يقوم جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، بأول زيارة له للمغرب منذ توليه هذا المنصب خلفا لهيلاري كلينتون، يومي 4 و5 أبريل الجاري، يترأس خلالها وفد بلاده في الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي بين المملكة المغربية والولاياتالمتحدةالأمريكية تحت شعار ""تعزيز علاقات التعاون المتينة بين البلدين". زيارة كيري اعتبرها محللون أنها لن تحقق أهدافا مهمة بالنسبة لأمريكا خاصة على المستوى السياسي، باعتبار أنها لا تمثل استثناء مغربيا صرفا بعد أن زار كيري الجزائر يومي الأربعاء والخميس، بينما يمكن للمغرب أن يحقق أهدافا من زيارة كيري، منها جذب الاستثمارات الأمريكية وإقناع إدارة أوباما بعدم دعم أي مقترح لتوسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء. وشدد محللون على أنه لا يجب وضع كل البيض في سلة الولاياتالمتحدة، لكون مواقفها تقلب وتتبدل وفق مصالحها، مثلما حدث السنة الماضية بخصوص مقترح توسيع صلاحيات المينورسو، وبالتالي فإن المغرب يحتاج على المستوى الاستراتيجي لكل حلفائه، بما فيها الدول الأوربية وروسيا والصين. الصديقي: زيارة كيري في الميزان الدكتور سعيد الصديقي، أستاذ القانون الدولي بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي، قال إنه بالإضافة إلى القضايا الاعتيادية التي تناقش في هذه المناسبة، فإنه بالنظر إلى القضايا السياسية الدولية الراهنة التي تشغل بال صانع القرار الأمريكي، وهي الأزمتان الأوكرانية والسورية، وفشل الجولة الأخيرة للمفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، فإن جون كيري لن يسعى إلى تحقيق أهداف مهمة من هذه الجولة خاصة على المستوى السياسي". وشدد الصديقي، في تصريحات لهسبيرس، على أن "هناك أمران يقللان من أهمية هذا اللقاء بالنسبة للأمريكيين، الأول أن جون كيري يقوم بزيارة للجزائر قبل أن يقدم إلى المغرب، مما يعني أنه سيسعى إلى تحقيق نوع من التوازن في علاقة أمريكا بالجارين المتشاكسين، ومن ثم فإن هذه الزيارة لن تمثل استثناء مغربيا صرفا". والأمر الثاني، وفق الصديقي، فإنه بالرغم من استمرار التعاون الاستخباراتي بين الولاياتالمتحدة والدول المغاربية ودول غرب إفريقيا، فعلى المستوى العسكري العملي يلاحظ نوع من تقسيم الأدوار بين فرنساوأمريكا". ويشرح المحلل بأن فرنسا تتولى قيادة العمليات العسكرية في منطقة غرب إفريقيا سواء ضد الجماعات المسلحة "العبر وطنية"، أو للتدخل من أجل دعم طرف سياسي معين، وتتولى بالمقابل القوات الأمريكية مثل هذه العمليات العسكرية المتنوعة المعلنة أو غير المعلنة في الجهة الأخرى من القارة الإفريقية خاصة في الصومال واليمن". وذهب الصديقي إلى أن "الولاياتالمتحدة لن تعقد آملا كثيرة على هذه الزيارة لتعزيز نفوذها العسكري في المنطقة، كما أن مناورات الأسد الإفريقي تتيح للقوات المارينز الأمريكية فرصة للتدرب في مناطق جغرافية شبيهة ببعض المناطق الأفغانية، وليس القصد منها بالدرجة الأولى تعزيز النفوذ العسكري". واستطرد الخبير في العلاقات الدولية بأن المغرب سيسعى لتحقيق أهداف كثيرة من هذه الجولة من الحوار الاستراتيجي المغربي الأمريكي، والتي يمكن إجمالها في هدفين أساسيين وهما: السعي لجذب مزيد من الاستثمارات الأمريكية لإنعاش الاقتصادي المغربي، وإقناع الإدارة الأمريكية بعدم تقديم أو دعم أي مقترح لتوسع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة وضعية حقوق الإنسان بالصحراء". شيات: بيض المغرب وسلة أمريكا ومن جهته قال الدكتور خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة وجدة، إنه بين المغرب والولاياتالمتحدة مسائل مشتركة، سواء على مستوى العلاقات الثنائية، أو على المستوى الاستراتيجي، حيث إن البلدين وقعا اتفاقية للتبادل الحر سنة 2004 دخلت حيز التنفيذ في يناير 2006. وتابع شيات بأن هذه الاتفاقية ساهمت في رفع وثيرة الترابط التجاري، لكنها خلقت إشكالات عملية مرتبطة بالجوانب التقنية والممارسات غير جمركية للحد من تدفق السلع المغربية بالأساس، لا سيما أن الولاياتالمتحدة وقعت الاتفاقية غير أن المخاطب الرئيس هو القطاع الخاص. وزاد شيات بأنه "من الإشكالات السياسية التقلب الأمريكي في السنة الماضية المرتبط بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وهي مسألة وضعت على المحك الضمانات التي شكلها المغرب لسنوات عديدة باعتباره حليفا قارا ومضمونا". وتابع المحلل ذاته بأن الجوانب الإستراتيجية تشمل الدور المغربي في السياسة الإقليمية الأمريكية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، ومسألة مكافحة الإرهاب، فالمغرب يوجد في مكانة متميزة للمساهمة في الاستقرار الإقليمي، خاصة أنه يدمج البعد الروحي لمفهوم الاستقرار مع البعد الأمني". وسجل شيات "الوجود الثقافي المتميز للولايات المتحدةالأمريكية بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، مبرزا أن "التعاون الثقافي بين الطرفين يمكن أن يشكل مدخلا من مداخل التعاون خاصة في ظل التوجه الذي يرعاه الرئيس باراك أوباما". وخلص المتحدث إلى أن زيارة كيري للمغرب تظل جولة من جولات خدمة المصالح الأمريكية بالمنطقة، ويبقى المغرب دولة ذات سيادة، لذلك لا يجب وضع كل البيض في سلة الولاياتالمتحدة"، مشددا على أن المغرب يحتاج على المستوى الاستراتيجي لكل حلفائه، بمن فيهم الدول الأوربية وروسيا والصين".