تعتبر الطريقة القادرية البودشيشية مدرسة للتربية الروحية والتزكية الأخلاقية القائمة على الأصلين الكتاب والسنة مما لا حاجة للتفصيل فيه بمناسبة الرد على ما ادعاه الزموري زورا وبهتانا بخصوص طريقتنا المباركة، والمناسبة شرط كما يقال. أولا: فيما يتعلق بتسمية مناسبة ذكرى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بالحج، فهو كذب وتعد على ركن من أركان الدين الخمسة، له وقته وشعائره المعلومة، مما هو داخل في الضروري من علوم الدين، ولم تدع الطريقة القادرية البودشيشية قط، أن هذا النوع من التجمع حجا، ولذلك فحكم تسمية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بالحج باطل، ولا حجة له أصلا. فالاحتفال بالمولد النبوي الشريف قد سنه العلماء من السلف والخلف، من أجل ترسيخ محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهديه وسنته المطهرة، والكلام عن هذا الموضوع مبسوط في مضانه. ثانيا: وأما ما يتعلق بما هو معروف عند أهل العلم بأحوال الخشوع التي تظهر على المؤمنين والمخبتين في حلق ذكر الله سبحانه وتعالى، ليست صياحا وجنونا، ولا غير ذلك من الأوصاف التي يستحيي كل من له مسكة من العقل وذرة من أخلاق حسن الظن بالله وعباده أن ينسبها إلى جهلة المسلمين، فتلك الأحوال السنية قد فصل فيها كذلك العلماء والصلحاء مما ننصح بالرجوع إلى أصولها المعتبرة مغربا ومشرقا كالقاضي عياض وابن تيمية. ثالثا: كما نستغرب ضيق الأفق والتجني على الدين من خلال تحجير فضل الله تعالى المبين في كتاب الله العزيز ورسوله المصطفى الأمين، حول ما يتعلق بالرؤيا الصالحة، والتي هي خطاب من الغيب والسر الإلهي لها شروطها المعلومة عند كمل العلماء والصالحين، ولم تؤخذ أبدا على ظاهرها، بل لا يتصدى لتأويلها إلا الراسخون في العلم، ولا يخوض فيها بدون علم إلا مكابر ومتنطع. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا وما المبشرات قال الرؤيا الصالحة"رواه البخاري،وعن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة".رواه أحمد و البخاري و مالك. وعن ابن عباس:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرَى له"رواه أحمد و مسلم و أبو داود و النسائي. وعن أبي سعيد الخدري:أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة"رواه البخاري، وعن أبي سعيد الخدري: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول "إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره".رواه أحمد و البخاري. وقد اعتنت كتب السنَّة والحديث والسير بالرؤيا ،ففي صحيح البخاري نجد كتاب التعبير ضمنه ثمانية وأربعين باباً، أولها باب أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة، وآخرها باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح، وفي صحيح مسلم نجد كتاب الرؤيا ضمنه خمسة أبواب بها ستة وعشرون حديثاً، وعند الترمذي أيضاً كتاب الرؤيا به عشرة أبواب، مما يدل على مكانة الرؤيا في عقيدة أهل السنة والجماعة، بشروطها وآدابها المرعية، فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ،يقول لأصحابه هل رأى أحد منكم من رؤيا قال: "فيقص عليه من شاء الله أن يقص"، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول: "هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟" ويقول: "إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة". وسأل أبو الدرداء رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: "لهم البشرى في الحياة الدنيا" ، فقال ما سألني أحد عنها غيرك منذ أنزلت، هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له، وفي باب من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يحدثنا البخاري أن أبا هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ثم من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطاني بي". وتجدر الإشارة إلى أن الرؤيا موضوع التعليق قد حكيت في سياق الحديث عن التربية الصوفية ومقوماتها ومقاصدها ، وإن فصل الكلام عن سياقه فيه إساءة للحقيقة. فالتربية الصوفية منهج إسلامي أصيل يعمل على تزكية النفوس، ويشتغل بعيوبها طلبا للإصلاح والصلاح، واجتهد أهلها كسائر العلوم الدينية الإسلامية الأخرى في توليد اصطلاحات لها حجيتها الشرعية وفعاليتها العملية، مما هو مفصل عند اهل العلم، فلينظر في ذلك بتأن وإخلاص طلبا للحقيقة دون عجلة تسقط والعياذ بالله في المحظور. * الناطق الرسمي باسم الطريقة القادرية البودشيشية