كشف المجلس الأعلى للحسابات، ضمن تقريره السنوي برسم 2023 2024، ملاحظات جوهرية بخصوص ورش تبسيط المساطر الإدارية بالمملكة؛ فقد نبه إلى التأخر المسجل في إصدار النصوص التطبيقية للقانون المتعلق بتبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية، مع استحضاره لأشكال تطبيق إدارات عمومية مساطرَ غير قانونية تجاه المرتفقين. وقال المجلس إنه "بعد مرور ثلاث سنوات ونصف السنة على دخول هذا القانون حيز التنفيذ، لم يتم بعد إصدار العديد من نصوصه التطبيقية، لا سيما تلك المتعلقة بتحديد المؤشرات الخاصة بمعالجة وتسليم القرارات الإدارية وطرق إعدادها وبكيفيات تدبير البوابة الوطنية للمساطر والإجراءات الإدارية وبتحديد لائحة الوثائق والمستندات الإدارية الضرورية لمعالجة طلبات القرارات الإدارية التي يمكن الحصول عليها مباشرة من الإدارات". وحذر المجلس، الذي ترأسه زينب العدوي، من أنْ يكون لهذا التأخير المسجل في استكمال الإطار القانوني "تأثير على وتيرة تنفيذ مشاريع تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، كما هو الحال بالنسبة لآليات الربط البيني للإدارات من أجل تبادل الوثائق والمستندات الإدارية، ومنظومة التتبع مؤشرات الأداء المتعلقة بمعالجة وتسليم القرارات الإدارية وكذا حكامة تدبير بوابة "إدارتي". كما تحدث عن "تجاوزِ الإدارات للأجل القانوني المحدد في خمس سنوات لإنهاء عملية تبسيط القرارات الإدارية التي تدخل في مجال اختصاصها ورقمنتها ومعالجتها وتحديد إجراءات تسليمها والتواصل بشأنها، على اعتبار أن نهاية الآجال محددة في شتنبر 2025". وبيّن التقرير السنوي للمجلس ذاته أن "رقمنة الخدمات العمومية تواجه إكراهات تشريعية وتنظيمية مرتبطة بشكل خاص بغياب إطار قانوني للإدارة الرقمية يمكّن من إضفاء قوة ثبوتية قائمة الذات للخدمات والتعاملات الرقمية ويقر حجيتها، بالإضافة إلى عدم المصادقة على القوانين التنظيمية المشار إليها في القانون المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية". وزادت الوثيقة ذاتها: "واجهت المصالح الإدارية صعوبات في احترام الآجال والقواعد المنصوص عليها في القانون سالف الذكر لمعالجة طلبات الحصول على القرارات الإدارية في أجل أقصاه 60 يوما، وذلك بسبب ضعف التنسيق بين مصالحها وعدم كفاية الموارد البشرية المؤهلة؛ فقد أظهر تحليل نتائج أجرأة قواعد التبسيط الإداري، التي قامت بها وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة في 2021، أن ما يناهز 26 في المائة من طلبات المرتفقين، على مستوى العينة التي تم الاشتغال عليها، لم تتم معالجتها داخل الآجال المحددة على مستوى بوابة "إدارتي"، بما فيها 2358 طلبا للأشخاص الذاتيين و207 طلبات للمقاولات". وسجل المجلس، ضمن تقريره السنوي، أن "حوالي 25 في المائة من القطاعات والمؤسسات العمومية التي شملتها مهمة المراقبة تطبق مساطر غير قانونية على المرتفقين؛ كمطالبتهم بتصحيح الإمضاء على المستندات المكونة لملفات مطالبتهم، أو الإدلاء بنسخ مطابقة لأصول الوثائق، أو مطالبتهم بأكثر من نسخة من ملف الطلب، خلافا للمادة السابعة من القانون المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية". وحسب المصدر ذاته، فإن 41 في المائة من القطاعات الوزارية و33 في المائة من المؤسسات العمومية لم تتمكن من تعميم تسليم وصول إيداع الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية في مختلف مصالحها بشكل منتظم، علما أن المادة 10 من القانون ذاته يلزمها بمنح المرتفق وصلا فور تقديمه طلبا للحصول على قرار إداري. كما نبه إلى "حاجة التخطيط الإداري المتعلق بمشاريع رقمنة الخدمات المقدمة من طرف القطاعات الوزارية إلى رؤية شاملة ورسمية معتمدة من طرف الجهات المعنية بتنفيذ هذه المشاريع؛ فقد لوحظ أن 59 في المائة من القطاعات الوزارية على مستوى العينة المنتقاة تباشر مشاريعها خارج أي مخطط مديري محين للانتقال الرقمي وخارج أي إطار إداري يسمح بتطوير مندمج للخدمات". مواصلا بسطه للإشكاليات في هذا الصدد أشار المجلس الأعلى للحسابات إلى اقتصار استخدام منصة الربط البيني لتبادل البيانات "جسر" من طرف ستة أنظمة فقط؛ بما فيها السجل الاجتماعي الموحد، ومنظومة مسار، وسجل البيانات الخاصة بالمكتب الصناعي للملكية الصناعية والتجارية، وسجل بيانات وكالة السلامة الطرقية، فضلا عن برنامجيْ "تيسير" و"دعم"، وانتهاء ببرنامج "أمو تضامن". بناء على ذلك وجه المجلس توصيات دقيقة إلى الحكومة عموما ووزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة على الخصوص؛ بما فيها أولوية استكمال الإطار القانوني المنظم للإدارة الرقمية، وإحداث لجان تقنية موضوعاتية منبثقة عن اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر الإدارية، فضلا عن اعتماد إطار استراتيجي مندمج وشامل للتبسيط الإداري، إلى جانب تطوير البوابة الوطنية للقرارات الإدارية.