استعدادا لمونديال 2030.. وهبي يوقع ونظيرته البرتغالية إعلان نوايا مشترك    الملك يعين ابنة الحسيمة فاطمة السعدي بلجنة حماية المعطيات    التعاون المغربي الموريتاني يُطلق تهديدات ميليشيات البوليساريو لنواكشوط    ترامب يطلق أكبر عملية طرد جماعي للمهاجرين غير النظاميين    توقيع عقد مع شركة ألمانية لدراسة مشروع النفق القاري بين طنجة وطريفة    كرسي الآداب والفنون الإفريقية يحتفي بسرديات "إفا" في أكاديمية المملكة    الذكاء الاصطناعي.. (ميتا) تعتزم استثمار 65 مليار دولار خلال 2025    على خلفية مساعي ترامب لزيادة حجم الإنتاج...تراجع أسعار النفط    الدرك الملكي يحجز طن من الحشيش نواحي اقليم الحسيمة    "حماس" تنشر أسماء المجندات الإسرائيليات المقرر الإفراج عنهن السبت    دوامة    معرض فني جماعي «متحدون في تنوعنا» بالدار البيضاء    الفنانة المغربية زهراء درير تستعد لإطلاق أغنية « جاني خبر »    رواية "المغاربة".. نفسانيات مُركبة    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    ترامب يرفع السرية عن ملفات اغتيالات كينيدي ولوثر كينغ    مجلس الشيوخ التشيلي يدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء    مهدي بنسعيد يشيد بحصيلة الحكومة ويدعو لتعزيز التواصل لإبراز المنجزات    محاكمة بعيوي في قضية "إسكوبار" تكشف جوانب مثيرة من الصراع الأسري لرئيس جهة الشرق السابق    الصيد البحري : تسليم 415 محركا لقوارب تقليدية لتحسين الإنتاجية والسلامة البحرية    وزارة الشباب تكشف عن "برنامج التخييم 2025" وتستهدف 197 ألف مستفيد    اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس: خطوة أولى نحو السلام أم محطة مؤقتة في طريق الصراع؟    الكعبي يتجاوز مواطنه العرابي … ويدخل التاريخ كأفضل هداف اولمبياكوس في المباريات الاوروبية    إضراب عام يشل حركة جماعات الناظور ليوم كامل احتجاجا على تغييب الحوار    تركيا..طفلان يتناولان حبوب منع الحمل بالخطأ وهذا ما حدث!    السلطات البلجيكية تحبط محاولة استهداف مسجد في مولنبيك خلال صلاة الجمعة    معهد التكنولوجيا التطبيقية المسيرة والمعهد المتخصص في الفندقة والسياحة بالحوزية يحتفيان بالسنة الأمازيغية    العطلة المدرسية تبدأ مع طقس مستقر    تراجع التلقيح ضد "بوحمرون" إلى 60%.. وزارة الصحة في مرمى الانتقادات    "الطرق السيارة" تنبه السائقين مع بدء العطلة المدرسية    عمدة المدينة: جماعة طنجة لن تدخر أي جهد لجعل المدينة في مستوى التظاهرات الدولية وتطلعات المواطنين    اعتقال وحش آدمي تسبب في وفاة ابنة زوجته ذات الثلاث سنوات    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    تعيين الفرنسي رودي غارسيا مدربا جديدا لمنتخب بلجيكا    الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى: مشروع قانون الإضراب غير عادل    بورصة البيضاء تفتتح التداول بارتفاع    الجزائر نحو عزلة داخلية بعدما عزلها العالم    الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة…انتشار حاد لفيروس الحصبة وفقدان