للفت الانتباه إلى أهمية مواصلة تكثيف مراقبة المنتجات الغذائية والصناعية، وتجويد والتقائية المجهودات المبذولة في هذه العملية التي تروم توفير حماية كافية وقوية للمستهلك المغربي من الأضرار المتربصة بصحته، على رأسها التسممات الغذائية، جمعت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بشراكة مع وزارة الصناعة والتجارة، مجموعة من ممثلي المؤسسات الرسمية المتدخلة في عملية المراقبة وحماية المستهلك وفاعلين مدنيين وأكاديميين مهتمين، في يوم دراسي حمل عنوان "مراقبة المواد الغذائية والصناعية: المتطلبات القانونية لحماية المستهلك". خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اليوم الدراسي في الرباط، اليوم الخميس، أكد ممثلو المؤسسات المشاركة، بالإضافة إلى رئيس الجامعة، على أن "مراقبة حماية المستهلك مسؤولية مشتركة تتطلب التعاون بين هذه المؤسسات والمجتمع المدني، بالإضافة إلى المستهلك نفسه، بغرض استثمار الترسانة القانونية والزخم الموجود في هذا الميدان، خصوصا بعد خطاب الملك محمد السادس سنة 2008′′، فيما ألح رئيس الجامعة، في حديث لهسبريس، على "أولوية طرح مؤسسة مستقلة لحماية المستهلك تعنى بالمراقبة". وعلى هامش الجلسة، ومن أجل تعزيز التعاون بين حماة المستهلك وكبار الفلاحين ومهنيي الفلاحة، وقعت الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (كومادير)، في شخص رئيسها رشيد بنعلي، والجامعة المغربية لحقوق المستهلك، يمثلها رئيسها بوعزة الخراطي، اتفاقية تعاون. "مضاعفة المراقبة" بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، قال إن "نساء ورجال الجامعة غرضهم الرئيس هو حماية المستهلك. ولتحقيق هذا الهدف، فإن الجامعة ترى أنه لا بد من ربط علاقات مع المؤسسات الحكومية، ومع الفاعلين في القطاع الخاص، أي الموردين"، مذكر بأنه "قبل خطاب الملك سنة 2008، لم تكن كلمة المستهلك موجودة أو تسمع، ولكن بعده أصبح الجميع يتحدث عن المستهلك المغربي وحمايته، وتكثف هذا الزخم بعد جائحة كوفيد-19 تحديدا". ونوه الخراطي في كلمته الافتتاحية لليوم الدراسي، ب"المجهودات التي تقوم بها وزارة الصناعة والتجارة للرفع من مستوى جمعيات حماية المستهلك وتثبيت ثقافة حقوق المستهلك ببلدنا ليكون المجتمع المدني في المستوى المطلوب لمواجهة التحديات الاقتصادية والصحية والبيئة"، مثمنا دور كافة "المؤسسات الرسمية المتدخلة في حماية المستهلك من وزارة الداخلية والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ومجلس المنافسة، وبصفة غير مباشرة الجامعات ومختبراتها ومختبرات المراقبة". وأوضح أن الجامعة "تريد من خلال هذا اليوم الدراسي إثارة الانتباه للمجهودات التي بذلها المغرب لتنمية القطاع الفلاحي والصناعي منذ الاستقلال إلى الآن، ما مكنه من التربع على رأس الدول الإفريقية في تصدير المنتجات الغذائية والصناعية، وذلك نتيجة للعمل الجاد فيما يخص الإنتاج ومراقبة امتثال المنتجات للمعايير الصحية الجاري بها العمل"، و"أيضا لما يوجد في المقابل من عدم ملاقاة السوق الوطنية الاهتمام نفسه على مستوى المراقبة مقارنة بالسوق الخارجية". وأكد الخراطي، في تصريح لهسبريس على هامش الحدث، أن "ما يقع في السوق الداخلية من غياب مؤسسة واحدة منفردة مستقلة لكي تقوم بمراقبة المنتجات الغذائية يجب أن ينتهي"، موضحا أن "من بين مطالب الجامعة أن يحظى المغرب، على غرار دول عدة، بهذه المؤسسة، طبقا لما ورد في خطاب صاحب الجلالة يوم 20 غشت 2009 من ضرورة توفر البلد على مدونة حماية المستهلك". وبخصوص أهم محاور اليوم الدراسي، كشف المتحدث أنها "تشمل مراقبة المنتجات الفلاحية من الناحية الصحية، وما يتعلق بالسوق الداخلية وكيف تتم مراقبة المنتج من الحقل إلى المائدة، وكيف للمستهلك أن يكون على