في منتصف شهر دجنبر الجاري، أعرب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري، عند لقائه بالرئيس الفرنسي في باريس، عن عزم المغرب الدفاع عن قيم الفرنكفونية باعتباره "عضوا نشيطا داخل المنظمة الدولية للفرنكفونية". وطبعا يدفعنا هذا "العزم" للتساؤل عن مقابله الذي سيحصده المغرب من هذا التعاون والشراكة ؟ فالعلاقات الدولية تفترض أصلا تقارب المصالح وتكافئا نسبيا في الاقتصاد بين دولتين، حتى تكون هذه العلاقات عادلة وموضوعية! فأي نوع من الفرنكفونية إذن لا زال الفاسي الفهري يغازلها ؟ وأي "قيم" لازالت باقية في عهد سماه المعارضون الفرنسيون "النّكوس للمَلكية المُنتخبة" !؟ في أوْج النّقاش الوطني الدّائر حاليا بفرنسا حول الهوية الوطنية، يكون الحق ما شهد به الفرنسيون أنفسهم، إذ تتبادر للأذهان عدة ملفات أفاضت كأس الجمهورية، و منها مؤخرا موضوع الكاتبة الفرنكفونية ماري انْديايْ التي حصلت في بداية نوفمبر من نفس السنة على جائزة كونْكوغ الأدبية المقدمة كل سنة من طرف هذه الهيئة المسماة باسم مؤسسها إيدمون كونكوغ في 1896. المشكل ثار عند فوز الكاتبة ذات الأصول السنغالية، والتي عبّرت عن استيائها من "فرنسا ساركوزي" وقرارها منذ سنتين المغادرة من أجل العيش بألمانيا. لكن ما زاد طينة القضية بلّة، هو إقدام وزير الثقافة للفصل في شأن تصريحات أقدم عليها النائب إريك راولت من فريق إتحاد الحركة الشعبية و نائب رئيس البرلمان. حيث اعتبر النائب و كثير معه أن الكاتبة لم تلتزم ب "حق التحفّظ" في شأن تصريحاتها بخصوص فرنسا ساركوزي كما أسمتها. ثم يدخل على الخط الكاتب المغربي الطاهر بن جلون، الذي يعتبر الحكم الثاني في هيئة تحكيم كونكوغ، متسائلا لو كانت نفس تصريحات النائب ستصدر في شأن شخص آخر غير الكاتبة ذات أصول سنغالية؟ الطاهر بن جلون نفسه ككاتب فرنكفوني، يُذكر أنه رفض السنة الماضية دعوة الرئيس ساركوزي لحضور حفل عشاء افتتاح معرض الكتاب بباريس، احتجاجا على حضور إسرائيل. إذا كانت الفرنكفونية تعني اللغة و الثقافة الفرنسية، فإنه يبدو أن هذه الفرنكفونية الساركوزية بدت منبوذة حتى من طرف أصحاب الصّنعة أنفسهم ! *كاتب مغربي مقيم بفرنسا