قال محمّد زيان، النقيب السابق لهيئة محاميِي الرباط، إنّ ما يقع على الحدود مع مليليّة المحتلّة، منذ خمسينيات القرن الماضي، "يواكبه من يؤمنون بالنضال ضدّ مستعمري الأراضي المغربيّة، وأيضا من يعملون على استغلال نضالات الآخرين، تماما كما يشهده عموم المغرب من مستغلي النضال الوطني لأجل الاستقلال". وأردف زيان، وهو المتحدّث باعتباره محاميا للجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليليّة والجزر التابعة لهما، والمترافع عن منتمين إلى ذات التنظيم ومن بينهم يحيَى يحيَى، الوجه البارز ضمن تحركات اللجنة منذ نشأتها، أنّ "هؤلاء المتحركون ضد الاستعمار، وهم الرافضون التمتع بامتيازات مثل غيرهم، يزجّ بهم في السجون"، وذلك في تعليق منه على محاكمة كل من سعيد شرامطي، بداية الأسبوع المقبل، وكذا مثول يحيى يحيى امام العدالة في ال10 من مارس. من جهة أخرى قال عبد المنعم فتاحي، المحامي من هيئة النّاظور ومحامي ذات اللجنة والمترافع عن المنتمين إليها، "مناضلو اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والجزر هم الأوائل الذين استطاعوا الوصول إلى الأراضي المحتلة من لدن إسبانيا داخل البحر، وللأسف أنهم تعرضوا للاعتقال على أيدي عناصر البحرية الملكيّة، ومن الغرائب ان النيابة العامّة لم تجد تهما حينها كي تتابع بها هؤلاء، إذ لا يمكن أن تعتبر مناداتهم برحيل المستعمر فعلا جرميا..". وكانت المحكمة الابتدائية بالناظور قد أجّلت النظر في ملف عضو اللجنة الوطنية لتحرير سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما، سعيد شرامطي، إلى الثالث من مارس لأجل استدعاء الدفاع.. حيث يمثل سعيد في حالة اعتقال أمام القضاء ويتابع بتهم إهانة هيئة منظمة بقانون وإهانة الضابطة القضائية وحمل السلاح الظاهر والعصيان وخرق قانون الصحافة، وهي التهم التي اعتبرها دفاعه ثقيلة.. فيما كان شرامطي قد اعتقل قبل أسبوعين على هامش محاولة سوريين الدخول الى مليلية المحتلة عبر اقتحام البوابة الرئيسية لمعبر بني انصار، إذ اقتيد من لدن عناصر امنية لمقر الشرطة القضائية للاستماع إليه بناء على تعليمات النيابة العامة التي أمرت، بعد انقضاء مدة الحراسة النظرية، بمتابعته في حالة اعتقال. وانتقد فتاحي، ضمن تصريحه لهسبريس، طريقة تعاطي النيابة العامّة مع تحركات المطالبين برحيل الاحتلال الإسباني عن أراض بأقصى شمال المغرب وعدد من الجزر وسط مياهه الإقليميّة، وأردف: "النيابة العامّة الجنحية والزجرية بالناظور توصلت بأزيد من 20 شكاية لخروقات حقوقية امتدّت إلى التعرض لطلقات رصاص مطاطي وكذا اختطاف مواطنين مغاربة من لدن الشرطة الإسبانية، ورغم ذلك لم تحرّك أي متابعة في الموضوع". وأبدَى محمّد زيان إقدام عناصر من الشرطة المغربيّة على تعنيف سوريّين حاولوا اقتحام مليليّة، ليلة اعتقال شرامطي بالمعبر الحدودي الرابط بين بني انصار والثغر قبل أسابيع، معتبرا أن مثل هذه التصرفات "تسيء لوجه المغرب الحقوقي أمام المنتظم الدّولي وتزيد في تكريس صورة المغرب كدركيّ للدول الأوروبيّة".. كما عبّر نفس المحامي عن رفضه للمتابعات القضائية التي تطال كلا من سعيد شرامطي ويحيى يجيى وشابين اثنين من داخل نفس "لجنة التحرير"، متسائلا عمّا إذا كانت الوطنية قائمة بالمغرب أم أنّها غدت مطية لمطامع سياسية توصل للحكم.. وفق تعبير ذات المتحدّث. ويتابع يحيَى يحَيى أمَام العدالة بناء على صكّ اتهام صدر عقب مظاهرة قادها ضدّ سلطات الاحتلال الاسباني بمليليّة، والتأمت فوق المعبر الحدودي لبني انصار، حيث جاءت في أعقاب مشاحنة كلامية