في فصل المقال فيما بين نيني وبنشمسي من جدال ، لابد أن نعلن في البداية أننا مع الطرفين معا وضدهما . معهما لأن من حق كل واحد منهما أن يعبر عن رأيه ويتفانى في إقناع القارئ بجدواه وضدهما لأن الأمر بات خارج قواعد اللعبة الإعلامية وبعيدا جدا عن مايصطلح عليه بأخلاقيات المهنة. فتحول قلم الرصاص إلى قلم ورصاص . "" فقد خرجت انفلونزا السجالات بين الرجلين عن حيز السيطرة الصحفية وآلت إلى مستوى تشكيل جهات أو جبهات تصعيد تنطلق اعلامياً عبر مسميات أنصار نيني أو أنصار بنشمسي والحال أنهما معا لاعبان في فريق واحد الخصم فيه هم أعداء حرية التعبير في هذا البلد أسعد السعداء بهذا المشهد الانقسامي لصحافة تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن تتوحد . ان تبادل الصحفيين التراشق عبر وسائل الاعلام أصبح يتطور بشكل ساخن وسريع، ففي الأيام الأخيرة تابعنا بكثير من الحسرة تشتت "أولاد الحجلة " الجامعي وبراوي والمرابط وعمار وتبادلهم للاتهامات والتقاذف ونشر الغسيل على صفحات الجرائد وهوما لا يمكن بالنسبة إلينا أن يكون مجرد صدفة . إنني أعتبرما يحدث بين الصحفيين تنفيذا لاجندات خاصة، تهدف الى تعطيل العمل الصحفي المستقل الذي أصبح تطوره خارج سيطرة الدولة ومزعجا كبيرا لها. فلو لم يكن طرفا السجال الصحفيان نيني وبنشمسي لجيء بغيرهما ، المهم أن ينجح الواقفون وراء هذه المسرحية في تقزيم صورة الصحافة المستقلة في بلدنا . وتأكيد النعوت التي مافتئت جهات رسمية تلصقها بها من قبيل نعتها بالصحافة المراهقة أو القاصرة . أو ماذهب إليه السيد وزير الاتصال فيما قيل أنه مبادرة لرأب الصدع بين الدولة والصحافة من تقسيم للصحفيين إلى عقلاء ومجانين مما يعزز بالنسبة إلينا نظرية المؤامرة الرامية إلى تكريس سياسة فرق تسد . ويخدم عقدة ممارسة الوصاية على الصحافة وتطويعها. يجب ان يحتاط الصحفيون من نسج المؤامرات التي تريد القضاء عليهم من خلال التصعيد المفتعل بينهم الذي سيفضي الى أكره الحلول، التجزئة والتقسيم وتعطيل الحياة الصحفية . فما يحدث بين بعض الصحفيين اليوم لا يمت للاخلاق المهنية بصلة ولا للعمل الصحفي .. هذا التراشق المتبادل بالألفاظ لن يسفر عن نهاية هذا الصحفي أو ذاك أو زيادة مبيعات تلك الجريدة أو هاته ، وانما سيحفر خندق تصعيد تدفن فيه الصحافة نفسها للأبد ويدفن معها حق المغاربة في الخبر والتحليل المستقل . ويستحيل الصراع الوجودي إلى بؤس وجودي . ماينبغي أن يعرفه بنشمسي ونيني أنهم لم يعودوا ملك أنفسهم ففي هذا البلد حيث جن العدل وفسدت السياسة وتجبرت السلطة لم يعد من نافذة يتنفس من خلالها المغاربة هواء نقيا إلا الصحافة فلا تلوثوا الهواء الوحيد الذي عليه تتوقف حيانتا . ولاتنسوا أن قلوبنا تدمي حين نشهد أقلامكم تتحول إلى رصاص يوجه منكم ضدكم . وليعلم بنشمسي ونيني انهما بعدما كانا لسان حال المستضعفين من أبناء هذا الشعب أو من يحلو لهما نعتهم ب "بوزبال" باتا لسان حال من سيسعد ويشمت كثيرا بتمييع حقل الإعلام .فباسم بوزبال نناشدكم إنهاء هذا الجدال.فمعركتم مع الحقيقة والفساد والفاسدين لم تنته بعد. واحذروا وحوروا شعارمراسلون بلا حدود إلى صحفيون متحدون بلا حدود. فشتان ما بين قلم الرصاص و القلم والرصاص . إن وجود أحدكما لايتوقف على أفول الآخر ونهايته . وأرض الصحافة واسعة وجيوب المغاربة تسع أكثر من ثمن جريدتيكما بل إنهم مازالوا مستعدين للتضحية ببعض من مستلزمات القفة اليومية البائسة في سبيل قراءة جريدة تستحق هكذا تضحية .المهم أن تكتبوا شيئا يستحق أن يقرأ . وبالمناسبة أصدقكم القول أننا كنا دائما نتوضأ قبل أن نقرأ لكما لكننا اليوم نتوضأ كلما قرأنا لكما . في الأخير دعوني أوقض السؤال المعطل في متاهات جدالكم الفارغ . هل هي مجرد صدفة أن يشتم براوي علي عمار ويرد الآخر الصاع صاعين ويكشف الجامعي عورة المرابط فيرد الأخير أن عورة غريمه لم تكن يوما مستورة . فيدخل نيني وبنشمسي على خط التماس مع النار؟ لمصلحة من يحصل كل ذلك؟ ومن يصر على أن يقول لنا هذه هي صحافتكم المستقلة؟ ألا يذكركم هذا السجال التافه بالحرب الكلامية الضروس التي انطلقت قبل أيام بين قيادات من حزب العدالة والتنمية وآخرين من حزب التراكتوروالتي استعمل فيها مالذ وطاب من الكلمات الساقطة؟ لمصلحة من تفسدون أذواقنا ؟ وأذواق أبنائنا ؟ لمصلحة من يتم تمييع كل مساحة ضيقة متبقية من الهواء الضروري لبقائنا؟