الخروج من فم الثعبان "" ربع قرن في سجون الجزائر البوليساريو ملحمة إدريس الزايدي ذات يوم مشهود سمعنا بأن الحسن الثاني رحمه الله قد قبل بفكرة الاستفتاء.كان بيزات يعرفون أن الجزائر لن تقبل بالاستفتاء، وكنا نعرف نحن أن الاستفتاء لن يكون إلا في صالح المغرب.كنا خمسة معتقلين منهم الجويرة عزيز فقط في تلك النقطة فجاءنا النعمة ولد النوى الذي التحق بالمغرب، جاء ليخبرنا بأن إبراهيم السوداني وآخرين سيأتوننا لطرح أسئلة علينا.لم يكن بوسعنا أن نرفض هذا "الحوار".غسلنا أطرافنا وجلسنا إلى السوداني والنعمة وولدة ومحمد علي ولد هنية الذي قتل مسجونين بالرصاص في وقت سابق لهذه المرحلة. طلبوا منا رأينا في الاستفتاء، فأجبنا بأننا مساجين لا رأي لنا وأنهم إن شاؤوا الرأي فهو في الرباط ولسنا نمثل الحكومة المغربية أو ناطقين باسمها، لكنهم ألحوا على أن نعطي رأينا.اشترطنا عليهم التحلي بالروح الرياضية وألا ينزعجوا من رأينا على أن ينسوا أنهم السجانون ونحن معتقلون لديهم فوافقوا.كان رأينا في الموضوع أن الاستفتاء على الإنسان وليس على الأرض التي هي في مرحلة تحرير ومن أجل تحريرها اعتقلنا.جادلونا في الأمر وتوعدونا بالويل والثبور أن نقول إن الصحراء مغربية ونحن تحت فوهات الرشاشات والمدافع، لكن حججنا كانت دامغة حين قلنا لهم إن أهل الصحراء عندنا كثر وهم على قلب رجل واحد ثم وجهت الكلام للنعمة ولد النوى وقلت له: أنت مثلا واحد من أولاد الشيخ ماء العينين أليس الرجل جدك؟ فأجاب بلى، فقلت له إنه كان ممثلا للحسن الأول في الصحراء والمسجد الموجود بالسمارة من أين أتت مواد بنائه؟ ألم تأت من مراكش؟ فسكت وطأطأ رأسه. وزاد استغراقا في التفكير عندما سألته عن دور أحمد التمبوكتي في تومبوكتو، وكاد يعترف بالحقيقة جهرا لما قلت له إنك لو عدت للمغرب لكان وضعك أحسن مني هناك.واستفضت معه في تفاصيل التاريخ والجغرافيا لرسم حدود المغرب الأصلية من تمبوكتو إلى عين صالح وبني ونيف وتندوف وعوينة بلكرع... إلخ في الحقيقة كنت أمارس دوري في تعبئة الصحراويين من داخل البوليساريو، وهذه مناسبة أعرج فيها على حديث كان قد دار بيني وبين ماء العينين مربيه ربه الذي مازحني يوما بأنه سيعود للمغرب قبلي لأجده مسؤولا فأجبته أنني سأكون سعيدا لو فعل ذلك، وفعلا فعلها وسعدت لصنيعه لما سمعت بالتحاقه بأرض الوطن، ونفس الشيء حصل لي مع عمر ولد يحضيه.وقبل أن ينسحب النعمة طلبنا منه أن يأتينا بأية صحيفة أوخبر يحصل عليه فوافق ثم تشجعنا لنطلب منه أن يحاول هو حراستنا والإشراف علينا فوعد خيرا. بعد أيام قلائل جاءنا النعمة وأخبرنا بأن حمادة ولد باعلي قد استبدل بقائد ناحية آخر يدعى بنة ولد سيدي موسى رفقة مساعده ميام الذي كنا نلقبه ب "مخزز الفم"، وهو عنصر خطير جدا.أما حمادة ولد باعلي فقد ذهب إلى ليبيا لاستكمال تكوين يؤهله ليصبح قائد فيلق للتدخل السريع لمساعدة الجيش في المعارك. القائد الجديد بنة ارتأى أن يبدأ ولايته بإقامة بستان وتهيئ استقبال فأخذونا من المركز الخلفي.وبعد أن قطعنا قرابة خمس كيلومترات سلمونا للجزائريين ومعهم بعض المرتزقة أذكر منهم سعيد ولد المرخي و ولد الراضي وخيبة وحضية وخليفة..إلخ الذين أوصلونا بدورهم إلى المركز الأمامي بالناحية الخامسة حيث وجدنا محمد ولد المولودي وهو تندوفي من سكان الزاك، كان معطوبا في رجله ساعتها، كما كان معه ولد هنيه والسعد ولد سيدي موسى والجندي وخطري ومولاي وكلهم عناصر مخابراتية خطيرة. فتشونا طيلة ليلة كاملة. في الصباح أيقظونا باكرا وسلموا كل واحد منا الفأس والمطرقة وباقي معدات الحفر، وبدا شوط طويل من العذاب في أفق محن أخرى لا تعد. [email protected] ربع قرن في سجون الجزائر البوليساريو ملحمة إدريس الزايدي ذات يوم مشهود سمعنا بأن الحسن الثاني رحمه الله قد قبل بفكرة الاستفتاء.