أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مجددا أمس الخميس أن فرنسا بلد "لا مكان للبرقع فيه" وذلك في أول خطاب له في إطار نقاش يتعلق بالهوية الوطنية بدأته الحكومة في مطلع شهر نونبر. "" وقال ساركوزي في لا شابيل إن منطقة فيركور الواقعة في وسط شرق فرنسا التي مثلت أحد معاقل المقاومة الفرنسية في الحرب العالمية الثانية، إن فرنسا بلد لا مكان فيه للبرقع ولا مكان فيه لاستعباد المرأة تحت أي مبرر وأي ظرف وفي جميع الأحوال. وكان قد تم تشكيل لجنة برلمانية حول البرقع من قبل الجمعية الوطنية في يوليوز في فرنسا. بيد أن متخصصين في الإسلام يؤكدون على الطابع الهامشي لظاهرة البرقع التي تعود لأقلية بين مسلمي فرنسا تتبنى الرؤية السلفية المغالية في قراءة أحكام الإسلام. وأضاف ساركوزي أن فرنسا هي بلاد لا مكان فيها للخلط بين الروحي والدنيوي، إن فرنسا بلد التسامح والاحترام، لكنها تطلب أيضا أن يتم احترامها، مشيرا إلى أنه لا يمكن السعي إلى الاستفادة من الحقوق دون الإحساس بأهمية الواجبات. وأشاد الرئيس الفرنسي في خطابه ب "تنوع" فرنسا وارث "المسيحية" و"عصر الأنوار" وتأثير ثقافات إقليمية مثل تلك القادمة من إفريقيا أو المغرب العربي، مشددا في الوقت ذاته على أن أولئك الذين يأتون إلى فرنسا للدعوة إلى العنف وكراهية الآخر، سيتم طردهم. وكان وزير الهجرة الفرنسي اريك بيسون قد أطلق في بداية الشهر الحالي نقاشا حول الهوية الوطنية ينظم مبدئيا في كل منطقة. واتهم اليسار الفرنسي نيكولا ساركوزي بالعودة مجددا إلى هذا الملف الذي أطلقه خلال حملته الانتخابية في 2007، بهدف اجتذاب ناخبي اليمين المتطرف قبل الانتخابات المحلية في 2010. بيد أن ساركوزي أكد أن الأمر يتعلق بنقاش "نبيل وضروري"، مشيرا إلى أن الحديث عن الهوية الوطنية ليس أمرا خطرا، متسائلا عن الأسباب العميقة التي جعلت فرنسا تشك في نفسها إلى هذا الحد. وفي سياق متصل طالبت وزيرة فرنسية سابقة بوضع تشريعٍ قانونيٍّ يحظر الحجاب في فرنسا؛ بحجة أنه يهدد القيم التي تقوم عليها الجمهورية الفرنسية، وشنَّت هجومًا وقحًا على الزي الشرعي الإسلاميِّ، ووصفته ب"اللباس الرجعي". وزعمت وزيرة حقوق المرأة السابقة إيفات رودي أمام لجنة برلمانية خصِّصت لقضية الحجاب، أنه لا يوجد نص في القرآن يقضي بفرض الحجاب. وأضافت أنه في كل ديانة يوجد متطرفون، وهناك جماعات متطرفة تسعى إلى فرض أفكارها، في إشارة منها إلى الجماعات الإسلامية التي تنشط في فرنسا والغرب وتدعو إلى تمسك النساء المسلمات بحجابهن. ودعت إيفات رودي سلطات بلادها إلى التحرك إزاء ما أسمته بعض الأشياء التي يقوم بها "المتطرفون" الإسلاميون في فرنسا، ومن بينها تخصيص مسابح خاصة للنساء وبرامج مدرسية لأبنائهم. وقالت وزيرة المرأة السابقة في فرنسا في نفس المداخلة مستهزئةً: "لماذا لا يطالبون بأماكن معزولة"، وذلك في إشارةٍ إلى الدَّاعين إلى منع الاختلاط بين النساء والرجال في الأماكن العامة. وتشهد فرنسا هذه الأيام هجومًا لا مثيل له على الحجاب والنقاب وحتى الدين الإسلامي كله، تحت دعاوى مغلوطة تقوم على أساس العنصرية ضد الإسلام، رغم أن ذلك يعد خروجًا على نصوص الأممالمتحدة التي تبيح الحرية للأديان وممارستها.