وقفت أتأمل عناوين المقالات في أحد الأكشاك , وراعني مقال عن الإرهاب , فاشتريت الجريدة و دخلت مقهى قريب و بدأت أقرأ , الإرهاب , خفافيش الظلام, الصراع الإديولوجي ! المقال كتبه أحد المثقفين جدا ( وبالمناسبة فقد تكاثروا كالكوارث هذه الأيام), فجأة اكتشفت أن رجلا بجانبي كان ينظر إلي بشكل لافت , كان أنيقا يرتدي الزي الرسمي بربطة عنق , رمقته بنظرة محايدة تم جُدت عليه بابتسامة مصطنعة, لكنه قابل ابتسامتي بأمر لم أستسغه : "" أرا هداك الجورنال إلا قْرِتِيهْ!! غريب أمر هذا الرجل كيف يطلب مني بهذه الطريقة غير المؤذبة شيئا في ملكي; ومع ذك حاولت ألا أعطي الأمر أهمية و استمر في القراءة , وا لسي ! واش كاتحفظ ذاك الجورنال ؟ هكذا صاح مشيرا إلي , وقطع ذلك التواصل المفترض بيني و بين كاتب المقال , أخفيت وجهي في الجريدة وا أنا متأكد هذه المرة أن هذا هذا الزبون به مس جنوني , وأن الجني الذي يسكنه صحافي في وكالة الذين لا نراهم , و صراحة خفت أن ينقض علي و أنا الأعزل فاستسلمت و أعطيته الجريدة إضافة إلى ابتسامة متكلفة حاولت رسمها بحذر . حاولت أن أقنع نفسي أن التسلي بمشهد مختل عقليا بربطة عنق يقرأ الجريدة أفضل بكثير من قتل الوقت في قراءة مقال تافه لكاتب تافه في جريدة تافهة موجه لقارئ أتفه مثلي. كنت أسرق إليه النظر و أدركت أنه يعرف جيدا كيف تُقرأ الجرائد ناديت على النادل وسألته إن كان هذا الذي إلى جانبي مختلا عقليا (دون أن اثير انتباهه) لإنه قال لي كذا و كذا , فأجابني: _مجرد سوء تفاهم , نحن في هذا المقهى نوفر مجموعة من الجرائد للرواد بشكل مجاني , لذلك اعتقد هذا الزبون أن جريدتك أيضا ملك لكل الزبناء ! ها كاك ! فطلبت منه أن يأتيني بكافة الجرائد الموجودة عندهم مادام الأمر كذلك و جاءني بجريدتين "المساء " و جريدة أخرى و صراحة لقد أشفقت كثيرا على حال جريدة" المساء " كانت المسكينة مهترئة تستذر العطف ; بينما مقال "نيني" في حالة يرثى لها ; الكلمات لم تعد واضحة من كترة التصفح و التدبر.