تعرضت، في ظروف غامضة، صخرة مسطحة تحمل آثارا متحجرة لأطراف زواحف طائرة (البتيروزورات) وديناصورات وسلاحف وكائنات منقرضة أخرى بموقع "ميبلادن" ضواحي مدينة ميدلت للسرقة باستعمال منشار لتقطيع الصخور. ويكتسي الموقع سالف الذكر، حسب الخبراء، أهمية بالغة؛ بالنظر إلى غناه بآثار "بتيروزورات" عمرها ما بين 110 ملايين سنة و115 مليون سنة، فضلا عن أنه يصنف من المواقع النادرة على المستويين الوطني والدولي. موسى مسرور، أستاذ الجيولوجيا المتقاعد من كلية العلوم بجامعة ابن زهر والمكلف حاليا بتسيير متحف الجيولوجيا والتاريخ بمدينة أنزا بأكادير والذي أعلن عن الخبر المتعلق سرقة الصخرة المشار إليها، أفاد بأنه أجرى، شهر أكتوبر من سنة 2024، رفقة فريق الأستاذ فيليكس-بيريز لورينتي من جامعة لاريوخا (إسبانيا)، دراسة ميدانية للموقع الاستثنائي "ميبلادن"؛ غير أن زميلا له، من جامعة مكناس، اكتشف، بعد عودته مؤخرا، لزيارة الموقع المذكور أن الصخرة الحاملة لآثار الزواحف الطائرة قد تم تقطيعها وسرقتها بالكامل، مرجحا أن يكون من يقف وراء هذا العمل التخريبي تجار ومهربو المستحاثات. وأضاف مسرور، في تصريح لهسبريس، أنه جرى، خلال الزيارة الميدانية للموقع قبل تخريبه، قياس البصمات التي تحملها الصخرة بدقة والتقاط عدد كبير من الصور لها بهدف إعداد خريطة مفصلة للسطح الحامل للآثار وإنجاز نموذج ثلاثي الأبعاد لهذا الموقع الذي تعود آثاره إلى ما بين العصرين الطباشيريين السفلي والعلوي. وأبرز أستاذ الجيولوجيا المتقاعد من كلية العلوم بجامعة ابن زهر أن باحثين آخرين اشتغلوا على هذا الموقع؛ لكن دراساتهم لم تكن دقيقة ومفصلة بالشكل العلمي الكافي والمستفيض. ولم يستبعد المتحدث ذاته أن تكون الجهة التي تقف وراء هذا العمل التخريبي قد قامت بذلك بتواطؤ مع أشخاص أجانب، مستغربا طريقة قطع الصخرة وحملها؛ نظرا لوزنها الثقيل. ولفت المكلف حاليا بتسيير متحف الجيولوجيا والتاريخ بمدينة أنزا بأكادير إلى أنه بينما كان السائد هو الخوف على سرقة المستحاثات وتهريبها إلى الخارج أصبح، الآن، الخوف على تقطيع الصخور التي تحمل آثار الديناصورات التي توجد ب65 موقعا تقريبا بالمغرب. وسجل موسى مسرور أن "هذا الفعل بات يهدد المواقع الجيولوجية والأركيولوجية الأخرى، ويجب ألا يتكرر"، مردفا أن المواقع الأركيولوجية التي توجد تحت مسؤولية وزارة الثقافة يتم حفظها بشكل جيد، عكس المواقع الجيولوجية التي هي تحت وصاية وزارة الطاقة والمعادن والتي قال بأنها في حاجة إلى تحويلها إلى محميات جيولوجية (جيوبارك) للمحافظة على ما تزخر عليه من موروث جيولوجي، على غرار جيوبارك ومتحف الجيولوجيا بأزيلال. وشدد المسؤول على متحف الجيولوجيا والتاريخ بمدينة أنزا على أنه آن الأوان ليتخذ المغرب خطوات عملية لحماية تراثه الجيولوجي، الذي يكتسي قيمة علمية وسياحية؛ من خلال القيام بجرد وطني شامل وتحديد تلك التي تستدعي حماية ميدانية فعلية بالتسييج والتأمين والمراقبة المستمرة، لحفظ ما تبقى من تراثه الثمين وضمان نقله إلى الأجيال المقبلة.