إلى الإفلاس ، وقال لهم بعدما أبدى ملاحظته حول وثيرة الإنتاج التي تنخفض والعمل الذي يتوقف بشكل شبه كلي عند حلول وقت كل صلاة ، بأنه مستاء جدا من الأوقات الطويلة التي يقضيها العمال في الوضوء والصلاة وهذا ليس في مصلحته بتاتا ، وهو المتبوع بالضرائب وواجبات التأمين والضمان الاجتماعي وبدفع الرواتب والأجور عند نهاية كل شهر، ولذلك فقد جمعتكم اليوم - يقول مسيو ريمي مخاطبا العمال - لتبليغكم رسميا بفحوى قرار حاسم ومصيري بالنسبة لي ولكم على حد سواء اتخذته بعد تفكير عميق ، وقررت أن أحتفظ فقط في معملي بالأشخاص الذين هم على استعداد للتخلي عن أداء الصلاة وترك كل ما له صلة بالإسلام من عبادات بما في ذلك صيام شهر رمضان ، فمن قبل منكم بهذا الشرط مرحبا به وليتقدم حالا لإمضاء العقد الجديد، ومن لم يقبل فما عليه سوى أن يجمع أغراضه وأمتعته ويغادر هذا المكان على الفور. تبادل العمال المندهشون المستغربون النظرات فيما بينهم والهمهمات وتزاحمت في رؤوسهم ملايين الأسئلة حول أبعاد وخلفيات هذا القرار الجائر المفاجئ الذي كان له وقع الصدمة على نفوسهم وكيانهم . وبعد دقائق قليلة طرح مسيو ريمي السؤال بصيغة أخرى وبشكل واضح على العمال وطلب منهم أن يحسموا في الأمر بسرعة لأنه لا وقت لديه للتضييع ولا يمكن للآلات والماكينات أن تظل واقفة كل هذه المدة . وما كاد ينتهي من إعادة طرح سؤاله وشروطه حتى تقدم نحو الطاولة التي كان يجلس بها المحاسب ورئيس مصلحة العمال والموظفين نحو أربعين عاملا فيهم مغاربة وجزائريون ، وبقينا نحن عشرة عمال - يشرح لي قريبي - واقفين في مكاننا ، وقبل مغادرة المعمل تقدمنا إلى مسيو ريمي بكلمة شكر على تضحيته بنا وبمستقبل أولادنا وعائلاتنا بعد كل هذه السنين الطويلة التي اشتغلنا فيها معه بصدق وإخلاص ، وقد بنى هذا المعمل تاريخه وأمجاده على أكتافنا وبسواعدنا وعرقنا ، ولكن مع ذلك كله قلنا له إننا نفضل أن نضحي بكل هذا العمر الذي أفنيناه في خدمتك يا سيد ريمي على أن نضحي بديننا ، فالأرزاق بيد الله وأرض الله واسعة وشكرا جزيلا لك سيدي والله يسامحك حتى فداك الشي اللي كنسالوك وتوجهوا لجمع أغراضهم استعدادا للرحيل . ولكن الصدمة الكبرى والمفاجأة التي لم يكن يتوقعها كل العمال أن مسيو ريمي طلب من العشرة الذين رفضوا التفريط في دينهم أن يبقوا معززين مكرمين ، وطالب الآخرين بالانصراف بهدوء لأن تدينهم كان على غير أساس وأن كل ما كانوا يقضونه من أوقات في الصلوات والاستعداد لها كان تضييعا للوقت والجهد على حساب مصلحة المعمل. وعن الأسباب الحقيقية لهذا الطرد شرح مسيو ريمي فيما بعد للعمال الذين احتفظ بهم بأنه طردهم لأنهم لا ثقة فيهم وقد سقطوا في أول اختبار ، إذ خانوا دينهم وإلههم الذي يعبدون صباح مساء خمس مرات في اليوم وهو المطلع عليهم وعلى أحوالهم حسب ما يقوله دينهم ، فكيف سيفعلون به وبأمواله وهو رب معمل صغير لا قدرة له على مراقبتهم وتتبع خطواتهم وحركاتهم وسكناتهم في كل وقت . ثم يمضي قريبي في سرد تفاصيل هذه القصة المثيرة وتداعياتها - وأنا أستمع إليه بكل اهتمام - فوصف لي مدى الفرحة والسعادة التي غمرتهم وقد