لمّته برئيس المنطقة الإقليمية لشرطة النّاظور وتلاها حجز سيارة في ملكيته بداعي "عرقلة دينامية السير والجولان".. وتنعقد لمحاكمة يحيى جلسة في ال10 من مارس للنظر في ملفه الذي يشمل أيضا اتّهامات ب "التظاهر دون ترخيص". وكان المستشار البرلماني والمسؤول عن العلاقات الخارجية للجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليليّة، يحيَى يحيَى، قد صرّح لهسبريس بأنّ الائتلاف الحكوميّ الحالي الذي يقوده عبد الإله بنكيران "ينافق المغاربة لا لشيء إلاّ لإرضاء سلطات الاحتلال الإسباني التي تبسط سيادتها، قسرا، على ثغرين مغربيّين شمال البلاد".. وزاد يحيَى، ضمن ذات التصريح، أن "حكومة عبد الإله بنكِيرَان لا يهمّها ما يتعرَّض له المغاربة الذي يخترقون معبري سبتة ومليليّة، بشكل يوميّ، وكم الاعتداءات البدنية واللفظيّة التي تمسّهم من قوات الاستعمار المرابطة على الحدود المحروسة وزارة الداخلية المغربيّة وتزكّيها تعاملات وزارة الشؤون الخارجيّة والتعاون مع مدريد"، كما استرسل: "أعرف جيّدا نوع الحُكْرَة الذِي يطَال هؤلاَء، وذلك بعدما سبق لي أن كنت ضحيّة إيذَاء للشرطة الوطنيَّة الإسبانية التي تسبّبت في إجرائي لجراحتين على مستوى العين قبل 8 سنوات، وهو شعور لا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن يفهمه عبد الإله بنكِيرَان بتدبيره الدُّونكِيشُوطِيّ". "المغرب مطالب بدفع أوروبا، وخاصّة إسبانيا، إلى تغيير التوجّه السياسي الذي يُتعاطى به مع المغرب، بداية من إعطاء المصداقية لنضالات مثل هذه التنظيمات المدنية، وإذا كانت الحكومة عاجزة حتى عن حماية المواطنين من بطش الإسبان فعليها، على الأقل، ترك المناضلين الحقوقيّين يقومون بتحركاتهم دون تضييقات من لدنها" يقول فتاحي قبل أن يسترسل: "متابعة سعيد شرامطي بالتحريض على الهجرة السريّة لمواطنين سوريّين نحو مليلية هو فعل منسوب له بغرض الإسكات وتخويف آخرين يناضلون بذات الإطار المقترن باستمرار تواجد المحتلّ الإسباني.. ذلك أن تواجد سوريّين على التراب المغربي، في الأصل، هو لرغبة منهم في الولوج نحو أوروبا عبر سبتة ومليلية، ولولا وجود الإسبان بينهما لما شدّوا الرحال صوبنا". أمّا زيان فقد أورد أنّ "اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما راكمت نضالات على طول سنين مضت"، متسائلا عن جدوى المقاربة الأخيرة التي طالت التنظيم من طرف المسؤولين المغاربة ومدى ارتباطها ب "اتفاقات مع المستعمرين بمليليّة" أو "رغبات في محو أي قوى جديدة تعلي صوتها المنادي بتصفية الاستعمار شمال المملكة".. في حين أبدى النقيب الاسبق لهيئة المحامين بالرباط تشبثا بالدفاع عن كل المتابعين أمام القضاء، معربا ارتباطه باستمرار تحركاتهم السلميّة دون تراجع ما دام الإيمان متوفرا بكون الأراضي المراد المطالبة بتحريرها هي أراض مغربيّة. فتاحي ثمّن، من على متن ذات التصريح لهسبريس، تحرك وزير العدل والحريات لوقف إعمال اتفاقية التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا، حفظا لماء وجه الوطن، وقال فتّاحي بعدها: "ينبغي على ذات الوزير مراسلة النيابة العامّة، الموضوعة تحت إمرته، كي توافق على تمتيع المعتقل سعيد شرامطي بالسراح المؤقت خلال المتابعة القضائية التي يخضع لها، ويطالب بسحب النيابة العامّة متابعتها ليحيى يحيى باعتبار المستفيد الأولّ من هذا الوضع هي الشرطة الإسبانية التي تقوم بالانتهاكات ودولة الاحتلال التي جاء كل هذا لصالحها.. فالمطلوب من الدولة المغربية هو ترك المناضلين يتحركون بعيدا عن أي محاولة للإخراس".