أرواح الأطفال    تنفيذا لتعهدات ترامب .. أمريكا ترحل مئات المهاجرين    السكوري: مناقشة مشروع قانون الإضراب تتم في جو عال من المسؤولية    تداولات الإفتتاح ببورصة البيضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    لقجع ينفي ما روجه الإعلام الإسباني بخصوص سعي "فيفا" تقليص ملاعب المغرب خلال مونديال 2030    العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية تعقد اجتماع مكتبها المديري    مايك وان" يُطلق أغنية "ولاء"بإيقاع حساني    سيفعل كل شيء.. سان جيرمان يريد نجم ليفربول بشدة    رقم قياسي .. أول ناد في العالم تتخطى عائداته المالية مليار أورو في موسم واحد    تضارب في الأرقام حول التسوية الطوعية الضريبية    ما هو سر استمتاع الموظفين بالعمل والحياة معا في الدنمارك؟    تألق نهضة بركان يقلق الجزائر    جوائز "الراتزي": "أوسكار" أسوأ الأفلام    الحكومة تحمل "المعلومات المضللة" مسؤولية انتشار "بوحمرون"    عبد الصادق: مواجهة طنجة للنسيان    تعرف على فيروس داء الحصبة "بوحمرون" الذي ينتشر في المغرب    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" حانوتي " المشروع الحلم الذي تحول إلى كابوس
نشر في هسبريس يوم 09 - 12 - 2009

تأكدت من جديد عقلية الاستهتار بمصالح المواطنين ومستقبلهم من طرف مؤسسات كبرى من المفروض أن تلعب دور القاطرة على مسار المساهمة في إخراج هذه البلاد من أزمتها الخانقة وتجميع الشروط الملائمة لانطلاقة صيرورة تنموية فعلية يستفيد منها أغلب المغاربة عوض انحصار نتائجها على قلة قليلة لا تكاد تبين.
هذه المرة ينكشف أمر شركة عملاقة، مجموعة "فينانس كوم" FINANCE COM لصاحبها عثمان بنجلون في قطاع التجارة المحلية والتوزيع "تابقالت"، فهاهي فضيحة حانوتي تؤكد هذا المنحى العام الذي تكرس ببلادنا منذ حصولها على الاستقلال المنثور، سيما وأن براهين وقرائن النصب والاحتيال طفت على السطح بامتياز.
هذا، رغم أن القيمين على أمور البنك المغربي للتجارة الخارجية يصرون إلى حد الآن، على اعتبار أن الأمر مجرد نازلة سوء تدبير وتسيير ليس إلا.
والحالة هاته، فانه منذ تعيين المدير العام الجديد لشركة "حانوتي شوب ش.م" جواد بنيس في غضون منتصف هذه السنة 2009، لازال الجميع ينتظر الإعلان عن إستراتيجية لاحتواء المشكل عبر تحديد مصير مشروع "حانوتي" الذي أضحى يشبهه الكثيرون بمشروع "النجاة"، اعتبارا لكونه خلف هو كذلك العديد من الضحايا ذنبهم الوحيد أنهم انساقوا وراء حلم "غذ أفضل".
يقال حاليا أن المدير الجديد يسعى للحد من الفضيحة مادام أن مفكري ومستشاري مجموعة "فينانس كوم" أضحوا مقتنعين بفشل المشروع، لذا يقول مصدر مطلع أن جواد بنيس بصدد التفكير الآن في بعض الحلول الترقيعية منها تحويل بعض متاجر حانوتي إلى مقرات لوكالات بنكية أو نقط لتحويل العملات، وذلك لتقليل صدى فضيحة "حانوتي"، خصوصا بعد أن تأسست جمعية وطنية للدفاع عن حقوق ضحايا هذا المشروع.
جمعية ضحايا "حانوتي"
بعد أن سدت أمامهم كل الأبواب، اضطر ضحايا مشروع حانوتي إلى تأسيس جمعية خاصة بهم.