دراية بوجود مؤسسات تحميه وتراقبه رغم تشتتها"، مشيرا إلى أن "هذا التشتت يجعل المراقبة صعبة"، وزاد: "من الجانب الصناعي تطرح معضلة المنتجات الصناعية، ورغم المجهودات التي تبذلها الوزارة في هذا الجانب، نستحضر أنه لا يمكن أن نضع مراقب وراء كل صانع. ولذلك، حان الوقت لخلق مؤسسة تتحمل مسؤوليتها في هذا الجانب". مسؤولية مشتركة رشيد بنعلي، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (كومادير)، شدد في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية على أن "الفلاحين والمهنيين يحرصون على جودة المنتج من الحقل حتى وصوله للتوزيع، ولكن عند هذا الأخير يطرح الإشكال"، مستحضرا في هذا الشأن أنه "بالنسبة لزيت الزيتون، فإن 90 في المئة من المنتج الوطني من هذه المادة يباع في أماكن غير معروفة". وأضاف بنعلي مفصلا في هذه النقطة: "لا يمكن مراقبة كل بائع زيت. ولذلك، يأتي دورنا ككونفدرالية وكجامعة في إحاطة المستهلك علما بمن أين يجب أن يشتري لضمان سلامته"، مذكرا بأن "من بين 17 ألف معصرة زيتون موجودة في المغرب، 15 ألفا غير مرخصة". وزاد: "بخصوص الدجاج، هناك مجازر عصرية تحدث بتكلفة خيالية، ولكن غالبية المستهلكين لا يشترون منها، بل ما زالوا يفضلون الرياشات". وأكد بنعلي أن الاتفاقية التي وقعت بين الكونفدرالية و"جامعة المستهلك" سوف "تمكن الطرفين من العمل معا على تحسيس المواطن المغربي بما ينطوي على ضرر على صحته، وضرورة اقتنائه المنتجات الغذائية المعلبة"، مضيفا: "لأن الجامعة تدافع عن حقوق المستهلك في جميع المجالات، فإننا نريد التعاون معها حتى تصل للمستهلك مواد فلاحية سليمة وغير ضارة بصحته". "ترسانة قانونية ووعي ناشئ" وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، ذكر في كلمة تلاها نيابة عنه مدير حماية المستهلك ومراقبة السوق والجودة بالوزارة، رشيد الصراخ، بأن "الملك يولي أهمية خاصة لتوفير ترسانة قانونية تعنى بحماية المستهلك، ومن بين هذه القوانين القانون 24.09 المتعلق بسلامة المنتجات والخدمات، والقانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك المغربي"، مضيفا أنه "لأجل ضمان تنفيذ الأول بفعالية، يتم تقييم سلاسل الإمداد ومراقبة مدى استيفاء المنتجات المعنية لمعايير الجودة والمواصفات القياسية المطلوبة". وذكر مزور أن المراقبة في إطار هذا القانون، "تتم على مستويين، الأول عند الاستيراد حيث يكون هناك فحص دقيق وتحقق من الوثائق ومراقبة العينات من المنتج المستورد قبل اتخاذ قرار السماح أو رفض دخوله للمغرب"، و"الثاني على المستوى المحلي حيث تتكلف المندوبيات الجهوية للتجارة والصناعة بالمراقبة العينية وأخذ عينات لإجراء التحاليل ومراقبة الوثائق الخاصة بالمنتجات"، مشددا على أن "القانون الثاني يضمن للمستهلك حقوقا متعددة مثل توفير المعلومات للمستهلكين". من جهته، استحضر عبد الغني عزي، مدير مراقبة المنتجات الغذائية بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، أن "المستهلك المغربي بات يتساءل من يوم لآخر حول جودة وسلامة هذه المنتجات، مستوردة كانت أم محلية، وتزايدَ تملك هذه الثقافة مع الكشف عن استيراد اللحوم المجمدة"، مؤكدا أن "هذا أمر مهم جدا وأساسي". وأوضح عزي، في كلمته الافتتاحية، أن "حماية المستهلك أساسا لها أربع ركائز. الأولى هي المنتج الذي يجب أن يضمن للمستهلك السلامة. والثانية المؤسسات الرسمية. والثالثة المستهلك، وهنا دور الجمعيات في التحسيس وتغيير سلوك الأخير. وأخيرا الإعلام الذي بدونه لا سلامة صحية للمستهلك"، مضيفا أنه "لذلك، يتواصل المكتب يوميا عبر الإعلام ومن خلال مختلف المنافذ، أبرزها الرقم الخاص بالمستهلك، الذي قد يجيب عن 20 مكالمة في وقت واحد؛ بحيث يقوم المعنيون بتجميع كافة المعطيات المطلوبة".