افتتحت، مساء الجمعة، فعاليات الدورة الرابعة والعشرين للمهرجان الوطني للفيلم بمدينة طنجة، حيث تجمعت ألمع الوجوه الفنية المغربية في حدث يُعتبر واحداً من أبرز الفعاليات الثقافية في البلاد. وشهد حفل الافتتاح حضوراً لافتاً لنجوم السينما والمخرجين والنقاد، مما أضفى أجواء من البهجة والتشويق على هذه التظاهرة السينمائية، التي اختارت لأول مرة قصر الفنون لاحتضان موعدها السنوي مع عشاق الفن السابع. وتخلل حفل الافتتاح عرض فني مميز يعكس غنى الثقافة المغربية، بالإضافة إلى كلمات لعدد من الشخصيات البارزة، التي أشادت بدور المهرجان في تعزيز السينما الوطنية ودعم الفنانين الشباب، مع استحضار أسماء فنية بارزة غادرت إلى دار البقاء خلال السنة الجارية. وفي خطوة تبرز أهمية الإبداع المغربي في الساحة الفنية تم تكريم اسمين لامعين في عالم السينما تحت شعار "ثقافة الاعتراف واحتفاء بمشوار الرواد المغاربة". ووسط تصفيقات وزغاريد الحضور، اعتلت الممثلة صفية الزياني خشبة المسرح رفقة ابنتها في لحظة وفاء لرائدة من رواد الفن المغربي توارت عن الأنظار خلال السنوات القليلة الماضية بسبب حالتها الصحية. وفي هذا الصدد قال الممثل عبد الكبير الركاكنة إن "صفية الزياني قامة فنية تجر وراءها تاريخاً حافلا بالعطاء الفني والإبداع لأكثر من ستة عقود، وهي من النساء الأوائل اللائي ولجن المسرح، وكان لديهن إيمان برسالة الفن في المجتمع ودوره في التوعية والتحسيس، حيث قدمت أدوارا تقمصتها بحرفية عالية وحس مرهف حتى صارت تلك الشخصيات جزءا منها". وأشار إلى أنه لا يمكن الحديث عن تاريخ الفن والتشخيص الكوميدي الدرامي دون ذكر اسم صفية الزياني لكونها فنانة كبيرة نجحت في تقمص مجموعة من الشخصيات، التي أغنت "الريبرتوار" الفني المغربي، وجاورت كبار المخرجين والفنانين داخل وخارج المغرب، وواكبت أجيالا من الرواد والشباب. وأبرز أن "الاحتفاء بصفية الزياني هو تجسيد لثقافة الاعتراف بمسيرتها الاستثنائية وإسهاماتها الفعالة منذ عقود كفنانة من طينة الكبار ومن الرعيل الأول، الذي كافح بكل إخلاص ووفاء في حب المجال الفني، ومسيرتها مصدر إلهام للجميع". كما تم خلال هذا العرس السينمائي تكريم الممثل محمد الشوبي نظير العطاء الفني الذي قدمه طيلة مشواره، وإسهاماته الكبرى في عوالم السينما والمسرح والتلفزيون، التي بصم من خلالها اسمه بحروف من ذهب. وعبر الشوبي عن فخره الكبير بالتكريم في دورة قال إنها تعرف مشاركة صقور الصناعة السينمائية والدرامية في المغرب، مضيفا أنه تكريم يثلج الصدر في ظل التطور الذي يتم تحقيقه في السينما المغربية. وفي كلمة له على هامش الافتتاح، أعرب عبد العزيز البوجدايني، الكاتب العام لوزارة الشباب والثقافة والتواصل ومدير المركز السينمائي المغربي، عن سعادته بالترحيب بالحضور في رحاب قصر الفنون، هذه المعلمة الثقافية والفنية التي يفتخر بها الجميع، مشيرا إلى أن سنة 2024 مثلث محطة بارزة في السينما المغربية كمشروع إطلاق 300 قاعة سينمائية. وقال المتحدث ذاته إنهم كمسؤولين يولون اهتماما خاصا لتطوير الخزانة السينمائية المغربية، ويهدفون إلى تثمين الأعمال السينمائية الخالدة التي قدمها الفنانون المغاربة، ويخلدها التاريخ من خلال تسليط الضوء عليها. وسجل أن الحضور سيكون هذه السنة على موعد مع احتفالية كبرى في السينما المغربية، مشيرا إلى أنه سيتم عرض أحدث الإنتاجات، وتسليط الضوء على المواهب الشابة والطاقات الصاعدة، إضافة إلى ندوات فكرية حول سبل تطوير الصناعة السينمائية بهدف خلق جيل جديد من المبدعين. من جهته قال عمدة طنجة منير ليموري، في كلمة له، إن هذا الحدث يعزز مكانة طنجة كوجهة سينمائية هامة وبارزة، مضيفا أن المدينة تملك كل المقومات لتكون فضاء رائدا للإبداع السينمائي، وأنه كان هناك عمل ومجهود كبير من أجل تأثيث الفضاء الذي يعد صرحا ثقافيا مغربيا. كما أعلن عن إطلاق اسم ابن طنجة البار الراحل نور الدين الصايل على أحد شوارع المدينة. وستتنافس هذا العام مجموعة من الأفلام المتميزة على جوائز المهرجان، وقد تم اختيارها بعناية من لجان مكلفة بهذا الغرض. كما يتضمن المهرجان ورشات عمل وحوارات مفتوحة تهدف إلى تعزيز التبادل بين الفنانين والجمهور. وتتطلع الدورة الحالية للمهرجان الوطني إلى تعزيز الهوية السينمائية المغربية، مما يساهم في تطوير صناعة السينما في المغرب.