اعتبر الفنان والمؤلف السوري فؤاد حميرة، أن "الطائفة العلوية في سوريا وقعت بين نار النظام الذي لا يحميهم، ونار شركائهم في الوطن الذين لا يتقبلونهم"، لافتا إلى أن "الطائفة التي تبلغ نحو 4 ملايين، ورطها نحو 50 ألف جاهل، في وقت لم تمد المعارضة يدها لهم". وفي حوار أجراه حميرة مع مراسل الأناضول في اسطنبول: "استنكر ممارسات المعارضة السورية السياسية والمسلحة، لعدم مد يد العون، مؤكدا أن "80% من الطائفة ليسوا مع بشار الأسد، وهو كمعارض على سبيل المثال كان أغلى كاتب سيناريو سعراً في سوريا، إلا انه خلال السنوات الثلاث الأخيرة لم يستدعيه احد لكتابة سيناريو". وأكد الفنان الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية أنه :"لم يتلق أي تشجيع فيما يخص انشقاق الضباط العلويين، وفتح روابط بينهم وبين المقاتلين، كما أن العلويين ليس لهم تمثيل في مؤسسات الثورة، ولم يشجعهم أحد على ذلك"، على حد تعبيره، مؤكدا أن "السوريين بحاجة إلى تنظيف الثورة من الثأر التي تعني تعميم الظلم". من ناحية أخرى، شدد حميرة على :"وجود حالة تذمر لدى الطائفة أكبر من السابق"، متسائلا: "ماذا قُدم للطائفة، فالسني إن انشق عن الجيش وانضم للثوار يصبح بطلا، والعلوي ان انشق يعتبر خائنا يستحق الذبح بين أهله"، مضيفا أنه "حاول تهريب ضابط بالحرس الجمهوري، إلا أنه طلب منه أن لا يقر بأنه علوي، فكيف يكون ذلك واسمه يدل على أنه علوي". وأوضح أن "العلويين بحاجة لأن يفهموا الثورة بشكل صحيح، وعلى المعارضة فتح قنوات مع العلويين، وكذلك على وسائل الإعلام القيام بذلك، ولو كان القرار بيد الطائفة لدعسوا على بشار الأسد، إلا أنهم محصورون من قبل المعارضة"، في وقت أبدى فيه "تفاؤله بان النظام ذاهب إلى خيار القذافي ان لم يكن ابشع من ذلك". بالتوازي مع ما سبق، كشف حميرة أنه التقى المعارض السوري الشيخ فداء المجذوب، وهو "إسلامي معتدل وعلاقته معه قديمة، حيث عملوا سوية على موضوع تنشيط الحراك الثوري في الساحل، ووصلوا إلى نتائج جيدة وأنشاوا تجمع ثوار الساحل مع الدكتور عماد الدين رشيد، ويضم حاليا 40 محاميا و4 أطباء و20 مهندسا، يمثلون نخبة قسم منهم في الداخل والآخر في الخارج". ولفت إلى أن هناك محاولات لترميم التجمع، وهناك جهات ستموله، حيث ستكون الخطوة الأولى لعمل اجتماعات وتواصل بين الأطراف، بمعنى المتطرفين والمعتدلين من كلا الجانبين، فالمتطرف العلوي ليس شبيحا وانما ممارسات النظام أثارت التطرف عند جميع الأقليات، وعمل حالة من الرعب والخوف عندهم". أما فيما يتعلق بفشل ظهور فن في بلاد اللجوء من قبل الفنانين السوريين، أشار حميرة إلى أن "الفن لم يرق لمستوى الثورة، لأنه نتاج مجتمع، والمجتمع حاليا يعيش حالة من اللامعقول والعبث، وبالتالي سينشأ فن لا معقول وثقافة لا معقولة، ولكن لم يتكرس حتى الآن أدب المهجر، ولم يخرج شاعر مهجري خلال 3 سنوات، حيث لا تكفي هذه السنوات لتراكم الغربة لانشاء فن". وأرجع حميرة ذلك إلى أن "الحرية بحاجة إلى أموال، والفقير ليس حرا اذا لم يمتلك ثمن كتاب، فكيف إن لم يكن هناك تمويل لمسلسل، فهل يعتبر ذلك حرية، كل الممولين في الثورة السورية توجهوا إلى الدعم العسكري، ولذلك هناك شذوذ في الابداع، وحتى الآن من يقدم مواد إعلامية هم أطفال ليست لديهم خبرة، لينتج عن ذلك انتشار صور مسيئة للثورة، مثل أكل الكبد وقطع الرؤس والتصريحات ملخصها ذبح وقتل". ونوه أنه "في المقابل هناك معارضون فكرهم ثوري راق وقادة عسكريون ميدانيون كذلك، إلا أنهم لا يظهرون عبر وسائل الاعلام، ولا يقولون بأنهم سيذبحون أو يقتلون، إذا من أين جاء هذا التشويه الكبير للثورة التي لم تستطع ان تحرك تظاهرة عالمية متعاطفة معها، ولم تندد مظاهرة بالكيمياوي، وهذا سببه ليس عدم التعاطف، بل المجيئ بالمعتوهين وتسليمهم للاعلام". في نفس السياق انتقد حميرة عدم مواكبة الفنانين السوريين للأزمة في البلاد، قائلا "الذين انشقوا