الصور من ناظور24 بمبادرة من اللجنة التنسيقية لفعاليات المجتمع المدني بشمال المغرب قبيل العودة المفاجئة لأميناتو حيدر أولى ساعات اليوم الجمعة، وتماشيا مع حملة التعبير عن التنديد بالممارسات الإعلامية المغلوطة والغير مقبولة التي ما فتئت أميناتو حيدر تعبّر عنها منذ مستقرّها بمطار "لانثاروتي".. تمّ تفعيل قنوات الاتّصال من أجل الاشتغال، من لدن هذا التنظيم "العرفي"، المحتضن لنسيج جمعوي من مختلف المشارب، على جمع توقيعات الجسم المدني و النقابي و السياسي لرسالة كان قد تمّ الإقرار بضرورة توجيهها، ضمن إطار العمل الديبلوماسي الموازيّ، مباشرة لرئاسة الحكومة الإسبانية، وهي الرسالة التي كانت قد وصلت إلى مراحل استيفاء تواجدها الممهُور بتواقيع فعاليات مدنية مختلفة حول الاشتغال بإقليم النّاظور سويعات فقط قبل عودة المعنية بها، وهي كذلك الرسالة|الوثيقة التي تمّ تأريخها ببداية الأسبوع الجاري قبل أن تعرض على مختلف الفاعلين بإيقاع متثاقل ضمن فضاء النّادي البلدي البحري للمدينة على مدار أيّام الأسبوع الجاري للاطّلاع و"لكل غاية مفيدة"، قبل أن يتمّ الاستقرار، بعد ثلاث أيام من صياغتها، على تسمية ثلّة من الفاعلين الذين كانوا سينتقلون إلى العاصمة مدريد لمدّها يدا بيد إلى حكومة الجار الشماليّ للمغرب يوم الاثنين المقبل، ممثلين سياسيا بتنظيمات إقليمية لأحزاب "الكتلة"، ووجوه أخرى ناشطة ضمن الفعل الفنّي والجمعوي والصحفي والحقوقي بالمنطقة. ورغم كون المبادرة هامّة، بتبنّيها من لدن التنظيم الجمعوي المذكور الراغب في التحرّك ضمن إطار الأعمال الوطنية، وعملها ضمن قضية وطنية هامّة وعادلة، إلاّ أنّ قراءة متفحّصة لمضمون الرسالة، التي لم توضع أبدا في شكل مشروع، تؤكّد مدى الضعف الذي من الممكن أن تصل إليه أفكار بعض الناشطين في ملفات الدّبلوماسية الموازية للتحرّكات الدبلوماسية الرسمية، إذ يمكن الإقرار، قطعاً، بكون الرّسالة التي كانت تنتظر إقلاع طائرتها المبرمجة يوم السبت 19 دجنبر، لا تعدو أن تكون، شكلا ومضمونا، من النماذج النمطية لأي شكاية من الشكايات الممكن إيداعها لدى كتابه ضبط ممثلي النيابة العامّة بشأن أيّ قضية كانت.. والأذكى من ذلك كلّه هو تركيز صياغتها على مخاطبة العواطف أكثر من ولوجها خانات أساليب الإقناع، والحثّ على الفعل، تجاه أعمال عدائية مرتبطة بتحركات المجتمع المدني الإسباني المشوّه لجهود بلد متميّز إفريقيا وعربيا. ديباجة الرسالة التي كان من المزمع تقديمها إلى خوصي لويس رودريغيز ساباتيرو باسم ساكنة الريف المغربي بتاريخ الإثنين 21 دجنبر، والملغاة بعد وصول أميناتو إلى مطار العيون ضمن أوّل ربع ساعة من يومه الجمعة، تستقرّ على توجّه عام متبنٍّ بمخاطبة، ما وصفوا ضمن الرسالة المذكورة، ب "الضمير الحيّ" و"التعقّل الرزين" لرئيس حكومة المملكة الإسبانية، في حين تمّ تخصيص الفقرتين الثانية والثالثة من نفس الوثيقة|الرّسالة لعرض الإشكال والإحاطة بتورّط المخابرات الجزائرية، في استغلال خطأ أميناتو حيدر بتخليها عن هوّيتها المغربية، للنيل من العلاقات المغربية الإسبانية.. قبل أن تتم مخاطبة ساباتيرو بما "يعلمه"، حسب تعبير الوثيقة، من كون الوثائق الرسمية تفرض الاحترام والمراعاة تجاه الوطن الأمّ.. إلى ما دونها من الصياغات "الإنشائية" ضمن باقي الفقرات الموالية. إستفهامات بالجملة لا تملك سوى أن