لقجع: الحكومة لا تعمل على مأسسة الفقر    المنتخب المغربي يقسو على مُضيفه المنتخب الغابوني بخماسية    عصبة الأبطال الإفريقية للسيدات (المغرب 2024).. الجيش الملكي يبلغ المربع الذهبي بفوز مقنع على جامعة ويسترن كيب (2-0)    جثة متحللة عالقة في شباك قارب صيد بسواحل الحسيمة    رئيس الحكومة الإسبانية يشكر المغرب على دعم جهود الإغاثة في فيضانات فالينسيا    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2025    وزيرة مغربية تستقيل من الحكومة الهولندية بسبب أحداث أمستردام    الركراكي يكشف تشكيلة الأسود لمواجهة الغابون    زخات مطرية مصحوبة بتساقط الثلوج على قمم الجبال ورياح عاصفية محليا قوية بعدد من أقاليم المملكة    جائزة المغرب للشباب.. احتفاء بالإبداع والابتكار لبناء مستقبل مشرق (صور)    شراكة مؤسسة "المدى" ووزارة التربية    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    الصحراوي يغادر معسكر المنتخب…والركراكي يواجه التحدي بقائمة غير مكتملة    جورج عبد الله.. مقاتل من أجل فلسطين قضى أكثر من نصف عمره في السجن    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت" (فيديو)    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكشف عن قائمة الأسماء المشاركة في برنامج 'حوارات'    خناتة بنونة.. ليست مجرد صورة على ملصق !    جدد دعم المغرب الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة :جلالة الملك يهنئ الرئيس الفلسطيني بمناسبة العيد الوطني لبلاده    المغرب: زخات مطرية وتياقط الثلوج على قمم الجبال ورياح عاصفية محليا قوية اليوم وغدا بعدد من الأقاليم    حماس تعلن استعدادها لوقف إطلاق النار في غزة وتدعو ترامب للضغط على إسرائيل        إجلاء 3 مهاجرين وصلوا الى جزيرة البوران في المتوسط    حماس "مستعدة" للتوصل لوقف لإطلاق النار    "السودان يا غالي" يفتتح مهرجان الدوحة    مكتب الصرف يطلق خلية خاصة لمراقبة أرباح المؤثرين على الإنترنت    لوديي يشيد بتطور الصناعة الدفاعية ويبرز جهود القمرين "محمد السادس أ وب"    اقتراب آخر أجل لاستفادة المقاولات من الإعفاء الجزئي من مستحقات التأخير والتحصيل والغرامات لصالح CNSS    المركز 76 عالميًا.. مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية يصنف المغرب ضمن خانة "الدول الضعيفة"    قتلى في حريق بدار للمسنين في إسبانيا        هذه اسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    كارثة غذائية..وجبات ماكدونالدز تسبب حالات تسمم غذائي في 14 ولاية أمريكية    الطبيب معتز يقدم نصائحا لتخليص طلفك من التبول الليلي    "خطير".. هل صحيح تم خفض رسوم استيراد العسل لصالح أحد البرلمانيين؟    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    رصاصة تقتل مُخترق حاجز أمني بكلميمة    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق        تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغرب الاختراق: وكالين رمضان نموذجا
نشر في هسبريس يوم 02 - 10 - 2009


ماذا ومتى وأين؟ ""
أقدمت حركة تسمي نفسها "مالي" اختصاراً ل"أش درت ليك إيلا مادرتش بحالك" على تنظيم إفطار علني في منتصف نهار يوم الأحد 23رمضان1430ه الموافق ل:13شتنبر2009 أمام محطة القطار بالمحمدية للتعبير عن احتجاجها ورفضها للفصل 222 من القانون الجنائي الذي يتضمن عقوبات حبسية لمن يفطر علنا في رمضان، وهو الفصل الذي يتناقض، حسب المنتسبين للحركة، مع الحرية الشخصية للإنسان ومع حقوقه التي تقرها كل المواثيق.
أقدمت المجموعة على فعلها بعد أن فتحت قبل أسبوعين "مجموعة نقاش" على ال"فيسبوك" أطلق عليها اسم "الحركة البديلة للدفاع عن الحقوق الفردية" من بين أهم أولوياتها أنه "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين" أي "الحق في حرية تغيير ديانته أو عقيدته".
