قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، إن "رئاسة النيابة العامة تحرص على أن تجعل من حماية حقوق الإنسان ومكافحة التعذيب أولى الأولويات للسياسة الجنائية، وهو ما تعكسه التقارير السنوية لرئاسة النيابة العامة فيما يخص الجوانب المتعلقة بالمعالجة القضائية لقضايا التعذيب، ومتابعة شكايات ادعاءات العنف والتعذيب وسوء المعاملة". جاء ذلك في كلمة ألقاها الحسن الداكي، اليوم الاثنين، في افتتاح أشغال ندوة إطلاق برنامج تعزيز القدرات في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب طبقا لبرتوكول إسطنبول في صيغته المراجعة، المنظمة من طرف رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية وبتعاون من مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن. وأكّد الداكي أن "قضاة النيابة العامة يقومون بدور فعال في منع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة من خلال السهر على تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالوقاية منه ومكافحته، والتفاعل مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وكذا زيارة أماكن الحرمان من الحرية، وفتح تحقيقات في الشكاوى المتعلقة بادعاءات التعذيب المقدمة إليهم، وعرض المعتقلين على الخبرة الطبية كلما اقتضت الضرورة ذلك وفقا للمادة 73 من قانون المسطرة الجنائية". وعن سياق الندوة المنظمة بمقر رئاسة النيابة العامة بالرباط، أوضح المسؤول القضائي أن "اعتماد هذا البرنامج التكويني التخصصي يأتي في إطار مواكبة انخراط المملكة المضطرد في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وترجمة إرادتها الراسخة في تكريس مبادئ حقوق الإنسان وضمان التمتع بها من خلال مجهود متواصل لإدماج المعايير الدولية المترتبة عن الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية في التشريعات الوطنية واستحضارها في الممارسات اليومية لمختلف المؤسسات والجهات المعنية". وقال رئيس النيابة العامة إن "اعتماد الدستور المغربي لسنة 2011، الذي يعد ميثاقا للحقوق والحريات الأساسية، ولا سيما ما تضمنته مقتضيات الباب الثاني المتعلق بالحقوق والحريات وغيرها من المقتضيات التي جاءت بمزيد من الضمانات القانونية والقضائية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، شكل ركيزة أساسية لانطلاق العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية". وفي هذا الصدد، ذكّر الحسن الداكي ب"مقتضيات الفصل 22 من الدستور التي تنص على حماية السلامة الجسدية والمعنوية للأشخاص، وعدم جواز معاملة الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة من الكرامة الإنسانية، وعلى تجريم التعذيب بكافة أشكاله، ومقتضيات الفصل 23 التي تعزز الضمانات القانونية الأساسية لحماية حقوق المتهم، بما في ذلك الوقاية من التعذيب وسوء المعاملة". وأضاف الداكي أن تلك المقتضيات "نصت على احترام الإجراءات القانونية المطبقة في حال إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، وإخبار كل شخص تم اعتقاله بشكل فوري بدواعي اعتقاله وبحقوقه التي منها الحق في التزام الصمت، وتمكينه من الاستفادة من المساعدة القانونية، والاتصال بأقربائه طبقا للقانون، كما نص هذا الفصل على ضمان قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة، وتمتيع الشخص المعتقل بحقوق أساسية وبظروف اعتقال إنسانية"، مشيرا إلى أنها "الضمانات القانونية الأساسية نفسها التي كرسها قانون المسطرة الجنائية في المادة 66 منه، ولا سيما الحق في الاتصال بمحام، والحق في التزام الصمت، والحق في الاتصال بالأقارب". وجاء ضمن الكلمة ذاتها أن "اعتماد هذا البرنامج الخاص الذي يأتي في إطار مواصلة تنفيذ برنامج تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان، سيشمل ثلاث دورات تكوينية سيتم تأطيرها من طرف خبراء دوليين، من بينهم من شاركوا في إعداد الصيغة المراجعة لبرتوكول استنبول وآخرون لهم خبرة وتجربة في هذا المجال". وأفاد الحسن الداكي بأن "الدورة التكوينية الأولى ستنعقد بالمعهد العالي للقضاء خلال يومين، ابتداء من يوم غد، لفائدة 50 مشاركا من قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم وفاعلين آخرين معنيين، ولا سيما ممثلين عن الشرطة القضائية والمندوبية العامة للسجون وممثلين عن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أن يتم تنفيذ دورتين إضافيتين لاحقا، ليبلغ عدد المستفيدين منه ما يناهز 150 مشاركا ومشاركة من الفئات المذكورة"، مضيفا أنه "سيتم تنظيم دورة خاصة لفائدة مجموعة من الأطباء الشرعيين، ودورة خاصة بتكوين المكونين وتكوين فريق لإعداد دليل وطني خاص بالموضوع".