كانوا قاب قوسين أو أدنى من مغادرة هذا المعمل والعودة إلى المغرب جارين وراءهم أذيال الخيبة والحسرة ، ولكن الله الذي امتحن قلوب هؤلاء المغاربة والجزائريين ليميز المسلم الصادق الثابت القوي بإيمانه ورجائه في الله من الذي " يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ " أبى إلا أن يجزي عباده الصادقين في عبادته الجزاء الأوفى ، فأعزهم ورفع شأنهم في ذلك المعمل وكبروا في عيني الباطرون الفرنسي الذي زود أجورهم وأصبح يحترمهم أكثر من أي وقت مضى ، وبات يتقرب منهم ويستمتع كثيرا وهو يشاركهم طعامهم الحلال وبراريد شايهم ، ويبتعد شيئا فشيئا عن أكل لحم الخنزير وشرب الخمر لما اكتشفه فيهما من أضرار ومفاسد لا حصر لها وفهم بحسه الإنساني والإيماني لماذا حرمهما الإسلام . وفيما تاه العمال الأربعون الخائنون لدينهم في الأرض استمرينا نحن - يقول قريبي - في القيام بعملنا وأداء فرائضنا بشكل لا ضرر فيه ولا ضرار وشرحنا لمسيو ريمي كيف أن ديننا علمنا بأن العمل عبادة وأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال لنا " رحم الله امرأ عمل عملا فأتقنه " . هذا ما حصل لهذه المجموعة من العمال المغاربة من جيل الأمس والحمد لله أن الخائنين والمنافقين منهم اكتفوا فقط بقبول شروط الفرنسي مول المعمل مطأطئين رؤوسهم ، ولم يعربوا له عن مشاطرتهم له رأيه وتأييدهم لنظرته الحاقدة على الإسلام وتطوعهم لمحاربته باسم الانفتاح والحضارة والمدنية والتكامل الإنساني أو بالأحرى التكالب الإنساني على الدين . أما لو حصل هذا الامتحان - في نظري - في زماننا هذا لبعض الشباب الذين يتوهمون أنهم يحملون أفكارا أنوارية بين قوسين في عصر العلم والعولمة لقالوا لمشغلهم ، ما طلبته منا أيها الباطرون العزيز كيف والو ساهل وعلى عينينا وراسنا ، ونشكرك لرفقك بحالنا وقد كنا نرهق أنفسنا فعلا ونتعبها بالوضوء والصلاة خمس مرات في اليوم متوهمين أن الله سيجازينا على ذلك . فشكرا لك مرة أخرى لتنبيهنا وإيقاظنا من غفلتنا وأوهامنا ونفاقنا الذي كنا نتخبط فيه ، وعليه فإننا وعرفانا بجميلك هذا نعلن منذ اليوم تجندنا وراءك سيدي في حربك على الإسلام ، وسنسخر أقلامنا بعون " العقل " وأجهزة حواسيبنا وقوتها وأوقات فراغنا كاملة وكل ما نملك من جهد وطاقة لهذه الحرب المقدسة بأبعادها العلمانية والصليبية على دين أجدادنا ، ولن ندخر جهدا في سبيل انتقاده وبيان تفاهة شعائره وأحكام شريعته للناس ، ومستعدون للتفريط ليس فقط في هذا الدين المتخلف ولكن في جنسيتنا وهويتنا الوطنية أيضا وحتى في انتسابنا لآبائنا وإعلان بنوتنا لك يا سيدنا وولي نعمتنا طمعا في عطفك ورضاك عنا. نعم هذا ما أتصوره لو وضع جيل اليوم من بعض شبابنا المتعلمين لأبجديات التفكير والشك المقيمين في المهجر على هذا المحك وأمام هذا الاختبار. وهناك الكثير من إخواننا المغاربة والمسلمين عموما المقيمين في أوروبا وكندا وأمريكا يعتقدون أنه ليس من الممكن التأثير على هؤلاء الذين يعيشون بين ظهرانيهم وتحت سمائهم ، لأنه من الصعب جدا إقناعهم بتعاليم هذا الدين . وأنا برأيي أن الحق معهم في هذه المسألة لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، وكيف تريدون لشخص غير مقتنع هو بنفسه بهذا الدين وغير منسجم مع ذاته أن يقنع الآخر ، لأن هذا الآخر يجب إقناعه بحسن السيرة والسلوك وبالقول المقرون بالعمل وليس بالكلام الفارغ العاري من الصدق والمصداقية . تصوروا معي مشهد مغربي يدعي الإسلام الذي لم يعد يتذكر منه سوى قديد عيد الأضحى الذي أرسلته إليه أمه من المغرب وهو يتقاسم مع فرنسي مسيحي زاوية من زوايا خمارة بمدينة نيس مثلا أو مرساي أو تولوز أو أفينيون ، يتجاذب معه أطراف الحديث في كل المواضيع بما فيها حوار الثقافات والحضارات ، وقد يجرهما النقاش إلى التطرق لموضوع الإسلام ورسالته الخالدة ، وقد تتحرك في لحظة ما بداخل هذا المغربي " المسلم لايت " نوازع الفطرة فينطلق بشكل لاشعوري في الحديث عن عظمة الإسلام وسماحته وسرد الجانب المشرق من تاريخه وحضارته وسحره وتأثيره على النفوس وعلى أخلاق معتنقيه ، فهل تعتقدون أن نديمه الفرنسي سيصدق كلامه ومحاضرته بهذه البساطة ؟ شخصيا لا أعتقد ذلك ، لأن هذا الفرنسي سيقول حتما وفي قرارة نفسه لو كان لهذا الدين الواضحة أوامره ونواهيه سحرا وتأثيرا على السلوك البشري ، لما زاحمني هذا المهاجر الهارب من وطنه ودينه على طاولات وكونطوارات حانات مدينتي ، ولما طارد مثلي شقراوات بلادي في كل مكان بلعابه الذي يسيل من فمه كالكلب الشارد التائه بين الأزقة والدروب ، ولما انسلخ من هويته وتنكر لدينه وأعياد دينه واعتبرها مصدرا للتلوث والفوضى وفضل عليها أعيادنا التافهة التي لا يتفق اثنان عندنا حول تواريخها ، كأعياد الميلاد التي لا نعرف لها أصلا ولا فصلا في أناجيلنا الأربعة المختلفة والمتنازعة فيما بينها حول امتلاك الحقيقة . تلك الأعياد التي أفاض بعض الإخوة والأخوات مشكورين في شرح جذورها الوثنية في شريط تعليقات الموضوع السابق ، معتبرين أن الديانة المسيحية تأثرت بشكل واضح بعقيدة وثنية كانت سائدة قبل ظهورها ، يرى أصحابها بأن ابن الإله هو والشمس شيء واحد وكان الخامس والعشرين من ديسمبر هو تاريخ مهرجانهم الوثني الذي يحتفلون فيه بمولد الشمس / الإله ولذلك سموه يوم الشمس صان داي باللغة الإنجليزية . لا أعتقد أن هذا الفرنسي الشديد الملاحظة والمقارنة بين القول والفعل سيقتنع ويتأثر بكلام صاحبنا المغربي البارع في الخطابة ونظم الشعر وقوة الفهامات ، ولا أعتقد كذلك بأن هذا الفرنسي / الآخر غبي أو مصاب بعمى الألوان إلى الحد الذي يخدعه ويجره إلى الضفة الأخرى حوار إنشائي نظري عابر في جلسة خمر وعربدة . يمكن لنا التأثير في الآخر ولو كان من أشد المتعصبين لدينه وقومه وحضارته لكن بقوة شخصيتنا واستقامتنا واعتزازنا بديننا وإرسالنا الإشارات القوية إليه بأننا على استعداد لتحمل كل شيء في سبيل نصرة ديننا وإظهاره للناس في أجمل صورة وبأقوى الأساليب الإقناعية التي هي القول والعمل والقدوة الحسنة . ونستطيع أن نؤثر في هذا الآخر بصدقنا وصفائنا وجديتنا وحسن تعاملنا مع الناس في عقر دارهم إذا ما استضافونا عندهم ، وفي مصانعهم ومقاولاتهم وضيعاتهم الفلاحية إذا ما وفروا لنا منصب شغل محترم ومورد عيش لنا ولأولادنا وعائلاتنا . هل تعلمون أن صاحب شركة كبرى من أغنى أغنياء إحدى المدن الأمريكية أسلم على يد عامل باكستاني بسيط بفضل تصرف طبيعي وعادي جدا صدر عن هذا الأخير في لحظة صدق وصفاء مع النفس زلزل به كيان هذا الأمريكي وقلب حياته رأسا على عقب ؟ تروي قصص وأخبار المسلمين المهاجرين المقيمين في الخارج أن عاملا باكستانيا بإحدى الشركات في أمريكا تسلم ذات يوم في نهاية الشهر ظرفا كما العادة به أجرته الشهرية ، ولما وصل إلى بيته فتحه ووجد فيه مبلغا مضاعفا زائدا عن أجرته ، وفي الصباح الباكر أعاد المبلغ الزائد لمحاسب الشركة الذي استعاده منه شاكرا إياه وهو في كامل الدهشة والاستغراب . ولما بلغ هذا الأمر للباطرون الأمريكي استدعى العامل الباكستاني واستحلفه بالذي خلق السماوات والأرض والناس أجمعين أن يشرح له ما الذي جعله يعيد المبلغ الزائد للشركة وقد كان بإمكانه أن يحتفظ به لنفسه بعدما غادر أسوار الشركة من دون أن ينتبه أحد إلى هذا الخطأ الحسابي ، فأجابه العامل الباكستاني إنه ديننا بكل بساطة يا سيدي هو الذي جعلني أفعل ذلك ، ديننا الذي يمنعنا من أكل أموال الناس بالباطل ويحثنا على إرجاع الحقوق لأصحابها . واغتنمها الباكستاني المسلم فرصة للاسترسال في شرح تعاليم هذا الدين وقيمه ومثله العليا مستغلا انبهار الأمريكي الذي أمعن في الإصغاء إليه واستغرق في طلب المزيد من التوضيحات والشروحات منه كلما توقف عن الكلام . وبعد هذه الموعظة الحسنة أبدى الأمريكي صاحب الشركة على الفور للعامل الباكستاني رغبته في اعتناق هذا الدين العظيم الذي يدعو إلى كل هذه القيم وهذا الخير ، ويجعل الإنسان إلى هذه الدرجة أمينا في سره ونجواه وصادقا مع نفسه ومع الغير ، شريفا عفيفا حريصا على أكل لقمة حلال من عرق جبينه ليس فيها مثقال ذرة من مال الغير غير المستحق . فاستجاب العامل الباكستاني لرغبته بكل انشراح وسرور ورافقه إلى مركز للدعوة الإسلامية هناك بأمريكا بعدما علمه كيف يتطهر ويتوضأ ، حيث أشهر إسلامه أمام الملأ في حفل حاشد وقال بعد نطقه للشهادتين كلمة أبكت كل من كان حاضرا . قال للمسلمين الذين شهدوا مراسيم دخوله في الإسلام في ذلك اليوم المشهود " أشعر الآن وبحمد الله براحة لم أشعر بها طوال حياتي وبسعادة لم أذق طعمها من قبل ، أشعر وكأن جبالا من الغم والهم كانت جاثمة بكل ثقلها على رقبتي وظهري وقد زالت عني اليوم إلى الأبد . ولكن لي عتاب صغير عليكم أيها المسلمون والمسلمات أرجو أن تتقبلوه مني بصدر رحب ، فقد مات والدي ووالدتي قبل سنوات على غير ملة هذا الدين الذي تقولون لي الآن فقط أنه يضمن الجنة والسعادة الأبدية لكل من آمن بالله وأقر بوحدانيته وشهد لنبيه محمد بالرسالة وعمل صالحا ثم اهتدى ، وأنا أحملكم كامل المسؤولية على تقصيركم في تبليغ تعاليم الإسلام عن نبيكم كما أمركم بذلك وعلى أكمل وجه لنا نحن أهل الكتاب " ثم أجهش بالبكاء وأبكى القاعة بأكملها في مشهد إيماني رهيب قل ما تعيشه البشرية في هذا الزمان الموبوء المليء بالنفاق والأفاعي السامة وبالتفاهات والمفرقعات والعقول الفارغة . [email protected] mailto:[email protected]