كان بيزات يعرفون أن الجزائر لن تقبل بالاستفتاء، وكنا نعرف نحن أن الاستفتاء لن يكون إلا في صالح المغرب.كنا خمسة معتقلين منهم الجويرة عزيز فقط في تلك النقطة فجاءنا النعمة ولد النوى الذي التحق بالمغرب، جاء ليخبرنا بأن إبراهيم السوداني وآخرين سيأتوننا لطرح أسئلة علينا.لم يكن بوسعنا أن نرفض هذا "الحوار".غسلنا أطرافنا وجلسنا إلى السوداني والنعمة وولدة ومحمد علي ولد هنية الذي قتل مسجونين بالرصاص في وقت سابق لهذه المرحلة. طلبوا منا رأينا في الاستفتاء، فأجبنا بأننا مساجين لا رأي لنا وأنهم إن شاؤوا الرأي فهو في الرباط ولسنا نمثل الحكومة المغربية أو ناطقين باسمها، لكنهم ألحوا على أن نعطي رأينا.اشترطنا عليهم التحلي بالروح الرياضية وألا ينزعجوا من رأينا على أن ينسوا أنهم السجانون ونحن معتقلون لديهم فوافقوا.كان رأينا في الموضوع أن الاستفتاء على الإنسان وليس على الأرض التي هي في مرحلة تحرير ومن أجل تحريرها اعتقلنا.جادلونا في الأمر وتوعدونا بالويل والثبور أن نقول إن الصحراء مغربية ونحن تحت فوهات الرشاشات والمدافع، لكن حججنا كانت دامغة حين قلنا لهم إن أهل الصحراء عندنا كثر وهم على قلب رجل واحد ثم وجهت الكلام للنعمة ولد النوى وقلت له: أنت مثلا واحد من أولاد الشيخ ماء العينين أليس الرجل جدك؟ فأجاب بلى، فقلت له إنه كان ممثلا للحسن الأول في الصحراء والمسجد الموجود بالسمارة من أين أتت مواد بنائه؟ ألم تأت من مراكش؟ فسكت وطأطأ رأسه. وزاد استغراقا في التفكير عندما سألته عن دور أحمد التمبوكتي في تومبوكتو، وكاد يعترف بالحقيقة جهرا لما قلت له إنك لو عدت للمغرب لكان وضعك أحسن مني هناك.واستفضت معه في تفاصيل التاريخ والجغرافيا لرسم حدود المغرب الأصلية من تمبوكتو إلى عين صالح وبني ونيف وتندوف وعوينة بلكرع... إلخ في الحقيقة كنت أمارس دوري في تعبئة الصحراويين من داخل البوليساريو، وهذه مناسبة أعرج فيها على حديث كان قد دار بيني وبين ماء العينين مربيه ربه الذي مازحني يوما بأنه سيعود للمغرب قبلي لأجده مسؤولا فأجبته أنني سأكون سعيدا لو فعل ذلك، وفعلا فعلها وسعدت لصنيعه لما سمعت بالتحاقه بأرض الوطن، ونفس الشيء حصل لي مع عمر ولد يحضيه.وقبل أن ينسحب النعمة طلبنا منه أن يأتينا بأية صحيفة أوخبر يحصل عليه فوافق ثم تشجعنا لنطلب منه أن يحاول هو حراستنا والإشراف علينا فوعد خيرا. بعد أيام قلائل جاءنا النعمة وأخبرنا بأن حمادة ولد باعلي قد استبدل بقائد ناحية آخر يدعى بنة ولد سيدي موسى رفقة مساعده ميام الذي كنا نلقبه ب "مخزز الفم"، وهو عنصر خطير جدا.أما حمادة ولد باعلي فقد ذهب إلى ليبيا لاستكمال تكوين يؤهله ليصبح قائد فيلق للتدخل السريع لمساعدة الجيش في المعارك. القائد الجديد بنة ارتأى أن يبدأ ولايته بإقامة بستان وتهيئ استقبال فأخذونا من المركز الخلفي.وبعد أن قطعنا قرابة خمس كيلومترات سلمونا للجزائريين ومعهم بعض المرتزقة أذكر منهم سعيد ولد المرخي و ولد الراضي وخيبة وحضية وخليفة..إلخ الذين أوصلونا بدورهم إلى المركز الأمامي بالناحية الخامسة حيث وجدنا محمد ولد المولودي وهو تندوفي من سكان الزاك، كان معطوبا في رجله ساعتها، كما كان معه ولد هنيه والسعد ولد سيدي موسى والجندي وخطري ومولاي وكلهم عناصر مخابراتية خطيرة. فتشونا طيلة ليلة كاملة. في الصباح أيقظونا باكرا وسلموا كل واحد منا الفأس والمطرقة وباقي معدات الحفر، وبدا شوط طويل من العذاب في أفق محن أخرى لا تعد. [email protected]