تعتري هذه المبادرة "الموقوفة التنفيذ" والتي افتقرت للقوّة الحجّية رغم دلالاتها الوطنية المحمّلة بقيم الالتفاف والتآزر والتلاحم، أولى هذه الاستفهامات تروم التطرّق إلى جدوى الحديث باسم ساكنة الريف في ظل مبادرة لم ترقَ إلى الحشد الكبير لتنظيمات قانونية ونشطة ولها علاقات تعاون مع جمعويي إسبانيا بنشاطها الممتدّ على طول الشريط الشمالي للمغرب، في حين تبرز ثانيها منصبّة على خيار اللجوء إلى تسليم الرسالة بمدريد عوض أي تمثيلية ديبلوماسية إسبانية، رغما عن تواجد قنصلية عامّة للجار الشمالي بالنّاظور، وقنصلية بتطوان، وهما الممثلتان رسميا للدولة الإسبانية برمّتها شمال الوطن.. في حين يجول السؤال الثالث في فلك نجاعة هذا الفعل من الأصل، خصوصا وأنّ الخطاب المتبنّى لم يخرج عن نطاق المتحرّكين الرسميين والحزبين المركزين ضمن هذا الملف. إنّ الإقرار بوجود حملة مضادّة تروم تشويه المغرب ببلد ساباتيرُو وخوان كارلوس يعني الإقرار ضمنيا بنجاعة تحركات الانفصاليين الصحراويين على مستوى التجمّعات المدنية الإسبانية القادرة على الضغط بتقليب الرأي العام وفق قنوات فاعلة، وهو ما كان يفرض، أساسا، تبنّي تحرّكات مدنية|مدنية، مغربية إسبانية، من لدن اللجنة التنسيقية لفعاليات المجتمع المدني بشمال المغرب، وذلك إيمانا من كون إطار الفعل المتميّز يقتضي القيام بحملة تحسيس فعليّ منصبّ على المنابع الرئيسة عوض المصبّات البارزة، وهو ما سيفرض مقاربات وطنية مغربية عادلة ومضادّة لأي تحرّك انفصاليّ يروم التضليل بوقوف خلايا البوليساريو وراءه.. كما أنّه كان من الأحرى أن يتمّ، في حال التشبّث بقصد رئيس الحكومة الإسبانية رأسا، أن تتمّ مقايضة تحرّكات إسبانيا في ملف أميناتو بالتاريخ الأسود لنفس هذا البلد بمنطقة الريف المغربي، حيث كان من الأجدر خوض الباعثين للرسالة المذكورة في ضرورة تحمّل إسبانيا لخروقاتها الحقوقية الإنسانية اليومية المقترفة بالجملة في حق المغاربة القاصدين لثغري مليلية وسبتة المحتّلين، مع ربط بخروقات الماضي الكيماوية في حقّ ساكنة الريف، دون السهو عن ضرورة إدراج موقف الجامعات والاتحادات المهنية، خصوصا الفلاحية، ضمن هذه المبادرة، بناء على قراءة رابحة تعي كون هذه التنظيمات مخاطِبا رسميا باسم ممونين لجزء غير يسير من مستلزمات السوق الإسبانية المركزية وتجمّعات تواجدها بالثغرين المحتلّين.. إضافة لما يشبه ذلك من أوراق ضغط دبلوماسي مكتسِبة لقوّة الإقناع بإعمال العقل عوض العاطفة.. ومستحضرة للإيمان بعدم جدوى وجود قضايا عادلة حتّى يتمّ كسبها. ومن المعطى الراهن المسجّل أثناء التعاطي بملف أميناتو حيدر، وكذا ردود الفعل الوطنية والعدائية المرتبطة به، يمكن الإقرار بالضرورة الملحّة للعمل على خلق ديبلوماسية رسمية قويّة وأخرى موازية لا تقلّ قوّة عنها دأبا ودراية في المستقبل القريب، وهذا ما لا يمكن أبدا أن يتأتّى بناء على مبادرات فردية كتلك التي سجّلها التاريخ سابقا، وإنّما يرهن ذلك بتحرّكات مدروسة يجب أن تعطي أكلها ضمن جلّ المواعد انطلاقا من عمليات التكوين وإعادة التكوين الواجب تفعيلها تفاديا لأي إضاعة للطاقة والوقت في التعاطي مع ملفّات آنية داعية للالتفاف، زيادة على ما يمكن أن تضفيه هذه العملية من بناء متراصّ لصورة المغربيّ الملمّ بالثوابت المتغيّرات وسط معارك مفتوحة من لدن الأعداء على أكثر من صعيد.