تفاعلات الحدث:
تناقلت وسائل الإعلام المكتوبة الحدث وتوالت ردود الأفعال، فالمجلس العلمي للمحمدية أسند له على ما يبدو مهمة التنديد والشجب دون تصعيد في اللهجة، ومجموعة من قادة الأحزاب سارعت للتنديد وشجب هذا الموقف واعتباره منافيا للسلوك المدني ومستفزا لمشاعر الشعب المغربي، والتزمت الحكومة الموقرة الصمت في انتظار انعقاد مجلسها لتخرج ببيان يطرح أكثر من علامة استفهام. في وقت أعلنت المنظمات الحقوقية العالمية منها والمحلية حالة الطواريء وصعدت النبرة والخطاب وحملت الحكومة مسؤولية أمن ناشطي الحركة وطالبت بإسقاط كل أشكال المتابعات والملاحقات معتبرة ذلك يتنافى والمواثيق الدولية والقيم الكونية.
ازدواجية المعايير أو الكيل بمكيالين:
رأينا حالة الاستنفار التي أعلنت بالبلاد بمناسبة ما عرف بالاختراق الشيعي، حيث جندت الدولة الإعلام الرسمي ومنابر الجمعة أساسا وأغلقت في إطارها مدارس للتعليم الخصوصي اتهمت بالترويج للفكر الشيعي، وقبلها تابع المغاربة بكثير من الاندهاش الزوبعة الإعلامية التي أحدثتها فتوى الشيخ يوسف القرضاوي حول قرض السكن ومسألة التعامل بالربا، وكيف انبرى المجلس الأعلى للإفتاء للرد على فتوى غير ملزمة ببلاغ سياسي، ونفس الاندهاش سجل على رد فعل وزارة الأمن الروحي ومجموعة من الفعاليات المحسوبة على المجتمع المدني لشجب رأي فقهي حول جواز زواج بنت التسع سنوات، فأسست للتنديد بذلك الرأي جمعيات، وتطوع محامون لمقاضاة صاحب الرأي، واغتنمت وزارة الداخلية الفرصة واستثمرت الحملة فبادرت لإغلاق أكثر من ستين مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم.
وخلال شهر رمضان، شهر التوبة والعتق من النار تأبى مجموعة لا تتعدى رؤوس الأصابع إلا أن تسجل موقفا استفزازيا لمشاعر المغاربة المسلمين وتنتهك حرمة الشهر الفضيل وتسعى لإثارة فتنة، لولا لطف الله تعالى لتطورت إلى ما لا تحمد عقباه، غير أن الوزارة الوصية عن الأمن الروحي والسكينة القلبية للمغاربة آثرت الصمت وفضلت الاختفاء وراء بلاغ المجلس العلمي للمحمدية مرة، ووراء البلاغ الحكومي مرة ثانية عبر عنه الناطق الرسمي والذي يثير الاستغراب وكأن الأمر يتعلق بإشاعة أو خبر غير مؤكد ومما جاء في تصريح الحكومة:" الحكومة تتعامل بكثير من الرصانة والمسؤولية مع مثل هذه الأمور، ولم تصدر أي تصريح في هذا الشأن...إن هؤلاء الأشخاص هم جماعة من الشباب المتهور على غرار بعض المتهورين يعتبرون أن من واجبهم البحث لأنفسهم عن مظلة أجنبية..".
تعاملت إذن حكومتنا الموقرة بكثير من الرصانة والمسؤولية وزادت عليهما الحكمة والرزانة واعتبرت حركة "مالي" بترقيق اللام جماعة من الشباب المتهور الذي يبحث عن بطولات وهمية، في وقت تفقد الحكومة رصانتها وتتعدى صلاحيتها وتسبق القضاء وتصدر الأحكام على المتابعين قبل الاستماع إليهم، وتقيم الدنيا ولا تقعدها، وتصنع رأيا عاما مساندا لأطروحتها لما يتعلق الأمر بخصومها الإيديولوجيين، فتصدر الحكومة بلاغات نارية تنتفخ لقراءتها الأوداج وتحمر العيون؛ أما والأمر يتعلق بالإسلام وهو الحائط الأقصر فالأمر يقتضي الحكمة والرصانة وعدم الحاجة لاقتحام البيوت والتشهير بالمتابعين في الإعلام الرسمي وإنجاز تقارير عن طفولة المتابعين وأحوالهم المعاشية.
