الكاتب المغربي يدعوإلى إبهار الغرب بالتواصل والجدية لزعزعة يقينياته وصوره النمطية دعا الكاتب المغربي الطاهر بنجلون، إلى بلورة مشروع حضاري من أجل إبهار الغرب بالقيم المشتركة، عبر الحوار والتواصل والجدية و"زعزعة يقينياته، والأحكام المسبقة والصور النمطية التي يحملها عنا". "" وتحدث بنجلون، في مداخلة له أول أمس الجمعة في ندوة "البعد الثقافي في الاتحاد من أجل المتوسط .. أوروبا والمغرب العربي"، تنظمها مؤسسة منتدى أصيلة بتعاون مع جمعية دار ثقافات العالم، عن النظرة الاستعلائية، وسوء الفهم والجهل الكبير في بعض الأوساط السياسية ووسائل الإعلام الغربية، بالرغم من المؤهلات الثقافية الكبيرة والطاقات الفردية الناجحة لمواطني الضفة الجنوبية للمتوسط. وأشار بنجلون، عضو أكاديمية غونكور، في الندوة المنظمة ضمن أشغال جامعة المعتمد بن عباد الصيفية (الدورة 24) في إطار الموسم الثقافي الدولي لأصيلة (الدورة 31)، إلى أن "ما يحدد علاقتنا بأوروبا هو نظرتنا لأنفسنا، ونظرة الأوروبيين لنا". واعتبر بنجلون أن التاريخ، الذي خلف ندوبا عميقة وخطيرة جدا، ما زال حاضرا بقوة بين ضفتي المتوسط، فيما "نحن مدعوون، من جانبنا، إلى إجراء نقد ذاتي، إذ لا يمكننا أن نقدم أنفسنا للضفة الشمالية للمتوسط بشكل قوي وموحد إذا لم ننجح في التبادل الثقافي بيننا على الصعيد المغاربي". وأضاف الكاتب المغربي أنه "ما دام الآخر لم يصحح نظرته إلينا، فلا يمكن أن نكون شركاء على قدم المساواة"، داعيا إلى "الدفاع عن قيمنا، والتصدي لما يشوه ثقافتنا العربية الأمازيغية الإسلامية". من جهته قال عبد الله ساعف، الباحث في العلوم السياسية ومدير مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، إن المشروع الثقافي نادر ضمن مشاريع الاتحاد من أجل المتوسط المتوفرة لحد الآن، مشيرا إلى أن ما ميز النفس الجديد للمنظومة الأورومتوسطية منذ البداية هو غياب السياسة بالرغم من تركيز التصريحات الأخيرة عليها. وأضاف أن شروط برشلونة 1 (1995) لم تعد متوفرة كلها، ووقع انسداد بالنسبة لبرشلونة 2 (2005)، مشيرا إلى أنه مشروع يفتقر إلى السياسة بشكل إرادي، ويعرف غلبة البيئي والفلاحي والطاقي. وشدد ساعف، على الإيمان بحقوق الإنسان والأمن البشري وإنسانية العقل، وليس اقتصاره على جهة واحدة، وعلى أن الفرق يوجد في طريقة تملك الأشياء "وهنا يظهر عمق التاريخ، وصيرورة المجتمعات". وبدوره لاحظ الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، محمد بن عيسى " وجود بطء ملحوظ في إيقاع اشتغال" الاتحاد من أجل المتوسط، " قد يعود إلى سياق الظرفية الدولية الحالية وتداعياتها على أداء التجمعات والتكتلات" بالرغم من أنه "لم يحن بعد طور مساءلة ومحاسبة الاتحاد كونه، هو نفسه، لم يقدم حصيلة لنتائج أعماله، لا في الورش السياسي ولا في المجال الثقافي"، مشيرا إلى أن المشروع "ما زال في طور إرساء الأسس ووضع الهياكل". وأضاف بن عيسى أن المسألة الثقافية تتسم في المشروع المتوسطي بنوع من التعقيد والصعوبة، إذ يلزم "وقت طويل وجهد أكبر" قبل الحديث عن ثقافة متوسطية بمكوناتها التعددية وخصوصياتها، قادرة على إسناد فكرة الفضاء المتوسطي وبلورتها في مشاريع تعاون متكافىء ونافع بين مكوناته. وفي كلمة بالمناسبة، قال وزير الثقافة بنسالم حميش إن "ثقافتنا في المغرب في مستوى تطلعاتنا"، معربا عن أمله في أن يصير المغرب "منارة وبلدا قدوة وقاطرة لباقي البلدان المغاربية"، وعن يقينه من أن مسيرة الاتحاد المغاربي ستنجح مستقبلا، على غرار مسيرة الاتحاد الأوروبي، لأن لهما نفس الغايات والأهداف. يشار إلى أن ندوة "البعد الثقافي في الاتحاد من أجل المتوسط .. أوروبا والمغرب العربي" تواصلت بمناقشة خصوصيات الثقافة المتوسطية، وكيفية إدراك الإشكالية الثقافية وتنوعها على ضفتي المتوسط والدور الذي يمكن أن يقوم به الاتحاد من أجل المتوسط في التقارب بين الاتحاد المغاربي وأوروبا.