جاء موقف سلطة رام الله التآمري من تقرير غولدستون الخاص بجرائم الحرب المرتكبة من قبل الكيان الصهيوني خلال العدوان الآثم على قطاع غزة نهاية العام المنصرم، صادما ومستفزا لمشاعر الضحايا من سكان القطاع، فضلا عن عموم الشعب الفلسطيني، وجماهير الأمة العربية والإسلامية. إن قرارا من هذا النوع، ومن هذا المستوى من الأهمية والخطورة، لم يكن ليمر من دون موافقة رأس هرم السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس، لذا فإن مسؤولية هذا الأخير في هذه الجريمة النكراء ثابتة ولافائدة من محاولة إخفائها أو التقليل من وقعها، كالإدعاء كذبا وزورا أن من وقف وراء هذا القرار هي المجموعة العربية والإسلامية داخل مجلس حقوق الإنسان، وهو مانفته قطعا تصريحات الأمين العم للجامعة العربية السيد عمرو موسى، وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إحسان أوغلو، بل إن المقرر الأممي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية السيد ريتشارد فولك، قد أكد في محاضرة له بجامعة جورج تاون نقلتها الجزيرة مباشر قد أكد على تورط السلطة الفلسطينية في رام الله في قرار تأجيل التصويت على تقرير غولدستون، وقال بالحرف "أن سلطة رام الله التي يفترض أنها تمثل الشعب الفلسطيني قامت بإنقاذ الكيان الصهيوني من الإدانة الدولية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف بجرائم الحرب التي ارتكبها في قطاع غزة من خلال تأجيل التصويت على "تقرير غولدستون" إلى شهر آذار (مارس) القادم" . "" ويقول الحقوقيون العارفون بالقانون الدولي إن السلطة الفلسطينية بموقفها هذا تكون قد فوتت فرصة تاريخية وغير مسبوقة لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، لأسباب عدة، أهمها، تضمن التقرير لأدلة وشواهد دامغة بالصور والشهود على قيام الجيش الإسرائيلي بجرائم حرب، ما يجعل منه تقريرا مهنيا يصعب على أمريكا وبعض الدول الأوربية التي تعودت على حماية ظهر "إسرائيل" في المحافل الدولية من المتابعة القانونية في مناسبات سابقة، تجاهله أو استخدام حق النقض ضده في مجلس الأمن الدولي، فضلا عن الإجماع الذي أحيط بهذا التقرير من أكثر من خمس وثلاثين دولة بينها فرنسا وروسيا والصين ودول عربية وإسلامية وإفريقية، وهو ماكان سيوفر إمكانية تمرير التقرير مباشرة إلى محكمة الجنايات الدولية إذا ماعجز مجلس الإمن عن فعل ذلك بسبب الفيتو الأمريكي المتوقع. إن هذا الإنزلاق الخطير في موقف عباس وسلطته المحمية من إسرائيل وأمريكا لايمكن وصفه إلا بالخيانة العظمى للشهداء والوطن والقضية، مقابل سكوت الإحتلال عن تورط عباس ومجوعته في العدوان على غزة، ومقابل الترخيص لشركة هواتف نقالة يملكها نجل محمود عباس للعمل في الضفة الغربية، هكذا أصبح الدم الفلسطيني رخيصا عند من يدعي تمثيل الشعب والدفاع عن مصالحه، حتى ضاع بين موجات الهاتف النقال الذي تنوي إسرائيل الإفراج عنها لتقوية عباس وابنه في مواجهة أبناء شعبه من الأحياء والأموات. لقد فعلت خيرا الحكومة الفلسطينية الشرعية في قطاع غزة عندما قررت مقاضات عباس وفريقه بتهمة الخيانة العظمى، وفعل خيرا رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور عزيز الدويك حينما طالب عباس المنتهية ولايته بالإستقالة ونقل السلطة بشكل سلس للجنة وطنية مستقلة، وفعلت خيرا أكثر من ثلاثين منظمة وجمعية فلسطينية في اوربا بمطالبة عباس بالإستقالة، وفعلت خيرا كل الفصائل الفلسطينية التي أدانت عباس وعرته وجعلته معزولا منبوذا. فهل سيمتلك عباس الشجاعة السياسية للتجاوب مع دعوات الإقالة والمحاسبة، ويفتح الطريق أمام توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية في آخر الشهر بالقاهرة، أم أنه سيستمر في غيه ومعاكسة إرادة شعبة، خدمة لأمريكا وإسرائيل؟؟ [email protected]