أجمع المتدخلون في ندوة احتضنتها أخيرا مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود بالدارالبيضاء، حول موضوع "عبد الهادي بوطالب وقضية المرأة بين مقتضيات الشريعة والقوانين الدولية" على الدور البارز الذي كان يضطلع به الأكاديمي والمستشار الراحل عبد الهادي بوطالب في التعريف بقضايا المرأة المغربية، وتمسكه بفقه التيسير وإسلام الوسطية. وتناولت الندوة، التي نظمتها مؤسسة عبد الهادي بوطالب للثقافة والعلم والتنوير الفكري، مستجدات التطور الذي عرفه واقع المرأة المغربية خلال عقود، وذلك تقديرا لجهود صاحب المؤسسة في مواقفه التنويرية من قضية المرأة في مِحَكِّ التوازن بين مقتضيات الشريعة والقوانين الدولية. مجيد بوطالب، رئيس المؤسسة، أبرز أن والده عبد الهادي بوطالب كان مناصرا لقضايا المرأة، ومساندا إدخال تغييرات جذرية على مدونة الأحوال الشخصية التي كانت تعكس تراثا فقهيا تجمد منذ القرن الرابع الهجري عندما أغلق باب الاجتهاد، وساد الجمود المجتمعات الإسلامية، ومنها مجتمعنا المغربي. وذكر بوطالب بالدور الذي لعبه عبد الهادي بوطالب سنة 1993، عندما عينه الملك الراحل الحسن الثاني رئيسا للجنة تعديل المدونة، بعد التجاوب الملكي مع عريضة المليون توقيع التي ساندتها حركة المجتمع النسوي والجمعيات الحقوقية، وعدد من الفعاليات السياسية. وأورد المحاضر بأن المجتمع المغربي انقسم إلى فريقين إثر احتدام النقاش حول مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، وأمام هذا الانقسام كانت هناك مدرسة ثالثة، كان بوطالب من بين المتحدثين باسمها، والتي ترى بأن عددا من مطالب النساء يمكن إرضاؤها بالاقتباس من بعض المذاهب الفقهية التي تأخذ بفقه التيسير وتحقيق المصالح وإبعاد الضرر والضرار". ومن جهتها أبرزت الدكتور نجاة المريني، العضو المؤسس لمؤسسة عبد الهادي بوطالب، بأن مواقف بوطالب اتسمت بالشجاعة والجرأة في الدفاع عن حقوق المرأة بموضوعية وسماحة"، مسجلة أفكاره واجتهاداته لتفعيل حقوق المرأة في المجتمع. ووصفت المريني بوطالب بأنه "صاحب الصوت النديّ في الانتصار للمرأة وتمكينها من حقوقها كاملة، فقد كان صوته وكتاباته شعاعا نيِّرا استطاعت من خلاله المرأة المغربية أن يكون لها مسار جديد تستحقه، فتنجح في تخطي العقبات وتحدي الإقصاء والتهميش". وخلصت المتحدثة إلى أن "المتأمل فيما حققته المرأة المغربية من مكاسب يدعو إلى الاطمئنان، ناصرها منذ سنوات طوال مفكرون وعلماء استرشدوا في ذلك بما أقرَّته الشريعة الإسلامية وما أقرته القوانين الدولية" وفق تعبيرها.