قالت رشيدة داتي، وزيرة الثقافة الفرنسية، إن افتتاح الرابطة الفرنسية بمدينة العيون يشكل خطوة عملية في إطار تعزيز التعاون الثقافي بين فرنسا والمغرب، مؤكدة أن "هذا المشروع لم يعد مجرد إعلان؛ بل بدأ يتحقق على أرض الواقع". وأوضحت داتي، خلال كلمة لها في حفل افتتاح الرابطة الثقافية الفرنسية بعاصمة الأقاليم الجنوبية، أن بلادها حريصة على دعم المبادرات الثقافية التي تستجيب للاحتياجات المتزايدة في مجالات التعليم والإبداع والذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن "سرعة التنمية التي تشهدها الصحراء المغربية تفرض الاستجابة لهذه المتطلبات عبر مشاريع مبتكرة ومستدامة". وأضافت المسؤولة الفرنسية أن المشروع الثقافي الجديد سيوفر فضاء يجمع بين الأطفال والطلاب والفنانين والمثقفين وحتى الفاعلين الاقتصاديين، مشددة على أن "فرنسا تولي أهمية خاصة لهذه الدينامية، باعتبارها منصة للتبادل والانفتاح على الابتكار"، مبرزة أن "قطاعي القراءة والسينما، إلى جانب الإعلام والذكاء الاصطناعي، تشكل اليوم مجالات رئيسية يجب استثمارها لدعم الإبداع وتوسيع دائرة المستفيدين من الخدمات الثقافية والتعليمية التي يقدمها المركز". وفي سياق حديثها عن التعاون بين البلدين، أكدت داتي أن "العلاقات الثقافية بين المغرب وفرنسا تظل في صلب الأولويات، حيث تعزز مثل هذه المشاريع فرص التبادل الأكاديمي والتكنولوجي، لا سيما في ظل تنامي دور الفاعلين المغاربة في مجالات الذكاء الاصطناعي والصناعات الإبداعية"، لافتة إلى أن "بلادها تسعى إلى تقديم كل الدعم اللازم لضمان نجاح هذه المبادرات". وفي هذا الصدد، عبرت وزيرة الثقافة الفرنسية عن سعادتها بالوجود أمام نخبة من أطر ومثقفي المنطقة لإعطاء الانطلاقة الرسمية لأشغال الإطار الثقافي بكبرى حواضر الصحراء المغربية، مؤكدة أن "الشراكة المتينة التي تجمع بلادها بالمملكة المغربية ستتعزز أكثر في قادم الأيام". وسجلت المسؤولة الحكومية الفرنسية أن هذا المشروع يجسد رؤية شاملة لتعزيز الحوار الثقافي والتعاون بين المؤسسات الفرنسية والمغربية، مضيفة أن "فرنسا من خلال هذا المركز تؤكد التزامها المستمر بالمساهمة في دعم البنية التحتية الثقافية والتعليمية في المغرب، بما يخدم التنمية المستدامة ويعزز التواصل بين الأجيال". التحالف الفرنسي من جانبها، قدمت العالية بوكزاج، رئيسة الرابطة الفرنسية بالعيون، عرضا مفصلا خلال حفل تدشين المشروع الثقافي الفرنسي في جهة العيون الساقية الحمراء، مؤكدة أن "المشروع يهدف أساسا إلى تعزيز دور الثقافة واللغة الفرنسية في المنطقة، من خلال توفير فضاء تعليمي وثقافي متكامل يلبي احتياجات الفئات المستهدفة، بمن فيهم الطلاب والمهنيون والفنانون والمهتمون بالثقافة والفنون". وحول أهداف المشروع، أوردت بوكزاج أن "الرابطة تهتم بتعزيز الثقافة واللغة الفرنسيتين عبر تقديم خدمات متنوعة تشمل دورات تكوينية في اللغة الفرنسية، واختبارات معتمدة دوليا مثل DELF وDALF، بالإضافة إلى تنظيم أنشطة ثقافية كالعروض السينمائية والمسرحيات وورشات العمل والمعارض الفنية والمهرجانات الثقافية". ولفتت المتحدثة الانتباه إلى أن الرابطة يضم أيضا مكتبة وسائطية توفر مصادر تعليمية رقمية ومطبوعة لدعم التعلم الذاتي، فضلا عن برامج دعم تربوية موجهة للطلاب والمدرسين، خاصة معلمي اللغة الفرنسية والمواد العلمية. وفي إطار التعريف بالمسار التنموي للمنطقة، أكدت رئيسة الرابطة الفرنسية الجديدة أن مدينة العيون تشهد تطورا متسارعا في المجال التعليمي والثقافي، مشيرة إلى أن "عدد سكانها يبلغ ما يقارب 450 ألف نسمة، من بينهم أكثر من 100 ألف طالب في مختلف المستويات الدراسية". ومع تعميم تدريس اللغة الفرنسية في المدارس كخيار أساسي، كشفت المتحدثة أن "الحاجة تزايدت بشكل كبير إلى مراكز متخصصة تقدم دعما لغويا وثقافيا متكاملا"، موضحة أن "المشروع الثقافي الجديد يستهدف فئات واسعة، تشمل الطلاب من التعليم الأولي إلى الجامعي، خاصة في تخصصات الطب والعلوم والهندسة، بالإضافة إلى المدرسين والمهنيين والباحثين عن عمل الذين يحتاجون إلى مهارات لغوية متقدمة، كما يوفر فضاء إبداعيا للفنانين والمهتمين بالثقافة والفنون". وفي حديثها عن الرؤية الاستراتيجية للمشروع، سجلت المسؤولة الأولى عن الإطار الثقافي الفرنسي أن إطلاق الرابطة يأتي في إطار رؤية المغرب لتعزيز التعليم