إنْ كانت أحداث "الربيع العربِي" قدْ اضطرَّت آلاف المغاربة، خلال الأعوام القليلة الماضيَة، إلَى أنْ يقفلُوا راجعِين للمغرب على إثرِ تدهور الأوضاع في البلدان التِي كانُوا يقيمُون بها، مثل ليبيا وسوريا وحتى اليمن ، فإنَّ شظَايا الغضب التِي امتدتْ إلى شرقِ أوربا، واقتلعتْ الرئيس الأوكراني، فيكتور ياكونوفيتش، من كرسي الرئاسة، أوجدتْ المغاربة المقمين في البلاد الواقعة بين تجاذب غربي روسي، في حالة ترقب لما سيؤول إليه الوضع في الأيام القادمة. "هلْ بإمكاننا أنْ نعرفَ ما الذِي سيقوم به المغرب في حال اندلعت الحرب هنا في أوكرانيا، هل سنعودُ إلى المغرب أمْ أنَّنا سنتابعُ دراساتنا هنا"، يتساءلُ مهدِي مريكات، أحد الطلبَة المغاربة في أوكرانيا، على موقع سفارة المغرب بكييف، بينَ نداءاتٍ كثيرة، من الطلبة، كمَا من الآباء الذِي لا يدرُون بعد إنْ كانَ يتوجبُ على أبنائهمْ أنْ يتركُوا الدراسة، بعد كل الأعوام التِي أفنوها، ويعودُوا إلى المغرب، أمْ أنهم سيواصلون دراساتهم في البلد الحامِي، رغم قرع طبول الحرب. إنْ كان مهدِي يسألُ من الداخل الأوكرانِي، فإنَّ الأبَ جمال النكروز، يستفسرُ من المغرب بقلق، عن ابنهِ الذِي يتابعُ دراساته في مدينة نبرُو الأوكرانيَّة، ولا يدرِي أيَّة خطوةٍ ينبغِي أنْ يقدمَ عليه ابنه في حالَ ازداد الوضع سوءً، مستفسرًا حول ما إذَا كانتْ ثمَّة قنصليَّة مغربيَّة بالإمكان الالتجاء إليها، في الوقت الذي يواصلُ الجيش الروسِي حشد قواته في شبه جزيرة القرم، جنوبأوكرانيا. أما عصام، المنحدر من قصبة تادلة في المغرب، والقاطن بدنيبروبيتروفسك الأوكرانية، فيقول في تصريح لهسبريس إنَّ أغلبية الطلبة المغاربة في أوكرانيا لا يدرسون، ولا يلجون إلى قاعات الدراسة بتاتا، والسبب في ذلك، حسب قولهن هو أنَّ أغلب الأساتذة يطلبون رشوة كيْ يمكنوا الطالب من النجاح، وما أود أنْ الفت إليه هو انَّ السفارة المغربية في كييف، لا تعيننا في شيء، حيث إنَّ المهاجر المغربي قدْ يضطر إلى الانتظار 5 أشهر في حال ضاع منه جواز السفر". المعاشِي: الوضع لا يبعث على القلق محمد المعاشي، رئيس فرع "خاركوف" في الجمعيَّة المغربيَّة للصداقة والتعاون بأوكرانيا، قلل في تصريحٍ لهسبريس من شأنِ ما يثارُ حول وضع الطلبة المغاربة بأوكرانيا، في خضم التوتر الجارِي، قائلًا إنَّ مدينة "خاركوف" التِي يوجد بها العدد الأكبر من الطلبة المغاربة، حيث يتراوح بين 3000 و3500، تعيشُ نوعًا من الهدوء، ما عدا بعض المناوشات بين الموالِين للرئيس المخلوع والمناوئين له، "أمَّا ما عدا ذلك، فالأمور عاديَّة، والمؤسسات فتحتْ أبوابها". المعاشي أردفَ أنَّ مدينة زبروجيَا هي التِي تأتِي في مرتبةٍ ثانية من حيث استقبال الطلبة المغاربة، وبها حواليْ 2000 طالب، قبل كييف المتوترة بصورةٍ أكبر، فيما يتوزعُ باقِي الطلبة على مدنٍ أخرى، "هناك حواليْ 6000 طالبٍ مغربِي بأوكرانيا في المجمل، يتعينُ عليهمْ أنْ يبتعدُوا قدر الإمكان عنْ المناوشات التي تحصلُ بين الحين والآخر، كما يجدرُ بهم أنْ يتجنبُوا الخروج في أوقاتٍ متأخرة من الليل. آباء متوجسُون.. فِي مسعَى إلى التنسيق، بادر أولياء الطلبة المغاربة في أوكرانيا، إلى تأسيس صفحةٍ على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، لبحث تداعياتِ ما يقعُ في أوكرانيا على أبنائهم، وبغرض تأمين الاتصال بالجهات المعهود إليها بمساعدتهم في الظروف التي تعيشها البلاد، معنونين "أولياء طلبة أوكرانيا: نداء مساعدة"، من أجل تبين الخطوة التي يجب الإقدام عليها، سيمَا أنَّ الأوضاع لا تبدُو سائرةً في الطريق نحو هدوء قريب. هل تستقيمُ العودة دون دبلوم؟ النقاشُ حول الوضعِ الساخن بأوكرانيا، والخطوة السليمة التي يتعينُ اتخاذها، يستأثر بنقاشٍ مماثل في تكتلٍ فيسبوكِي آخر بالآلاف للطلبة المغاربة في أوكرانيا، الذين علقَ الكثيرُ منهم بالقول إنه لنْ يرضَى بتحويل السنوات التِي قضاها في التحصيل إلى هباءٍ منثور والعودة إلى المغرب بخفي حنين، حتَّى أنَّ أحدهم أورد "لنْ أرجعَ إلى المغرب وإنْ بلغتْ الفوضى ما توجد عليه في سوريا"، وسطَ محاولةٍ من بعض المتفاعِلين الإقناع بأنَّ الحياة أهم قياسًا ببعض السنوات الدراسية وما صرفَ عليها من جهد الآباء وأموالهم. هسبريس اتصلتْ بسفارة المغرب في أوكرانيا، لستفسرَ عمَّا إذَا كانتْ قدْ وضعتْ برنامجًا للتعامل مع أيِّ انزلاقٍ للأوضاع، وسطَ مخاوف لدى الطلبة وآبائهم، فقالتْ المجيبة عن الاتصال الهاتفي إنَّ السفيرة خارج مقر السفارة لأجل اجتماع، وبالإمكان معاودة الاتصال مرَّة ثانية، بعد حوالي أربعين دقيقة، وذلكَ ما كانَ مرَّة ثانيَة، لتؤكد المجيبة مرة أخرى، أنَّ الاجتماع لمْ ينته بعد، وبأنَّ لا مسؤولَ بإمكانهِ أنْ يقدم توضيحاتٍ حول المسألة سوى السفيرة المغربية لدى كييف.