لم يفكر المواطن الغزّي، أحمد طافش، كثيرًا في ابتكار طريقة تحوله من متابع شغوف لرياضة تنس الطاولة، إلى ممارس لها كما كان يتمنى، فحزام قصير يلفه حول يد مضرب لعبته وأعلى أحد ذراعيه المبتورين، كفيل بجعل حلمه "حقيقة". رغبة طافش الملحة في ممارسة هذه اللعبة وتحدي إعاقته، جعلت فكرة ربط المضرب بذراعه تلمع في ذهنه قبل ثماني سنوات، كما يقول، ونجح في تنفيذها ب"امتياز"، كما تفصح بذلك انتصارات فوزه التي حققها. وداخل قاعة لعبة تنس الطاولة في أحد نوادي قطاع غزة، كان طافش المولود بلا ذراعين من أسفل الكوع، يصد ضربات خصمه بمهارة وخفة حركة، وبنبرة "واثقة وراضية" متحدثاً لوكالة الأناضول، قال صاحب ال (32 عاماً): "عندما شاهدت لاعبي هذه الرياضة أحببت أن أكون من ممارسيها، والآن يمكنني أن أقول قد فعلت هذا". وتابع:" لا أجد صعوبة في ممارسة هوايتي، فقليل من التدريب والتركيز والتحدي، ساعدني على أن أحوز على المرتبة الأولى في عدة مباريات محلية"، مستدركا بالقول:" في البداية حاولت أن أمسك المضرب بكلا ذراعي، إلا أنني لم أفلح في ذلك، وبقيت أحاول مرارًا ولم أصغ للأصوات المحبطة من حولي، حتى ابتكرت تلك الطريقة،واستطعت التحكم في المضرب". ويستذكر طافش ذي القامة المتوسطة أول مرة لعب فيها، نظرات العيون "المشدوهة" (المتفاجئة) التي كانت تراقبه، والتي وقف أصحابها احترامًا له، وعلا تصفيقهم في نهاية المباراة، موضحا أن إعاقته لم تمنعه من ممارسة حياته بشكل طبيعي، إنما تأقلم معها وتزوج من فتاة متعلمة وشاعرة، وأنجب منها ثلاثة أطفال.. وفي هذا السياق قال: "لا أشعر بنقص، إنما أعتمد على ذاتي في تدبر شؤوني وأقود سيارتي بنفسي". وإن أراد أن يستقل طافش وهو خريج كلية "تأهيل معاقين"، سيارته فهو يضع المفتاح بين ذراعيه لفتح بابها، ويديره داخل المحرك بأصابع قدمه، وتحكمه في مقود السيارة يظهر "ثقته" وتمكنّه من القيادة، مبرزا أن الفضل في ممارسة حياته دون أي شعور بالإعاقة، يعود لوالديه، حيث قال:"دائمًا كانا يشجعاني على ألا أشغل نفسي بوضعي الخاص، فزادت ثقتي بنفسي". ولجأ طافش سابقًا لتركيب أطراف صناعية، "لكنها أحدّت من حريته وحركته، فقرر عدم استخدامها أبدًا"، كما يقول.. وتمنى أن يمارس تنس الطاولة باحترافية أكثر، ويتمكن من السفر إلى الخارج للمشاركة في بطولات عالمية. من جهتها قالت زوجته رندة الحداد، (29 عامًا)، "لا أشعر بأن زوجي من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأنا سعيدة بزواجي منه"، مضيفا:" بعد زواجي من أحمد اكتشفت بأنه يتمتع بقدرات عدة، وموهوب وواثق من نفسه، وهو بنظري شخص فوق العادي". *وكالة الأناضول