تناول أحمد شحلان، عميد الدراسات الشرقية وعضو أكاديمية المملكة المغربية حول الحداثة في الفكر العربي الإسلامي، في محاضرة ألقاها الخميس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، إشكالية الحداثة في الفكر العربي الإسلامي من خلال مثالين بارزين: ابن رشد وابن حزم الأندلسي، موضحا مفهوم الحداثة وكيفية تطوره عبر العصور، وأنه ليس مقتصرا على ما بعد عصر النهضة؛ بل هو مفهوم قديم موجود في تاريخ الإنسانية منذ بدايات الحضارات، وهو نزوع نحو التغيير وإعادة الإنسان إلى طبيعته الإنسانية الحقيقية. شحلان أشار إلى أن ابن حزم، الذي عاش في فترة اضطرابات سياسية في الأندلس، سعى إلى تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية عبر نقده الحاد للحكام ورجال الدين؛ كما أنه كان يرى أن التعليم هو السبيل الأمثل للإصلاح والتحديث، وهو ما تجسد في مؤلفاته، خاصة في "طوق الحمامة" و"رسالة مراتب العلوم"، حيث بث دعوة للتغيير والتطوير على مستوى الفكر والسياسة والتعليم. أما ابن رشد فعانى من صراعات سياسية ودينية أيضًا، لكنه قدم فلسفة موسوعية جمعت بين الفلسفة والطبيعة والطب والمنطق، وفق الأكاديمي ذاته، الذي سلط الضوء على فلسفة ابن رشد، خصوصًا في كتابه "جوامع سياسة أفلاطون"، حيث انتقد الأوضاع السياسية والدينية في عصره ودعا إلى الحكمة والعدل؛ كما دعا إلى عقد اجتماعي يوزع الموارد على المجتمع بشكل عادل. وفي الختام أكد الأستاذ الباحث ذاته أن الحداثة تعني تحرر الإنسان من القيود، وهي سعي مستمر نحو الحرية والعدالة، كما كان يطمح إليه ابن رشد وابن حزم في فكرهما وفي محاولاتهما للإصلاح والتغيير في مجتمعهما. يذكر أن هذا الدرس الافتتاحي، الذي ترأسه مولاي المامون المريني، أستاذ العبرية ومقارنة الأديان بكلية اللغة العربية بمراكش، حضره عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية عبد الجليل الكريفة، ومحمد الكنيديري، الرئيس السابق لجامعة القاضي عياض، وأحمد قادم، عميد كلية اللغة، وجمع من الطالبات والطلبة.