والثقافة كركيزتين أساسيتين للتنمية، تماشيا مع التوجيهات الملكية الرامية إلى تطوير الأقاليم الجنوبية، مشددة على أنه "يندرج ضمن الاستراتيجية الفرنسية لدعم التعاون الثقافي واللغوي في شمال إفريقيا، ويعكس الجهود المشتركة بين المغرب وفرنسا لتعزيز التبادل الثقافي والتعليمي، كما يؤكد متانة العلاقات الثنائية بين البلدين ورغبتهما في تطوير مشاريع ثقافية ذات بعد استراتيجي". ترجمة الاعتراف الفرنسي وتعليقا على إعطاء الانطلاقة الفعلية للرابطة الثقافية الفرنسية الذي احتضنته مكتبة محمد السادس بالعيون، قال محمد المهدي بنسعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل، إن زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية إلى الأقاليم الجنوبية للمغرب تمثل خطوة مهمة في إطار تنفيذ الاتفاقات التي تم توقيعها أمام أنظار قائدي البلدين، مؤكدا أن "هذه الزيارة التي تعتبر الأولى من نوعها لوزيرة فرنسية في هذا السياق، تحمل رمزية قوية لتعزيز العلاقات الثقافية بين المغرب وفرنسا". وأضاف بنسعيد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "هذه الزيارة تجسد الفهم العميق للرؤية الملكية التي تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي والفني، وتؤكد على التزام المملكة بالاستثمار في الثقافة والتراث، بما يساهم في تطوير الأقاليم الجنوبية"، لافتا إلى أن "الزيارة تتيح فرصة كبيرة لتعزيز التعاون بين الطرفين في مجالات متعددة؛ مثل الفنون، والتراث الثقافي، وحماية الذاكرة الجماعية". وأكد المسؤول الحكومي ذاته أن "انطلاق الرابطة الثقافية بالعيون يعطي فرصة لتشجيع الشباب المغربي على المشاركة الفعالة في الأنشطة الثقافية والفنية"، معتبرا أن "الثقافة جزء لا يتجزأ من التنمية البشرية والاجتماعية، وأنها تلعب دورا أساسيا في بناء علاقات متينة بين الشعوب". وسجل بنسعيد أن المغرب يواصل التأكيد على سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية وأن تفعيل الاعتراف بهذا الواقع يشكل رسالة سياسية واضحة، مشيرا إلى أن "الزيارة الرسمية للمسؤولة الحكومية الفرنسية شكلت فرصة حقيقية لتعزيز العلاقات الثنائية في سياقها الجديد، الذي يحمل إلى جانب الشق الثقافي أبعادا اقتصادية وسياسية، خاصة بعد التعبير الرسمي عن دعم فرنسا لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء والاعتراف بسيادة المملكة المغربية على كامل ترابها بهذه الربوع". رمزية الزيارة وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أكدت رشيدة داتي، وزيرة الثقافة الفرنسية، أن التعاون الثقافي بين المغرب وفرنسا يمثل التزاما قويا من الجانبين، وأن هذه الشراكة تعد بمثابة نقطة تحول كبيرة في تعزيز العلاقات الثنائية"، مشيرة إلى أن "هذه الزيارة التاريخية التي تعد الأولى من نوعها لوزيرة فرنسية في الأقاليم الجنوبية للمغرب تحمل رمزية كبيرة، وتعكس التزام فرنسا بمستقبل هذه المنطقة وبالتعاون المشترك في مجالات متعددة". وأضافت الوزيرة الفرنسية أن "الزيارة تؤكد التزام فرنسا بتنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين، والتي تشمل جوانب ثقافية مهمة؛ بدءا من تطوير البنية التحتية وصولا إلى تعزيز التبادل الثقافي في مختلف القطاعات". وزادت داتي: "لقد تأثرت كثيرا بتطور البنية التحتية في هذه المنطقة، مما يعكس الطموح والرؤية التي يمتلكها المغرب من أجل تطوير هذه الأقاليم؛ وهو ما يمثل فرصة كبيرة ليس فقط للمغاربة ولكن أيضا للفرنسيين". وشددت المسؤولة الحكومية الفرنسية ذاتها على أن التعاون الثقافي بين البلدين يشمل مجالات متنوعة مثل التعليم والفنون والسينما والإعلام السمعي البصري، بالإضافة إلى الصناعات الثقافية والإبداعية، مشيرة إلى أن "توقيع الاتفاقيات في هذه المجالات يعكس الرغبة في تعزيز التعاون الفعلي والملموس بين فرنسا والمغرب". وفي ختام حديثها لهسبريس، أكدت وزيرة الثقافة الفرنسية أن التعاون الثقافي يُعد أداة مهمة لتعزيز العلاقات بين الشعبين المغربي والفرنسي، موضحة أن "هذا التعاون سيساهم بشكل كبير في بناء جسور التفاهم المتبادل والتنمية المشتركة". حري بالذكر أن الزيارة الرسمية التي تقوم بها رشيدة داتي إلى الأقاليم الجنوبية عرفت حضور كريستوف لوكورتي، السفير الفرنسي المعتمد لدى المغرب، وعبد العزيز البوجدايني، مدير المركز السينمائي المغربي.