تطالب الجمعية الوطنية لضحايا حانوتي بإنصاف المتضررين من قروض "حانوتي" وتعويض الخسائر التي جعلتهم يتخبطون في الديون المتراكمة والمشاكل المتعددة جراء التصرفات اللامسؤولة للقائمين على المشروع الذي عرف فشلا ذريعا، إذ تحول من حلم وردي إلى كابوس أسود قذف بالمستفيدين منه إلى غياهب اليأس وانسداد الأفق بعد صرف القروض، علما أن بنك عثمان بنجلون صاحب الفكرة ظل هو المستفيد على حساب المتضررين الذين وضعوا ثقتهم في دراسة خبراء البنك المغربي للتجارة الخارجية ووكلائه التجاريين الذين تألقوا في الترويج لمشروع حانوتي بطرق وأساليب أضحى البعض يصفها بأنها اعتمدت التدليس لاصطياد الضحايا.
الغريب في الأمر، أن ضحايا "حانوتي" ظلوا متروكين لحالهم يتخبطون في مشاكل لم تكن في الحسبان، رغم أن مشروع "حانوتي" يدخل في نطاق مخطط "رواج" الذي يهدف -في مجال تجارة القرب- إلى حماية التجار الصغار المستقلين من خلال دعم تطوير نشاطهم وملاءمته مع تغيرات أنماط الاستهلاك، وتحصينهم ضد المخاطر الناتجة عن توسع الفضاءات التجارية العصرية، وفي هذا النطاق سبق لوزير الاقتصاد والمالية صلاح الدين مزوار أن صرح قائلا: "حددنا كهدف لمخطط "رواج" زيادة عدد المحلات التجارية لهذا النمط من 850 ألف حاليا 2007 إلى 980 ألف في سنة 2020، ورفع حجم مبيعاته من 7،54 مليار درهم حاليا إلى 101 مليار درهم".
والحالة هاته، وقد أوقع مشروع "حانوتي" العديد من الضحايا وقذف بهم إلى الإفلاس المبين فما قولكم يا وزير الاقتصاد والمالية؟ خصوصا وأن الكامن وراء المشروع بنك من أضخم أبناك المنظومة المصرفية المغربية؟
إن الضحايا -حسب تصريحات بعضهم- لم يحققوا أدنى ربح من المشروع، بل أصبحوا غارقين في ديون مازالت سائرة نحو التراكم، هذا في الوقت الذي تبين لهم بجلاء أن كل ما تضمنته دراسة جدوى مشروع "حانوتي" من رقم معاملات ونسبة أرباح لم يتحقق، ولو في حده الأدنى، هذا علاوة على مشاكل التموين وعدم قدرة الأسعار المعتمدة على المنافسة، دون ذكر بعض المشاكل المرتبطة بجودة المواد وانتهاء صلاحية بعضها.
إن مشروع حانوتي ارتبط بالأساس بشركة "حانوتي شوب ش.م" HANOUTY SHOP S.A ويعتبر منصف بلخياط الوزير الحالي للشباب والرياضة مهندسه حينما كان أحد دعائم مجموعة "فينانس كوم".
لهذا فضل ضحايا المشروع تنظيم وقفتهم الاحتجاجية أمام المقر الرئيسي للبنك المغربي للتجارة الخارجية الذي صرح أحد مسؤوليه أنه غير مسؤول مباشرة عن المشروع وإنما قام فقط بتمويله بواسطة قروض؟ علما أن كل الجهات التي تم الاتصال بها أكدت بما لا يدع أدنى شك أن فكرة مشروع "حانوتي" انبثقت من هذا البنك وترعرعت بين ظهرانيه.
