وجّه محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، اليوم الإثنين، انتقاداً مبطّنا للسياسات الحكومية السابقة لحزب العدالة والتنمية في مجال الاتصال، مصرّحا بأن "الفوضى التي نعيشها اليوم في المشهد الإعلامي المغربي هي ناتجة عن السياسات التي تم العمل بها سابقا"، مضيفا وهو يخاطب المجموعة النيابية ل"البيجيدي": "إذا أردنا أن نتحدث في هذا الموضوع علينا أن نرى كم من المقاولات كانت موجودة وكم أصبح عددها اليوم". وأورد الوزير وهو يتفاعل مع تعقيب النائبة عن "المصباح" فاطمة الزهراء باتا، خلال جلسة مخصصة للأسئلة الشفوية بالغرفة الأولى: "لا أفهم المقصود بالمقاولات الإعلامية الكبرى، لأنه لو كان هو المفهوم الذي نعرفه فنحن بالفعل نريد مقاولات صحافية من هذا النوع، تكون بمثابة آلة تشغيل ضخمة تضمن لنا صحافيين متخصصين في مختلف المجالات"، وزاد: "تكون ضخمة فقط انطلاقاً من عدد الصحافيين العاملين فيها". وبخصوص المرسوم الجديد لدعم الصحافة لفت بنسعيد إلى أن "الفكرة الأساسية تبتغي التعاطي مع إشكالية تعيشها المقاولات الإعلامية عامة؛ فيما كان الدعم موجها مباشرة للصّحافيات والصحافيين"، موضّحاً أن "الغاية هي مراجعة قيمة الدعم العمومي الموجه للمقاولات الصحافية، لأن هناك مقاولات أفلست نتيجة تنافسية طاحنة مع المقاولات الكبرى التي صارت تخطف الإشهار، خصوصا 'الغافا' (الغافام)". وتابع المسؤول الحكومي ذاته: "قررنا أن نضع بعض المعايير الجديدة، منها أن يكون للمقاولة 5 صحافيين على الأقل، وأن يكون لديها رقم معاملات قيمته 2 مليون درهم. هذا ما اتفقنا عليه مع المعنيين بالأمر"، وأردف: "أردنا الدفاع عن المقاولة الإعلامية لأن القلة القلية اليوم هي التي تكسب أرباحاً، فالمُعاناة تشمل المقاولات التي تشغّل 60 صحافيا كما تنسحب على تلك التي توظّف 6 صحافيين فقط". وفي ما يخصّ دعم الإعلام على المستوى الجهوي والمحلي أشار الوزير إلى وجود تصور مغاير يتجسد في صيغة اتفاق مع المجالس الجهوية، مشددا على أنه "يتم الاشتغال عليه في احترام لمبدأ الجهوية المتقدمة التي تهم كل الفاعلين حكومة وبرلمانا"، وأورد: "عموما تم التفريق من حيث الإجراءات بين الشق الوطني ونظيره الجهوي". ورفض بنسعيد "المزايدات" بخصوص الحرص على التنمية في الأقاليم الجنوبية التي "يرعاها الملك"، وقال: "الحكومة منخرطة في تنفيذ السياسات ليكون هناك تطور ملموس في هذه الأقاليم، يهمّ جميع المجالات، بما فيها قطاع المقاولات الإعلامية"، مبرزاً أن الأمر "يتعلق بجميع الأقاليم الموجودة في المملكة"، وزاد: "هذه أموال عمومية ونحتاج أن نضع معايير واضحة قبل صرفها كدعم لهذه المقاولات الصحافية". وبخصوص حماية التراث الثقافي وتحصينه من محاولات السطو لفت المتحدث ذاته إلى أن كل تلك المحاولات مآلها "الفشل"؛ "وآخرها كانت خلال اجتماع لجنة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي بالباراغواي"، مردفا: "بفضل المسؤولية المشتركة للمغاربة (...) تم إفشال هذه المحاولة"، مبرزاً أن "اللجنة اعتمدت لأول مرة التحفظ الذي قدمته المملكة المغربية ضد إدخال صورة القفطان المغربي في ملف دولة أجنبية، وهو ما يخالف أهداف اتفاقية اليونسكو لسنة 2003 لحماية التراث الثقافي اللامادي". وواصل المهدي بنسعيد: "مستوى التعاون الذي وصلنا إليه مع منظمة اليونسكو يجعل بلادنا تحظى بمكانة هامة على المستوى الدولي"، واسترسل: "بلادنا باتت شريكا أساسيا للمنظمة على المستوى الإقليمي والقاري، وحتى المنظمات الدولية الأخرى المختصة في مجال الملكية الفكرية"، مشددا على "مواصلة الدفاع عن تراثنا مهما كانت محاولات الخصوم الفاشلة، فهناك من يعيش في وهم وفي حاجة إلى سد فراغ سياسي، ويحاول العيش في عالم مواز مليء بالسرقة والسطو على تراث الآخر"، في إشارة واضحة إلى الجزائر. وذكر الوزير عينه أنه "منذ تنصيب الحكومة هناك اشتغال على عدد من الإجراءات التي تهدف إلى حماية التراث انطلاقا من مأسسة علامة 'المغرب'، وهو إطار قانوني لحماية التراث المغربي المادي وغير المادي من الاستعمال غير المشروع"، مضيفا ما أسماه "نقاشا هامّا" مع المنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية بجنيف، "في أفق التوقيع على مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون المشترك بين المغرب والمنظمة في إطار جهود الرباط لحماية التراث الثقافي الدولي". وأورد وزير الثقافة أنه "في ما يتعلّق بعلاقتنا مع اليونسكو فالمغرب سجل 13 عنصرا تراثيا ثقافيا غير مادي، آخرها الملحون، فيما سيكون ملف القفطان عنصرا تراثيا مسجلا لدى اليونسكو سنة 2025؛ علما أن المسطرة داخل اليونسكو تعطي الحق لكل دولة في تسجيل عنصر واحد كل سنتين"، مسجلا أن "المجلس الحكومي صادق على مشروع قانون رقم 33.22 متعلق بحماية التراث، وذلك لتدعيم الجانب القانوني". وأكد المتحدث عينه أنه "تم الاشتغال كذلك على تعزيز الوعي الجماعي بالتراث وأهميته داخل المجتمع، وإطلاق عدد من المبادرات، سواء بخصوص التراث أو التعريف بالمواقع التاريخية وتنظيم عروض تراثية مثل عروض 'نوستالجيا'، ونشر فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تعرّف بتراثنا الثقافي غير المادي وما تزخر به بلادنا من غنى".