أجمعت مداخلات النواب البرلمانيون في لجنة التعليم والثقافة والإعلام بمجلس النواب، خلال مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية حول قنوات القطب العمومي، على أن الاعلام العمومي يعرف نوعا من الجمود والركوض الذي يقتضي إصلاحا عميقا. وفي هذا السياق استغرب أحمد الزايدي رئيس الفريق الاشتراكي من العدد الكبير من المديريات في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، متسائلا حول تحقيق هذه المديريات للأهداف التي وضعت من أجلها وخصوصا أنها تكلف قرابة 3 مليار سنتيم سنويا لكل منها. وأبدى رئيس الفريق الاشتراكي، خشيته من ترك هذه الخلاصات التي وضعتها اللجنة البرلمانية حبرا على ورق، مشددا على أن الاعلام العمومي يجب أن يعطي النموذج للمواطنين في تنزيل الدستور. وأوضح الزايدي أن الرأسمال المغربي لا يستثمر فيما هو ثقافي، معتبرا ذلك يتجه إلى محو التنافسية وخصوصا على مستوى قناة العيون التي أشار إلى أنها تستحق تأطيرا أكثر. "يجب أن تكون القناة الجهوية مرآة للحكامة لأن هناك عدم الوضوح وهي نافذة تطل على خصومنا"، يقول الزايدي الذي أوضح أنه "لابد من الحكامة في تدبيرها وأن تكون نموذجا للجو الوطني الذي يطبع مؤسسة عمومية لا أن تكون عرضة للتوترات الداخلية". من جهته وجه عبد الصمد حيكر البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، انتقادات لاذعة لطريقة تدبير القنوات العمومية، وخصوصا القناة الثانية ومديرة أخبارها سميرة سيطايل التي سبق أن دخلت في حرب معلنة على حزبه وفريقه البرلماني. وأكد حيكر أن هناك إشكال مرتبط بالحكامة داخل القنوات، مسجلا أن تجلياتها تبدو واضحة في التوظيفات، والترقيات التي تعتمد الولاءات بالاضافة إلى المهام التي توكل للصحفيين. وكشف حيكر عن رفض مديري القنوات العمومية مدهم بأسماء شركات الإنتاج، مهددا باللجوء للجنة لتقصي الحقائق للوصول لهذه الوثائق، "مؤكدا أنه ليس هناك استهدافا لأحد بقدر ما أنهم يقومون بأدوارهم الدستورية". من جانبه كشف عبد الله البقالي البرلماني عن الفريق الاستقلالي، عن رفض بعض المسؤولين تمكين اللجنة من بعض الوثائق التي طلبتها، مسجلا وجود صعوبات في المهمة، التي عاشت "ارتباكا طبيعيا لأنها المهمة الأولى من نوعها"، على حد تعبير البقالي. "العديد من الأسئلة كانت تنتظر أجوبة لكن ذلك لم يحدث"، يورد البقالي الذي اعتبر التقرير "لم يشف غليل الرأي العام لذلك محتاجون لآلية أقوى من المهمة استطلاعية"، مؤكدا "أن ما جاء فيه لا داعي لرد الحكومة وأي توضيح فعليها أن توجهه للمسؤولين عن القنوات". البقالي قال إن إنجازهم للتقرير كشف العديد من الثقوب في الاعلام العمومي بسبب ما اعتبرها "الهيكلة المعقدة التي تمثل عائقا أمام التطوير لذلك لابد من تشريح علمي ودقيق"، مسجلا في هذا الاتجاه "ضعف مساطر الشفافية في التوظيفات وضعف مؤشرات إسناد المسؤوليات والممارسات المشبوهة". وبعدما استغرب البقالي لوجود مسؤولين قال عنهم إنهم "مفسدون في الإنتاج لكنهم ما زالوا في الواجهة"، نبه إلى ما اعتبره تكدسا للموظيفين الذين يشتغلون في مقر غير صالح تماما تشبه الزنازين.. واعتبر البقالي في هذا السياق أن "هذا لا يشرف الاعلام السمعي البصري الذي يعيش جمودا وركودا يطرح تساؤلات حول وجود عرقلة ما، خلقت نوعا من البياض الذي يمر بها الاعلام العمومي. إلى ذلك نبه سمير بلفقيه البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة، إلى ما اعتبره "غياب رؤية متفق عليها وتصور واضح بين الفاعلين، نتيجة لغياب نموذج اقتصادي"، مؤكدا "أن القطاع يعرف جوا مشحونا ومن المستحيل أن يؤدي دوره في غياب خلخلة للقطاع". بلفقيه أشار أن هناك "غياب الثقة بين الفرقاء الاجتماعيين والادرة المركزية"، مبرزا أن "الحل لهذا الإشكال هو مآسسة القرار حتى لا يبقى الباب مفتوحا للتضييع".. وشدد بلفقيه على ضرورة "إرساء آليات للحكامة المؤطرة للإعلام العمومي"، داعيا إلى ضرورة "ربط المسؤولية بالمحاسبة بين جميع المتدخلين ووقف المقاربة الأفقية".