الطعم الذي جلب الضحايا
حسب المعطيات المتوفرة وبعد القيام بالعديد من التقاطعات واستفسار عدد من الضحايا يبدو أنه تم توظيف وكلاء تجاريين للترويج لمنتوج مجموعة "فينانس كوم"، وقد تم تحفيزهم بإتاوات أسالت لعابهم، الشيء الذي دفعهم إلى حشد كل قدراتهم لإقناع أكبر عدد ممكن من الأشخاص، وذلك حتى ولو أدى الأمر إلى تضخيم الأرباح المفترضة وحجب المشاكل المتوقعة، علما أن هؤلاء الوكلاء التجاريون تم التخلي عنهم ولم تعد تربطهم أية صلة "بحانوتي شوب ش.م"، ولا بمجموعة "فينانس كوم"، ولعل أول عنصر يفيد الاستهتار بمصالح الغير محاولة إقناع الغير بأية وسيلة بغية الرفع من قيمة الإتاوة المستخلصة.
إن أغلب التقديرات الخاصة بأرقام المعاملات لم تتحقق، كما وجب إضافة ذلك، غض الطرف على جملة من الملفات التي لم تكن تستجيب للمواصفات التي حددتها الدراسة الأصلية سيما فيما يرتبط بالموقع، علما أن العقدة المبرمة مع المستفيد لا تنص على أهمية الموقع ودوره ولا على هامش الربح المفترض وهما عنصران مهمان جدا في نجاح المشروع، وهذا أمر يدعو إلى الكثير من التساؤلات.
إن الوكلاء التجاريين الذين روجوا لمشروع حانوتي عملوا على إقناع أكبر عدد من الضحايا، واعتمدوا على معطيات منفوخ فيها وكانوا يعلمون علم اليقين أنها غير حقيقية وصعبة الانجاز بمكان، لا سيما وأنهم تعاملوا مع أشخاص لا دراية لهم بقطاع التوزيع والتجارة بالتقسيط وتجارة القرب، وهذا أمر إن لم يكن القانون يعاقب عليه باعتبار "أن القانون لا يحمي المغفلين" فانه غير مقبول من طرف بنك كبير ومجموعة مالية ذات صيت وشركة ادعت أنها خلقت كشركة "مواطنة" للمساهمة في تفعيل التنمية بالبلاد، علاوة على أن هذه الشركة تابعة لأحد أكبر مصارف المغرب - البنك المغربي للتجارة الخارجية- وهنا يكمن المشكل.
فعوض أن يساهم مشروع "حانوتي" في التنمية وتحسين أوضاع فئة اجتماعية مهمة ساهم على العكس من ذلك في المزيد من تأزم الوضع وخلق ضحايا جدد علما أن أصحاب المشروع ظلوا يجنون الأرباح قل شأنها أو عظم أراد من أراد وكره من كره ويا لها من روح المواطنة هذه.
لقد أكد أكثر من ضحية أن الوكلاء التجاريين اعتمدوا الكذب والتدليس والخداع لإقناع الزبناء للانخراط في مشروع حانوتي، علما أن كل الدراسة توعد أن هامش الربح في مجال تجارة القرب لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوز نسبة 15 بالمائة، إن ما كان يهم هؤلاء الوكلاء هو اصطياد أكبر عدد من المستفيدين مما فتح الأبواب على مصراعيها للإقناع بجميع الوسائل دون أي اعتبار للعواقب.
النصب بين وعلامات "التقوليب" واضحة
لقد باعوا الحوت في البحر كما يقال. إن الوكلاء التجاريين اجتهدوا اجتهادا غير مسبوق في إقناع ضحاياهم عبر إبراز سهولة تحقيق أرباح مهمة في حين أن عرضهم الحقيقي – غير المعلن- لم يكن هو الحرص على احترام الشروط لإنجاح المشروع وإنما هو التمكن من توريط أكبر عدد من الأشخاص في المشروع لضمان مصالح شخصية ضيقة وهي تضخيم العمولة التي يستخلصها كل واحد منهم من هذه العملية. إنها نازلة تكاد تكون شبيهة بنوال الغدر وخيانة الأمانة علما أن القضاء يجد نفسه مكتوف الأيدي في مثل هذه الحالات.
