تَحوَّلَ حُلْمُ عَشَرَاتْ الطلبة المَغَارِبة بِمُواصَلَةِ دِرَاسَاتِهِمْ العليا في إحدى الجامعات التأهيلية بأوكرانيا إلى كابوسٍ حقيقي، إثْرَ تعرُّضِهِمْ لعملية نَصْبٍ واحْتِيَالْ كان بَطَلُهَا أحد السماسرة المعْروفين داخل الأوساط الجامعية، بعد أن اكْتَشَفُوا عَدَمَ تَوَصُّلِ جامعاتهم بواجبات التسجيل. 5 آلاف طالب ويُتَابِعُ حَوَالَيْ 5 آلاف طالب مغربي دِرَاسَاتِهِمْ العليا بأوكرانيا، حيثُ تَضَاعَفَ عَدَدُهُمْ في السّنوات الأخيرة، لتصير الجالية الدراسية المغربية هي الأكبر بين الجاليات الدراسية القادمة من الدول العربية والإفريقية، إذ تَحَوَّلَتْ البلاد خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى وِجْهَة رئيسية للطلبة المغاربة لدراسة الطب والصيدلة والهندسة، ضمن تخصصات أخرى. وفي ظلِّ غيابْ مراكزْ التَّوجيه الدراسي المُوَجَّهَةِ إلى الطلبة الأجانب داخل الجامعات الأوكرانية، إذ لا تضع معلومات على مواقعها بالإنجليزية أو بأي لغة أجنبية أخرى، يلتجئ عَدَد من الطلبة المغاربة إلى طَلَبِ مُسَاعَدَة أشخاص أو شركات وسيطة، تَعِدُهُمْ بحلِّ مُعْظَم مشاكلهم المحتملة، إذ يَكُونُ مِنَ الصَّعْبِ على الطلاب الأجانب، ومن بينهم المغاربة، أن يَعْلموا لوحدهم المستندات والوثائق المطلوبة، وإلى أين يجب إرسالها. نصب وتشرد أَمَامَ هذا الوَضْعِ يشْتَكِي ياسين، (24 سنة) وهو طالبٌ مغربي يُتَابِعُ دِرَاسَاتِهِ العليا في إحدى الجامعات الوطنية الطبية بمدينة أوديسا، من أنه تعرَّض لعملية نصب من طرف مندوب مغربي يَسْتغلُّ الطلبة المغاربة الجُددْ، ويوهمهم بتسهيل عملية تسجيلهم وإقامتهم في المدن التي سُجّلُوا بها. ياسين، الذِي يتابعُ دراسَتَهُ في السنة الأولى منْ الطبِّ، بعدما قضَى عامًا كاملًا في دراسة اللغة، يقول في تصريح لهسبريس: "في البداية كَانَ كلُّ شيء على ما يُرام، إذ قَضَيْنا السنة الأولى في تعلُّم اللغة الأوكرانية، لأنَّ الدراسة لا تَكُونُ مُجْدِيَةً إلا باللغة الروسية أو الأوكرانية. وكما هو مَعْلومْ داخل أيٍّ جامعة، هناك مندوب أو ما يُسَمَّى عندنا في المغرب ولي التلميذ، الذي يقومُ بتسهيل عمليات التسجيل وباقي المستلزمات الأخرى". ويُضِيفُ الطالب المغربي المقيم في أوكرانيا وهو يقصُّ شريط المعاناة: "بعْد انتهاء دروس اللغة التي امتدت على طول السنة الأولى، قرّرت أن أنتقل إلى مدينة أوديسا لأنني لم أجدْ التَّخصصْ الذي كنت أريد أن أتبعه في خاركوف، وهكذا تواصلتُ مع مندوب مغربي، يدعى "ن، ب"، يعمل على مُسَاعدة الطلبة الجدد، وقَدَّمتُ له 40 ألف درهم من أجل تسهيل الانتقال إلى جامعة الطب بأوديسا، وقال إنه سيعمل بالتنسيق مع مندوب الجامعة هناك". "هكذا انتقلت إلى أوديسا من أجل التسجيل في الجامعة الوطنية الطبية لكنْ الصدمة كانت عندما أبلغني مندوب جامعة الطب أنه لم يتلق أي اتصال من عند المندوب المغربي، ولم يتلق أي مبلغ مالي"، يؤكد ياسين، قبل أن يزيد: "هناك 11 طالباً تعرضوا لنفس عملية النصب من طرف الشخص المذكور". السفارة غائبة عبد المنعم المنصوري، طالب آخر حلَّ بالديَّار الأوكرانية قبل أكثر من 4 سنوات، قال في تصريح لهسبريس إن "هؤلاء الوسطاء يحاولون افتعال مشاكل للطلبة في حياتهم اليومية، لا تحل إلا بالمال"، مشيراً إلى أنهم "توصلوا في السنوات الأخيرة بعدة طلبات للمساعدة من أجل حل مشاكل شريحة عريضة من الطلبة الذين يدرسون بروسياوأوكرانيا". وحول ما إذا كان هناك أي تدخل من لدن المسؤولين المغاربة في السفارة الأوكرانية، يقول ياسين: "لمْ يولونا أيَّ اهتمام بتاتًا، ورغم إدراكهم مشاكلنا، لم يبادرُوا إلى وضع حلول، ولا سطرُوا خطَّة للمساعدَة. تلك الخطوات كانت ستطمئنُ الطلبة هنا، وتؤكدُ لهم أنَّ البلاد حريصة على مستقبلهم". وفي ظل عدمِ وجود منظَّمات حقوقية داخل أوكرانيا تُعنى بحقوق الطلبة تبقى إمكانية اللجوء إلى المحامين في حالة وجود المشاكل الحل الوحيد أمام هؤلاء الطلبة، وهو ما نبهت إليه الجمعية المغربية لخريجي الجامعات والمعاهد السوفييتية الطلبة وآباءهم، محذرة من وسطاء التسجيل في الجامعات ومعاهد فيدرالية روسيا وجمهورية أوكرانيا. ويصرح الطلبة بأن "السفارة غائبة بشكل غريب، فلا أحد اتصل بهم ولا سأل عن أحوالهم أو حاول إيجاد حل لمشكل يُطرح دائماً مع بداية كل موسمٍ دراسيٍّ".