عفوا أيتها الحكومة المحترمة، الأمر أعظم من أن يكون سلوكا طائشا وشبابا متهورا. كيف ذلك وأعضاء الحركة ما بين طبيب نفسي وصحافي، فهم نخبة المجتمع المثقفة وأدرى من غيرهم بما يعنيه موقفهم. هم إذن حلقة في سلسلة يتحركون وفق مخطط يستهدف هوية البلد ومنظومة قيمه، ثم ما تفسير هذه الموافقة العجيبة بين موقف الحركة بالمحمدية وبين الحملة المسعورة ضد الحجاب ببلجيكا وهولندة.
من المحمدية إلى مانهاست:
موقف حركة "مالي" كان واضحا، والرسالة التي حرصوا على تبليغها قد وصلت، فالمهم عندهم ليس هو الإفطار بل التنديد بركن ركين من أركان الإسلام، ومن خلاله الإسلام ككل تحت عنوان الحريات الفردية وفق أجندة مدروسة وتحت تغطية منظمات حقوقية عالمية ومحلية؛ تنم بياباتها عن موقف عدائي للإسلام، وتؤسس لسن قوانين تقر بحق المغاربة المسلمين في "التحرر" من الإسلام كما يفهم ذلك من بلاغ منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) التي أعلنت أن المادة 222 في مجموعة القانون الجنائي "تنص على أن كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي وجاهر بالإفطار في رمضان في مكان عمومي دون عذر شرعي، يُعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر ودفع غرامة، لكنها تعفي الأقليات المغربية من غير المسلمين، مثل اليهود والأجانب غير المسلمين من الحظر على المجاهرة بالإفطار أثناء رمضان."
نجحت إذن المجموعة في إثارة قضية جديدة للنقاش وستحدث مواقع الكترونية لتعميق النقاش والبحث عن الآليات المناسبة لإسقاط حصن من حصون الإسلام، وستنشأ جمعيات ومنتديات للتوعية والتحسيس بأهداف الحركة وستستقطب رموزا فكرية وفنية ورياضية لممارسة الضغط على الجهات المسؤولة لتعديل القوانين وملاءمتها مع القيم الكونية التي صادق عليها المغرب وانخرط فيها تحت عنوان الحداثة. وما يدريك قد يتوافد على حركة "مالي" أعداد تؤهلها لتطالب بإجراء استفتاء تحت رعاية أممية حول وجوب الصيام أو عدمه، وقد يطرح في مرحلة انتقالية فيما يشبه مخطط "بيكر" لحل نزاع الصحراء تقليص الشهر إلى أسبوعين أو تحويله إلى صيام نبي الله داود عليه السلام، أي يصوم الناس يوما ويفطرون يوما.
شباب متهور وآخر مغرر به:
تذرع الموقف الحكومي وبرر رصانته بكون المجموعة لا تعدو أن تكون شبابا متهورا يبحث عن بطولات وهمية، وإن كان أعضاء الحركة بحكم حيثياتهم الثقافية والمهنية يتحملون كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية. وعلى العكس من ذلك تابعنا كيف تعاملت السلطات الأمنية والقضائية مع شاب أيت ورير المتهور لحداثته الذي أودعه السجن إعجابه بفريق برشلونة الإسباني قبل أن يخرج بعفو ملكي. أما أعضاء حركة "مالي" فهم أداة للتغرير بشباب لا خبر له عن هوية المجتمع ولا مناعة له ضد أي اختراق مادامت المنظومة التربوية والتوجه العامين السائدين في المجتمع يرسخان ثقافة التمييع الممنهج سواء عبر وسائل الإعلام الرسمي وطوفان المهرجانات "الفنية" والتمكين لأنواع من الفحش لباسا وسلوكا يؤشر عليها مستوى العري والخلاعة التي تجاوزت كل الحدود في الشواطيء والشارع العام بل وفي المؤسسات التعليمية(*) ..
هي إذن حلقة أخرى في سلسلة الاختراق فبعد عبدة الشياطين وحملات التنصير وزواج الشواذ ومؤتمراتهم جاء دور "وكالين رمضان" تأكيدا على الفراغ الروحي والحصانة الفكرية الذي يعاني منه شباب تتقاذفه أمواج الخلاعة والميوعة باسم الحريات الفردية والحداثة.
* منعت مؤسسة تعليمية في فرنسا فتاة من ولوج المدرسة لأنها ترتدي لباسا قصيرا يخل بآداب المؤسسة، ولو تجرأ مسؤول تربوي في المغرب واتخذ نفس الموقف لعرض نفسه للمساءلة وكشف الجهات المتطرفة التي حرضته على ذلك ولشهر به في الإعلام الرسمي ولأنشئت جمعية في ذات اليوم اسمها: "ما تقيش بنتي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.