لكن أين يكمن النصب؟
يقول أحد العالمين بخبايا الأمور أن بنك عثمان بنجلون باع خدمة مسمومة لزبنائه بتمكينهم من قروض لتوقيع عقد الاستفادة من مشروع حانوتي وهي خدمة روجتها نفس المجموعة المالية التي تدير البنك المغربي للتجارة الخارجية وهو عقد محبوك بطريقة وصفها البعض ب "الشيطانية" حرمت موقعه من الدفاع عن نفسه في حالة أبلغ الأضرار، وهذا أمر يدعو أيضا إلى تساؤل كبير.
إن ما أخفاه الوكلاء التجاريون –حسب بعض أهل المجال- على الأشخاص المستفيدين من المشروع هو أن المبلغ الواجب أداؤه الإتاوة مستمر ودائم مهما كانت النتائج. فهذه الإتاوة المؤداة لشركة "حانوتي شوب ش.م" تحسب استنادا على المساحة مهما كانت الأحوال.
فمثلا على صاحب متجر مساحته 20 متر مربع أن يؤدي سنويا للشركة المذكورة 200 ألف درهم -20 مليون سنتيما- هذا إضافة لمبلغ 350 درهم شهريا كمصاريف لولوج شبكة الانترنت اعتبارا لأن صندوق المتجر مرتبط بحاسوب المركزي الرئيسي للتموين.
ففي نونبر 2006 صرح عادل الشغروشني أحد المسؤولين على المشروع مؤكدا أن حانوتي مشروع ناجح عارضا الايجابيات العشرة الضامنة لهذا النجاح المؤكد:
1. سعر شراء يضمن درجة قوية ومريحة للمنافسة بالنسبة لمتاجر حانوتي
2. استفادة أكيدة من طرف المستهلك، على مستوى الأسعار أو على مستوى الجودة
3. ضمان التموين في أسرع وقت ودون مجهود
4. أحسن تدبير للمخزون
5. ضمان وصول المواد في الموعد
6. ضمان تغطية اجتماعية
7. ضمان تكوين مستمر ومتابعة في مجال التدبير والتسيير
8. حملة ماركوتينغ في المستوى
9. سمعة جيدة
10. تكاثر عدد الزبناء
لكن يبدو أن أغلب الضحايا تبين لهم الآن بجلاء أنهم برؤية الشجرة دون رؤية الغابة.
إن المبالغ المالية الواجب أداؤها لشركة حانوتي شوب محسوبة على أساس المساحة كما أن الراغبين في الاستفادة ولا يتوفرون على أموال سمح لهم بالاقتراض من البنك المغربي للتجارة الخارجية، وهذا مثل الشجرة التي حجبت غابة المشاكل والأخطار التي أخفتها وعود تقديرات الأرباح وأرقام المعاملات التي روج لها الوكلاء التجاريون. فماذا يقول منصف بلخياط ومشغله وقتئذ عثمان بنجلون، بهذا الخصوص؟
وقد يتساءل المرء، لماذا لا تتم المطالبة بإلغاء العقود من طرف المتضررين؟
إن الأمر ليس بالسهل، إذ أن "الغرزة" كانت متقونة ولم يعد أمام الضحايا الآن إلا التحمل والخضوع، اعتبارا لكون دفتر التحملات يفرض عليهم شروطا قاسية في حالة اختيار إلغاء العقد.
المشروع الحلم تحول إلى كابوس
أعطى كل من عثمان بنجلون المدير العام لمجموعة فينانس كوم وصلاح الدين مزوار الوزير الوصي على القطاع المالي والمصرفي، انطلاقة مشروع حانوتي بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء وهو مشروع خصص لحاملي شهادة الباكالوريا بالنسبة للباعة والباك + أربع سنوات بالنسبة لمسيري المتاجر.