من النظام قلة قليلة، ومن بقي هم من المستفيدين، فالنظام كرس كل شيء له من الإعلام والدراما والفن، من أجل ضمان تأييد الفنانين له، وقبل بداية الأحداث كان هناك 32 طلبا من أجل الترخيص لقنوات خاصة، إلا أنه لم يوافق عليها، فلا يريد حرية التعبير، وبالتالي كان مصرا على عدم امتلاك اعلام خاص سوى الموالين له". ورغم ذلك يتابع حميرة "لا يبرر ما سبق موقف الفنانين في الداخل، فهم أمام لحظة تاريخية، والأمر كان بحاجة إلى تضحيات مثل الشعب السوري عموما، كما أن السبب يعود للمولين في الثورة الذي لم يمولوا أعمالا فنية، فهناك نصوص وسيناريوهات كتبت، إلا أنه لا تمويل من أجل إنجاز العمل". وأشار إلى أنه "تعرض لضربة هراوة من قبل أحد عناصر الأمن في إحدى التظاهرات، ورغم عدم وجود أي شيء، إلا أن الألم لا يزال موجودا، فكيف من تهدم منزله وقتل أفراد عائلته، فالنظام عمل بطريقة مممنهجة ومدروسة لاستثارة الوحش بداخل السوريين، وكل ما يحدث في سوريا مسؤول عنه بشار الأسد وعائلته". على حد تعبيره. أما بخصوص مسلسل "الرئيس والنساء،" الذي ألف وأخرجه حميرة، وعرض 4 حلقات منه عبر يوتيوب، أكد أن "الغاية من العمل هي كسر الصورة النمطية للدكتاتور، الذي يظهر في السينما والأعمال الفنية على أنه شخص له هيبة كبيرة، وله ظل وحضور قوي، وكل ما رغب بقوله هو أن الدكتاتوريين أناس مجانين يفتقدون الفكر، فلو كان الأسد يمتلك عقلا لما كان يتصرف بهذا الشكل". وبين أنه "حاول أن يشبه بشار بالزعيم الإيطالي موسليني من ناحية الجنون، في حين أن خطابات الزعماء العرب هي قمة الكوميدية ويكفي أن تستمع إلى خطاباتهم لتضحك عليهم، مثل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، وخلافاته مع الملك عبد الله، حيث تشعر وكانك أمام مسلسل كوميدي". وفيما يتعلق بحالة الانحطاط في الابداع الفني بالعالم العربي، أسقط حميرة سبب ذلك إلى "كل الأنظمة الشمولية منذ الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وحزب البعث، حيث امم كل شيء، ومن بين ما أمم التلفزيون والثقافة، والمبدعون السابقون كلهم، كانوا قبل ثورة مصر 1956. بعدها حصل هبوط ولم يأتي من هو بأهمية أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد والوهاب". وقال إن "هذه الأنظمة عملت على تخريب ذوقنا الفني والثقافي والأدبي، فلماذا لم يتكرر توفيق الحكيم ونجيب محفوظ، لأن بعد الثورة حدث إخصاء للمبدعين، وفي سوريا أيضا لم يأت أحد بعد محمد الماغوط وممدوح عدوان، لأنه حدثت عملية اخصاء واستئصال للأرحام من قبل النظام الشمولي، والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، كان يزعم بأنه كل شيء، ويفهم بكل شيء، وكان الأول بكل شيء". وذهب إلى القول أن الحل بعودة الإبداع هو "إسقاط الانظمة، واخطر ما قام به النظام السوري هو قتل روح المبادرة لدى السوريين، فلا تستطيع ركوب الحافلة دون موافقة أمنية، وكذلك حفل زفافه احتاج لموافقة 12 فرعا امنيا، ودفع 10 آلاف ليرة سورية رشوة لتمديد مدة العرس إلى الساعة الواحد بعد منتصف الليل، حيث كان المسموح به لمنتصف الليل فقط، كذلك الزواج بحاجة لموافقة شعبة التجنيد والسفر أيضا". وتمنى حميرة ختاما "أن يكون في العالم العربي والاسلامي 5 زعماء مثل رئيس الوزاء التركي، رجب طيب أردوغان، من اجل تعميم النموذج الحضاري الإسلامي، حيث وسم الاسلام بالتخلف، وتركيا تقدم نموذجا جيدا، وحققت تقدما رائعا، وادعاءات الأسلمة غير صحيحة. في اسطنبول ليس هناك محجبات بشكل واسع، ولم يشهد حالات إجبار وفرض للحجاب من قبل اي احد في الشوارع"، على حد تعبيره. ويعتر فؤاد حميرة من أبرز الكتاب في السنوات العشر الأخيرة في سوريا، حيث انتقل للكتابة بعد أن عمل في مجال الإعلام الذي انهى دراسته الجامعية في نفس الفرع، وهو من مواليد عام 1966 في مدينة دمشق، واعتقل قبل نحو عام لمدة اسبوعين نتيجة لمواقفه من الحراك الشعبي في سوريا. *وكالة الأناضول