تعتبر مجموعة "باي فالات" المحسوبة على الطريقة الصوفية المريدية بالسنغال إحدى المجموعات الصوفية، الأكثر غرابة من حيث السلوك والمظهر. الصورة الشعبية المتشكلة في أذهان السنغاليين عن هذه المجموعة، هو أنهم أناس يعيشون بعيدا عن واقع الحياة، يطبع الزهد حياتهم اليومية، ويتجلى ذلك من خلال جلابيبهم البالية والمرقعة وضفائر الشعر الطويلة التي يصرون أن تبقي صفة تميزهم عن غيرهم. وتفرض أدبيات شيخ هذه المجموعة المعروف ب "ابرا فال" على أتباعها التقيد بنمط معين من السلوك والطقوس التي تطبع حياتهم اليومية وأزيائهم الغريبة، وهو الشيء الذي يميزهم عن باقي مكونات الشعب السنغالي. هذا بالإضافة إلي الأحزمة التي يرتدونها كتعبير عن القدرة على تحمل يوم طويل من العمل الشاق، أو ليلة طويلة من الابتهالات و المدائح. وكما قال أحد أتباع الطريقة الشيخ فاي في للأناضول "إن "باي فالات" يلعبون دور خُدام الطريقة المريدية في السنغال من خلال حرصهم على جمع "النُذر" (نذور الأموال) بمشايخ الطريقة والقيام بمهمة رعاية وإنعاش الابتهالات الليلية التي يتغنون فيها بالقصائد التي تُمجد الطريقة ومؤسسها". ويذهب فاي إلى ما هو أبعد من ذلك باعتبار أن "باي فالات" يساهمون بشكل كبير في الإشراف على تنظيم الاحتفالات الدينية الخاصة بالطريقة المريدية كاحتفال "ماغال طوبي"، الذي يقام كل سنة بمدينة طوبي (192كلم من العاصمة دكار) احتفالا بذكري عودة مؤسس الطريقة المريدية للبلاد من المنفي. وأسس الشيخ أحمد بمبا سنة 1887 مدينة طوبى، التي أصبحت لاحقا ثاني أكبر مدينة بالسنغال. وبحسب مراسل الأناضول فقد نجح حينها في إقناع عدد من ملوك المنطقة باعتناق الإسلام. وتعد الطريقة المريدية من الطرق التي لها حضور على ساحة التصوف في السنغال، وترجع نشأتها إلى أواخر القرن التاسع عشر على يد بمبا، ونظرًا لتوجهات بمبا الجهادية ضد الاستعمار الفرنسي فقد تم نفيه إلى موريتانيا حيث أنشأ فرعا لطريقته هناك. ونفي الفرنسيون عام 1895 بمبا إلى أدغال إفريقيا بعد اتساع نشاطه الديني المنازع للتغلغل الفرنسي بالسنغال وغرب إفريقيا، قبل نقله إلى الجارة موريتانيا بداية من القرن الماضي، حيث أقام هناك 4 سنوات. ورغم أن الفرنسيين حكموا عليه بالإقامة الجبرية بعد ذلك "فإن كل ذلك لم يحل بينه وبين أتباعه الذين ظلوا في تزايد حتى اليوم". وتستقطب مدينة طوبي سنويا مئات الآلاف من الزوار، وهي قبلة أتباع الزاوية المريدية الذين يفدون إليها من داخل السنغال وخارجه، من أوروبا وأمريكا للمشاركة بالتظاهرات الدينية الخاصة بالطريقة المريدية. يشكل المريدون 35 % من 13 مليون مواطن يعيشون في السنغال، ولهم ثقل اقتصادي هام، وتنامى نفوذهم خصوصا بعد انتخاب أحدهم، عبدالله واد، رئيسا للجمهورية (2000-2012). غير أن الكثير من السنغاليين غير راضون عن ما يعتبرونه ”شططا وبدعا تتسم بهما سلوكيات باي فالات، كتعظيم المشايخ لدرجة القداسة والتمايل والرقص عند الذكر، والاهتمام بقصائد الطريقة المريدية كمنهج حياة على حساب الكتاب والسنة. وتنتشر الطرق الصوفية بشكل كبير في المجتمع السنغالي. وتُعد المريدية والتيجانية من أهم الطرق وأكثرها انتشارا. وتمتاز الطريقة المريدية بكونها سنغالية المنشأ. *وكالة الأناضول