فمنذ 3 سنوات -2006- اتصل منصف بلخياط بعبد الجليل الليكايمي قصد السهر على شركة تنشط في قطاع تجارة القرب تابعة لمجموعة "فينانس كوم" التي تدير البنك المغربي للتجارة الخارجية، وقد تم تقديم مشروع حانوتي وقتئذ، كخطوة غير مسبوقة في تحديث وعصرنة البقالة بالمغرب، وهو مجال يضطلع بأكثر من 90 بالمائة من نشاط التجارة بالتقسيط -40 ألف بقال-، كانت الفكرة بسيطة، إنتاج مركز لتسويق المواد ثم تزويد المتاجر العصرية بعد اللعب على السعر لضمان درجة كبيرة من المنافسة، يتم تموين المتجر باستمرار في غضون 48 أو 72 ساعة، وذلك باعتماد منظومة معلوماتية تربط بين المركز من جهة وصناديق الأداء الموفرة للمتاجر من طرف الشركة، مقابل هذه الخدمة يتعهد صاحب المتجر بأداء الإتاوة تحسب ارتكازا على مساحة المتجر سواء كان ملكا له أو يتصرف فيه بالكراء.
لقد اطلقت مجموعة "فينانس كوم" مشروع حانوتي في نهاية أبريل 2007 وعزم القيمون عليه على خلق شبكة تضم 3 آلاف متجر وخلق 5 آلاف فرصة شغل عبر برنامج التشغيل الذاتي: "مقاولتي".
انطلقت إذن، في البداية، مائة متجر بالرباط والدار البيضاء والمحمدية والقنيطرة وسلا والجديدة مباشرة بعد إحداث شركة "حانوتي شوب ش.م"، وأقرت دراسة الجدوى المعلن عنها أن الهدف هو تحقيق سنة 2009 إحداث 3 آلاف متجر و 5 آلاف منصب شغل، لكن ما تحقق فعلا على أرض الواقع، منذ بداية النصف الثاني من 2009، هو إنتاج ضحايا على حافة الإفلاس التام، علما أن الدراسة أقرت أن رقم المعاملات المرتقب حسب خبراء بنك عثمان بنجلون يفوق 5،2 مليار درهم على امتداد 3 سنوات.
فبعد سنتين من انطلاق المشروع، تأكد الفشل، لذلك غيرت مجموعة "فينانس كوم" الاتجاه، تاركة ضحايا حانوتي يتخبطون في مشاكلهم المستعصية الحل، إذ حالما برزت علامات الفشل الذريع اتجه عثمان بنجلون إلى قطاع "سوبيرمارشي" سيما وأن مجموعته نفضت يدها عن أسواق "لابيل في" بعد نشوب خلافات حادة بخصوص المصالح.
وحسب مصدر مطلع من أهل الدار، فان أغلب المساهمين في مجموعة "فينانس كوم" أبدوا منذ مدة أنهم غير متحمسين لمشروع حانوتي، لذلك تم التخلي عنه بجرة قلم دون اعتبار محنة ضحاياه.
لكن لماذا التفكير في مشروع حانوتي؟
لقد قيل إن مشروع حانوتي جاء لتنمية التجارة الداخلية سيما تجارة القرب، علما أن هذا المشروع يدخل في نطاق مخطط رواج الذي عرف النور في ظل حكومة التي ترأسها التقنوقراطي إدريس جطو. لقد أعطى هذا الأخير انطلاقته في صيف 2007 معلنا أنه يهدف إلى النهوض بالتجارة الداخلية وتأهيل مختلف مكوناتها والرفع من أدائها، وإحداث صندوق لتنمية التجارة الذي سيوجه لدعم ترقية وتأهيل نشاط صغار التجار.
ومن المعلوم أن قطاع التجارة الداخلية يشغل نحو 6،10 بالمائة من السكان النشيطين أي ما يناهز 2،1 مليون شخصا، وتصل القيمة المضافة للقطاع 63 مليار درهم، وهو ما يمثل نسبة 11 بالمائة من الناتج الخام الداخلي للمغرب.
وها هو هذا القطاع الهام يتلقى ضربة قاسية بفضل مشروع "حانوتي" الذي أسقط ضحايا دون أن يحدث خسارات لأصحاب الفكرة بنك عثمان بنجلون لأن كما يقال منذ صدور كتاب الرأسمال لكارل ماركس "الرأسمال كالمنشار طالع واكل نازل واكل".
ألم تتخل مجموعة عثمان بنجلون عن فكرة دعم تجارة القرب بعد فشل مشروع حانوتي للانقضاض على الفضاءات التجارية العصرية الكبيرة مادامت الربحية مضمونة فيها حاليا.
لكن ما يحز في القلب حقا هو تقديم شركة "حانوتي شوب ش.م" عند إنشائها كشركة مواطنة، لكنها مواطنة بمفهوم المواطنة السائد ببلادنا.
الشهادات
تطالب الجمعية الوطنية لضحايا "حانوتي" بإنصاف المتضررين من قروض حانوتي وتعويض الخسارة التي جعلتهم يتخبطون في الديون والمشاكل جراء التصرفات اللامسؤولة للمؤسسة صاحبة مشروع "حانوتي".
كان المشروع يبدو مثل الحلم، لكنه تحول إلى كابوس اغتال الأحلام البسيطة التي أعادت بصيصا من الأمل في عيون من تاقوا في هذا المشروع سيما و أنه صادر عن أهم المؤسسات في منظومتنا البنكية التي يدير شؤونها أحد أكبر رجال الأعمال بالمغرب . لكن سرعان ما بدأ الكابوس الرهيب يسقط ضحايا مجردين من كل إمكانية للدفاع عن حقوقهم و متابعة من قادوهم إلى هذه الوضعية، لينضافوا على ضحايا فضيحة "النجاة".
متضررة: "ما زالت لدينا السلع المنتهية الصلاحية ولدينا اثباتات "خبرة" "
أخذنا قرضا من طرف البنك المغربي للتجارة الخارجية لضمانة "حنوتي شوب" كFranchisé، أخذنا القرض بنسبة فائدة 5،5 في المائة كما هو منصوص عليه في العقدة، لكن نفاجأ باقتطاعات عندما توصلنا بكشوفات الحساب بأن نسبة الفائدة هي 75،12 في المائة، ثانيا شركة "حنوتي شوب" وقعت مهنا العقدة وأخذت ثلثي المبلغ كل حسب القرض والثلث المتبقي زودتنا به وهو عبارة عن سلع مع السف كلها منتهية الصلاحية.
وعندما وضعنا شكايات متعددة بهذا الخصوص لم نتلق أي جواب فاضطررنا للإغلاق، والقرض الذي تم إعطاؤه لنا من البنك المغربي للتجارة الخارجية لم نتوصل به نهائيا ومر مباشرة لشركة "حنوتي شوب".
راسلنا المدير العام للبنك المغربي للتجارة الخارجية ولم يجبنا، راسلنا المسؤول بشركة حنوتي ولم يول لنا اهتماما، حاولنا الاتصال بمسؤولين فاقترحوا علينا تأسيس جمعية وطنية من جميع المدن.
ما زالت لدينا السلع المنتهية الصلاحية ولدينا اثباتات "خبرة".
متضرر:" نحن ضحية نصب واحتيال"
مشكلتنا هو أن البنك المغربي للتجارة الخارجية أعطانا وعودا ولم يوف بها، نحن ضحية نصب واحتيال، أؤكد أننا لم نتعرف على مبلغ القرض، ناهيك عن السنة المئوية التي فاجأتنا كثيرا حيث انتقلت من 5،5 في المائة إلى 75،12 في المائة.
العقد لم يكن مفصلا، العقد غير تام... بالنسبة لي 25 مليون سنتيم بالنسبة للرفوف، فهذا لا يعقل وقعنا على العقدة ولم نطلع على بنودها وشروطها، لقد كانت العقدة مبهمة.
*جريدة الرقيب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.